الطب > مقالات طبية
هل يمكن للدغة حشرة أن تكون قاتلة؟
في اللّيالي الصّيفيّة الحارّة تنشط الحشرات وتبدأ بممارسة هوايتها المفضلّة في اللّدغ، لنستيقظ صباحاً "إن تمكنّا من النّوم" ونجد آثارها على أجسامنا، أغلبنا لا يشعر بالأمر إطلاقاً والبعض يعاني من بقعٍ حمراء منتفخة حاكّة سرعان ما تزول بعد بضعة أيام دون أيّةِ مضاعفات، لكن هل سمعت يوماً باللّدغة المميتة؟
لا يتعلَق الأمر بحشرةٍ مؤذية فتّاكة أو بطفرة تطوّريّة طرأت على بعض أنواع الحشرات، بل بالمريض نفسه، وبالتّحديد بجهازه المناعيّ الشّديد الحساسيّة الّذي يُهيّأ ردودَ فعلٍ شديدة تحت اسم الصّدمة التأقيّة، فما هي الصّدمة التأقية وما هي أعراضها؟
الصّدمة التأقية "Anaphylaxis" ردُّ فعلٍ مناعيٍ شديد ومفاجئ، قد يسبب الموت في حال عدم السّيطرة عليه، يحدث عند وجود أجسام مضادة في الجسم لبعض المستضدّات "مواد تثير الاستجابة المناعية" الّتي تكون في طبيعة الحال غير مؤذية، لكنّها تثير عند المعرّضين للصدمة التّأقية صدمةً مناعيّة عند دخول كميّة ولو قليلة من هذه المستضدّات إلى الجسم، وهذه المواد شديدة التّنوع و تختلف المحرِّضات من مريض إلى آخر كبعض المواد الغذائية "كالسّمك والحليب والبيض والفول السوداني.." أو بعض الأدوية مثل البنسيلين. وعلاوة على ذلك تتنوع الحشرات التي تسبب التأق، كالنَّحل والدبور والنمل اللاسع وقد يسبِّبه الذُّباب والبعوض.
ماذا يحدث في الصدمة التأقية؟
تظهرُ الأعراض فجأة وتتطوّر بسرعة، قد تكون الأعراض الأوّليّة متوسّطة الشدة كاحمرار الأنف و الطّفح الجلدي، ثمّ تبدأ الأعراضُ الأكثرَ تعقيداً بالظّهور والتي تتمثّل بصعوبة التّنفس والشّرى وتورُّم الجلد وضيقِ الحلق (يشمل البلعوم والحنجرة) وبحّةِ الصّوت، بالإضافة إلى الأعراض الهضميّة كالغثيان والإقياء والآلام البطنيّة والإسهال ومن ثم الّدوخة التي تُتبع بالإغماء، كما تكون الأعراض مصحوبة بانخفاض ضغطِ الدّم وتسرُّع معدّل القلب وفي النّهاية يتوقّف القلب وتحدث الوفاة عند عدم اتخاذ التّدابير اللّازمة. قد تتكرّر الصّدمة التّأقية في المستقبل، وقد تكون "النوبة" الأوليّة متوسّطة مقارنةَ مع النّوبات المستقبليّة.
العلاج:
عند الشّك بصدمة تأقيّة يجب إسعاف المريض فوراً ومنذ بداية الأعراض الأوليّة وخاصّة عند وجود سوابق مرضيّة.
كما تُتَّخذُ التّدابير الطبيّة اللّازمة حيث يتم تزويد المريض بالإيبينيفرين " الأدرينالين" لتخفيف صدمة الحساسيّة، فهو يزيد من تقلُّص العضلة القلبيَّة ويوسِّع الطّرق التنفسية، كما تُعطى مقلِّدات بيتا الّتي تحاكي عمل الأدرينالين ويتم إعطاء الأوكسجين للمساعدة على التّنفس بسهولة،ويمكن إدخال أدوية مضادات الهيستامين والكورتيزونات بالطريق الوريدي لتخفيف التّفاعل الإلتهابي في المجاري التنفسية.
وبالتّأكيد تبقى الوقاية من جميع مسببات التأق العلاجَ الأمثل عند الأشخاص الذين تعرضوا له من قبل.
المصادر: