علم النفس > الصحة النفسية
قلق الابتعاد عن هاتفك المحمول, هل تعاني من النوموفوبيا؟
إنَّ ما يسمى برهاب الابتعاد عن الهاتف أو النوموفوبيا Nomophobia أصبح منتشراً بشكلٍ كبير بين مستخدمي التكنولوجيا وخصوصاً طلاب الجامعات، يُعدُّ المُصطلح اختصاراً لـ: “no-mobile-phone phobia”، ويعرف بالخوف من عدم توفر الهاتف أو إمكانية التواصل الإلكتروني. وتمَّ إطلاق هذا الاسم على هذا النوع من الرهاب من قِبَل منظمة أبحاث بِاسم يوغوف YouGov عام 2010، التي قامت بدراسةٍ على أنواع القلق التي يعانيها مستخدمو الهواتف النقالة. أظهرت الدراسة أن 53% من مستخدمي الهاتف النقال في بريطانيا يعانون من القلق حين يفقدون هواتِفهم أو حين ينتهي شحن البطارية أو يفقدون التغطية.
وجَدَت الدراسة أنَّ حوالي 58% من الرجال و47% من النساء يعانون من هذا الرهاب. بالإضافة إلى أنّ 9% منهم يعانون من الضغط النفسي عند إطفاء هواتفهم. أشارت الدراسة أنّّ الضغط الذي ينتجه الابتعاد عن الهاتف يمكن أن يكون أكبرَ من ذلكَ الذي يُنتجه التخطيط لحفل الزواج أو الذهاب إلى طبيب الأسنان.
دراسةٌ جديدة قامتْ على الأشخاص الذين يعانون من نوموفوبيا شديدة والذين يعانون من نوموفوبيا خفيفة لتقارن بينَهم فيما يتعلق بفهمِهم لعلاقاتهم مع هواتفهم. قام العلماء بأخذ معلوماتِ 201 طالبٍ جامعيٍّ في كوريا الجنوبية، أعمارهم من الـ 18 إلى 37، وسألوهم أسئلةً حول استخدامهم لهواتفهم وعلاقاتهم معها.
وجدوا أنَّه من الطبيعي أن يَعتبر هؤلاء الشخص أنَّ هواتفهم هي امتداُد لشخوصهم، "وخصوصاً عندما يستخدمون هواتفهم من أجل المشاركة والتخزين والوصول إلى ذكرياتٍ تحدد هُوِيَّاتهم." هذا ما يقوله (كي جون كيم) وهو بروفسورٌ مساعدٌ حائزٌ على شهادة الدكتوراه في الإعلانِ والاتصالات من جامعة المدينة في هونغ كونغ.
حسب الدراسة يعاني الأشخاص ذَوُو المستوى العالي من النوموفوبيا، من آلام الرسغ والرقبة المرتبطةِ باستعمال الهاتف بشكلٍ متكررٍ أكثرَ من باقي الأشخاص، بالإضافة إلى حالاتٍ كثيرة من تشتت الانتباه في العمل والدراسة. يقول كيم: "يمكن لهذه الأعراض أن تؤثر سلباً ليس فقط على الحالة الجسدية لمستخدم الهاتف وإنَّما على نوعية حياته بشكلٍ عام أيضاً". وهذا ما يدعم موجوداتِ دراسةٍ سابقةٍ أظهرت أن الابتعاد عن الهاتف يُحرِّضُ ارتفاعاً في معدّل نبضات القلب والضغط الشرياني.
تقول (بريندا كاي وايدرهولد)، الحائزة على شهادة الدكتوراه ومديرةُ تحرير صحيفة الجورنال، أنَّ رهاب الابتعاد عن الهاتف هو قلقٌ نفسي حقيقي، ويجب أن يُعالَجَ مثلما يعالج ما يشابهه من أنواع القلق الأخرى بطُرقٍ مختلفة مثل المعالجة النفسية المباشرة. ويؤكد الباحثون أن النوموفوبيا قد تدل على وجود اضطرابٍ نفسيٍّ آخرَ يتظاهر باعتماد المريض على التواصل الافتراضي من وراء الشاشات بدل التواصل الحقيقي.
ومع التزايد اليومي الكبير في الاعتماد على الأجهزة الذكية، والتطور الكبير والواسع في التكنولوجيا وطرق تفاعلها مع البشر، يُتوقَّعُ أن تتزايد مشكلة النوموفوبيا انتشاراً وما يرافقها من المخاطر التي تشكلها على الصحة النفسية والجسدية.
دعونا نبدأ بخطواتٍ صغيرة، كاستخدامِ هواتفنا بأوقاتٍ محددة من اليوم، والصيامِ عن استعمال أجهزتنا الإلكترونية ليومٍ أو أكثر كلَّ شهر، أو أن نحاولَ التواصل مع أصدقائنا وأحبائنا بشكلٍ مباشر لوقتٍ يساوي على الأقل الوقت الذي نستخدم فيه هواتفنا للتواصل معهم.
قد لا يكون الموضوع سهلاً في البداية، ولكنَّ معرفة مخاطر الإدمان على الهاتف المحمول هي الخطوة الأولى للتخلص منه، أطفِئ هاتفك وتحرَّر منه الآن!
المصادر: