الرياضيات > الرياضيات
ألوان الأرقام : رؤىً من عالمنا الرّياضي
يقولُ أليكس بيلوس:" إحدى أَهمّ إِيجَابِيّاتِ عَمَلي – الكتابة عنْ الرّياضياتِ – هِي أَنني أَتَعلّمُ رِياضيّاتٍ جديدةٍ في كُلِّ مَرّةٍ حَيثُ تَعلّمتُ منَ كِتابي السّابق أَكثرَ منْ أَيّ مَشروعٍ سبق وشاركتُ بهِ".
قَد يَبدو هذا التَّصريح غريبًا خاصّةً أَنَّ كِتاب بيلوس الجَديد " Visions of Numberland رؤىً من أَرضِ الأَرقَام " هوَ كِتابُ تَلوينٍ لكنَ هَدَفه وَهدفَ مُساعِده Edmund Harriss كانَ اَكبرُ من تَقديمِ صورٍ جميلةٍ لِلتّلوين وَحسب، بل تَقديمُ مَجموعةٍ مِنَ الصّورِالجّميلةِ والّتي تُقدّمُ للقارئِ أفكارًا رياضيّةً عميقةً "
مِمّا يَعني أَنَّهم بَحثوا في مُختلفِ المَجالاتِ الرِّياضيّةِ لِإيجادِ صورٍ مِنَ المُذهلِ النَّظرُ إِليها والتَّفكيرُ بِها، فالصّورُ مُستمدّةٌ منْ أفكارٍ مثلِ نَظريّةِ الأرقامِ والتبولوجيا والهندسةِ الإسقاطيّةِ والهندسةِ رباعيّةِ الأبعادِ والرّياضياتِ الِإحصائيّةِ والرّياضياتِ التَّوافقيّةِ وهندسة كُسيريّة
وَعلمِ الحاسوبِ والحسابِ ونظريّةِ المجموعاتِ وأشكالِ الواحداتِ والحسابِ المعقّدِ ، ومجموعاتِ لي Lie groups، والفسيفساءِ والأنظمةِ الدّيناميكيّةِ والعديد من المجالاتِ الرّياضيّة الأخرى.
لا تخفْ حَتى وإِن كانَ هَذا الكتابُ يحتوي عَلى مجالاتٍ لاتَعرفها ولن تَسمع عنها إلّا في درجاتِ الاختصاصِ ومَابَعدها لكنْ مع ذلك فنحن نَعتقدُ بِأنّهُ منْ الممكنِ دمجُ الصّورةِ والمفهومِ ( كما أَنّنا وضعنا خَلف كل ِصورةٍ شرحُ المفهومِ المتعلّق بها )
هذا الكتابُ مناسبٌ لجميعِ محبّي الرّياضيّاتِ وليسَ للّذينَ يُحبونَ التلوينَ وحسب.
اذاً هَذهِ أَربعُ صورٍ منَ الكتابِ مع شرحِ المفهومِ وَرائَها :
1- تَخمينُ كولاتز :
قمْ بِأخذِ أيِّ رَقمٍ ، إذا كانَ الرَّقم الّذي اخترتَهُ زَوجيًّا قُمْ بِتَقسيمهِ على اثنان أَمّا اذا كانَ فَرديًّا قُمْ بِمُضاعفَتهِ ثلاثَ مرّاتٍ وَأضفْ لهُ وَاحداً ثُمّ قُمْ بِتَقسيمهِ على العدد 2 وكرّرْ هذهِ العمليّةَ حتّى تَحصلَ على 1 ، مثلًا إذا بَدأتَ بِالرقمِ 13 فَسوفَ تُضاعفهُ ثَلاثَ مَرّاتٍ ثُمَ تَقومُ بِإضافةِ 1 وتَقسيمهِ على اثنانِ فَسيصبحُ 20 وهوَ رقمٌ زوجيٌّ فِنقومُ بِتقسيمهِ مُجدّدًا وتَستمرُ السّلسلةُ حَتّى نَحصلَ على 10 ، 5 ، 8 ، 4 ، 2 ، 1 وينصُّ تَخمينُ "كولاتز" بِأنّهُ بِغضِّ النّظرِ عنْ الرّقمِ الّذي بَدأتَ بِهِ فَسَتَحصلُ عَلى 1 في نهايةِ المطافِ، هَذا التَخمين هوَ اَحدُ أَكثرِ الأَلغازِ شُهرةً بِسببِ سُهولتهِ، لكنّهُ مَازالَ بِلا إثباتٍ ولمْ يَجد أَيُّ شَخصٍ بَعد رقماً لا يُحقّقُ هَذا التّخمين، لكنَّ ذلك ليسَ بالدّليلِ الكافي لإِثباتهِ .
إذاً ، لمَاذا تُشبهُ هذهِ المُعضلةُ الرّياضيةُ الصّورةَ أعلاه ؟
ماقام به "Edmun" إيدموند هُوَ رسمُ شجرةٍ تَبدأُ مِنَ الرقمِ اثنانِ (والّذي سَيصبحُ 1) لجميعِ الأَرقامِ كالرّسمِ أَدناه ، ثُمَّ للتّعبيرِ بَصريًّا عنْ الأرقامِ الفرديّةِ (الّتي يَجبُ مُضاعفتُها ثلاثَ مرّاتٍ ثمَّ إضافة 1) والزوجيّةِ (الّتي تُقسمُ على اثنان) فبدءًا منْ اثنانِ إذا كانَ الرّقمُ التّالي زَوجيًّا سَينحني الفرع مع اتّجاهِ عَقاربِ السّاعةِ أَمّا إذا كانَ فَرديًّا سَينحني الفرعُ بِعكسِ اتّجاهِ عَقاربِ السَّاعةِ ، ثُمَ يَقومُ بِمحي الأرقامِ. كَما فِي الصورةِ
تَحتوي هَذهِ الصُّورةُ جَميعَ الأَرقامِ الأَقلَّ مِنَ 10.000 والّتي تَبدو مِثلَ شَبكةٍ مِنَ الأَعشابِ البَحريّةِ، هَذهِ الصّورةُ المرسومةُ بِشكلٍ جَميلٍ تُظهرُ كَيفَ يُمكنُ أَن يَنشأَ التّعقيدُ الجميلُ مِنَ الخَوارزميّاتِ البَسيطةِ .
الصورة :
نظريّة الهيري بول (Hairy ball theorem):
تَنصُ نَظريةُ الهيري بول بِأَنّهُ مِنَ المُستحيلِ تَمشيطُ جِسمٍ كرويٍّ وَعِرٍ بِدونِ أن يكونَ هناكَ منطقةٌ واحدةٌ شائكةٌ على الأقلِّ.
ونَتيجةً لهذهِ النَظريةِ فَإنّهُ سَيوجدُ دَائِمًا مكانٌ واحدٌ عَلى سطحِ الأرضِ حَيثُ لا تَتوَاجدُ اِلتفافاتٌ، والنّتيجةُ هي النظريّةُ الأساسيّةُ في الطبوغرافيا وهُوَ العلمُ الرّياضيُ الّذي يَدرسُ التَّمدداتِ والضّغوطَاتِ والانحناءاتِ، وإذا قُمتَ بِتمديدِ أو ضَغطِ الكرةِ الوعرةِ إلى شكلٍ جديدٍ فَمنَ المستحيلِ لِهذا الشَّكلِ الجَديدِ أنْ يُصبحَ مُسطّحًا.
مكعّبُ نيوتن :
بَقيَ اِسحاقْ نيوتن في عَامِ 1666 في مزرعةِ والدتهِ خَوفًا منَ الطَّاعونِ، الّذي كانَ يَسحقُ المدنَ، وعَمِلَ على ما سَمّاهُ "طَريقةُالتّفاضلِ" وهوَ طريقةٌ لحسابِ مَيلِ المنحنياتِ.
وفي وثيقةٍ تُدعى "مَسالك 1666" قامَ بِالتّحقُّقِ من خَصائصِ المُنحني،
x^3 – abx + a^3 – cy^2 = 0
حيثُ a وَ b وَ c هي أرقامٌ ثابتةٌ، تُعرَفُ هذهِ المعادلةُ بالمكعّبِ لأَنَّ أعلى قِيمةِ أُسٍّ (أو قوّةٍ) فيها هي قيمةٌ مكعّبةٌ، والصّورةُ أعلاهُ هي اِنحناءُ هَذهِ المعادلةِ عِندما
a = 1, c = 4 و b في المجال من 8 إلى -8
" طُرقُ التّفاضلِ " عُرفت لاحقًا باِسم " التّفاضل" وَهيَ الآن إحدى المبادئِ الأَساسيّةِ في الحسابِ.
دائرة القطب الشّمالي :
تُمثلُ هَذهِ الصُّورةُ نَماذجَ التَّغييرِ المفاجىءِ - أو المرحلةَ الانتقاليّةَ - بينَ الصّلبِ والسّائلِ ، مثلًا عِندما يَذوبُ الجليدُ فإِنَّ المُسدّسَ الكبيرَ سَيمتلىءُ بِبلاطاتٍ صغيرةٍ علىَ شكلِ مُعيّناتً (كَما هي الصّورةُ أدناهُ) ويُمكنُ اَنْ تُشيرَ كُلُّ بلاطةٍ إلى جِهةٍ منْ ثلاثِ جهاتٍ مُمكنةٍ وَحسبْ.
هُناكَ عَددٌ كَبيرٌ من تَرتيباتِ البِلاطِ الّتي سَتُشكّلُ الشَكلَ السُّداسيَّ لكنْ سَتَحتوي جَميعُ التَّرتيباتِ المُمكنةِ تَقريبًا على مَجموعاتٍ كبيرةٍ مِنَ البلاطِ " المجمّد" لهُ نَفسُ التَّوجهِ قُربَ الحوافِ، فَكما تَعلمون اسم النّظريّة "القطب الشّمالي" وفي كلماتٍ أخرى فإنّ الشَّكلَ السُّداسيَّ يَفرضُ هَيكلًا مُختلفًا عِندَ الزّوايا وليسَ الوسطَ فَيُعطي بِذلك انتقالًا مفاجئًا بينَ التّنظيمِ والفَوضى.
تَظهرُ هذهِ النّظريّةُ بوضوحٍ في الصّورةِ المقرّبةِ فوق، حيثُ البلاطاتُ المتجاورةُ لها نَفسُ التّوجّهِ.
أَرجو أَن تكونَ هذهِ الصّورُ قد أَعطتكَ نَكهةَ الكتابِ ، ونتمنى أَن نَكونَ قَدّمنا نظرةً مُقربةً عن عالمِ الرّياضياتِ بالإضافةِ إلى مادّةٍ جميلةٍ للتّلوينِ.
نُشرَ هذا الكتابُ في المملكةِ المتّحدةِ باِسم "رؤىً من عالم الألوان" بينما في الولايات المتحدة باِسمِ " رؤى الكون"
المصدر :