الهندسة والآليات > التكنولوجيا
حلم السّيّارات الطّائرة أصبح قريبًا
سواءٌ كانت أسرابُ الرّوبوتات الطّائرة تهبط لإيصالِ الطّرودِ أو تحدِّدُ أماكن الضّحايا في مناطقِ الكوارثِ، يمكنها أن تمتلكَ العديد من التّطبيقات، هذا ما وجدته دراسةٌ جديدةٌ، حيث قالت إنَّ الرّوبوتاتِ تستطيع الانتقالَ من القيادةِ الأرضيّةِ إلى الطّيران من دون أن تتصادم مع بعضها وبذلكَ توفِّرُ منافعَ تتجاوزُ ما يعرضه الخيال العلميُّ عادةً من سيّاراتٍ طائرة.
القدرةُ على الطّيرانِ والمشي معًا متواجدةٌ في الطّبيعةِ، وكمثالٍ هناك العديدُ من الطّيورِ والحشراتِ والحيواناتِ الأخرى تستطيعُ فعلَ الشّيئَين.
تستطيع الرّوبوتاتُ الّتي تمتلك هذا التَنوّعَ في الحركة أن تطيرَ فوق العوائقِ الأرضيّةِ وتسير تحت العقباتِ الهوائيّةِ. يقول Brandon Araki براندون أراكي، المؤلِّف الرّئيسيُّ في هذه الدّراسةِ، وهو عالم روبوتاتٍ في مخبر علومِ الحاسوب والذّكاءِ الصُّنعيّ في معهد ماساتشوستس للتّكنولوجيا، أنَّ الرّوبوتاتِ الحاليّةَ القادرةَ على نظامِ حركةٍ معيّنٍ تكون سيّئةً في الأنظمةِ الأخرى.
كان براندون أراكي سابقًا قد طوّر روبوت مع مديرة المختبر نفسه دانييلا روس Daniela Rus عندما كان لا يزال طالبَ تخرّجٍ، أسمَوه "القرد الطّائر"، وزنه أقلُّ من 1/10 من الباوند (حيث أن الباوند = 0.45 كغ). هذا الرّوبوت جزءٌ من جيلٍ جديدٍ من الرّوبوتات القادرةِ على التّفاعل مع البيئةِ المحيطةِ والتّعديلِ عليها، بواسطةِ القدرات المشتركة مع الرّوبوتاتِ ذواتِ الأرجلِ والطّائرة أيضًا.
كان يستطيع الزّحفَ والطّيران والإمساكَ بالأشياءِ ممّا أعطاهُ القدرةَ على القيامِ بمهامَ معقَّدةٍ مثل القفزِ فوق العوائقِ والزّحفِ تحتَ أو خلال الفتحات الصّغيرة، خصوصًا أنّ بنيته الأساسيّة هي أصغرُ *كوادكوبتر في العالم وتُسمى (The Dragonfly) ويُقاد بمحركٍ وحيدٍ. مع ذلكَ كان على الباحثينَ أن يُبرمجوا للقردِ الطّائرِ مساراتٍ ليسلُكَها، بمعنى أنّه لم يكن يستطيعُ إيجادَ الطُّرقِ الآمنةِ بنفسه.
طوّر الباحثون اليومَ سيّاراتٍ طائرةٍ تستطيع الطّيرانَ والقيادةَ ضمن نظامِ محاكاةٍ يشبه المدينة ويوجد فيه أماكنَ ركنِ السّيّارات ومنصّاتِ هبوطٍ ومناطق حظرِ طيرانٍ. يقول الباحثون أنّ تلك الطّائراتِ يمكن أن تتحركَ آليًّا بدونِ الاصطدام ببعضها البعض. يقول أراكي لمجلة Live Science: "يمكن لمركباتنا أن تجدَ مساراتِها الآمنةِ الخاصّة".
وضع الباحثون محركين بعجلاتٍ أسفلَ كلِّ واحدةٍ من ثمانيةِ طائراتٍ رُباعيّةِ المحرِّكات (كوادكوبتر)، وذلكَ لتمكينها من القيادةِ على الأرض. عند المحاكاةِ، استطاعت تلكَ الرّوبوتاتُ أن تطيرَ لارتفاعِ 90 مترًا وتقود لمسافة 252 مترًا قبلَ أن تفرغ البطّاريّات.
طوّرَ علماء الروبوت خوارزميّات لتضمنَ عدم تصادمِ الرّوبوتات مع بعضها. وصمّموا بلدةً مُصغّرَةً مستخدمين موادًا من الحياةِ اليوميّةِ مثلَ القماش لصنع الطُّرُقِ والورقِ المقوّى للأبنيّةِ، وعند الاختبارِ نجحت الرّوبوتاتِ باستكشافِ المدينةِ من نقطةِ البدايةِ إلى النّهايةِ في مساراتٍ لا تصادميّةٍ.
يقول الباحثون أنّه تمَّ زيادةُ وزن كلِّ طائرةٍ عبرَ إضافةِ تجهيزاتِ القيادةِ الأرضيّةِ، هذا ما قلّلَ عمر البطاريّةِ وبالتّالي المسافةَ القصوى الّتي تستطيعُ أن تُحلِّقَ خلالها بنسبةِ 14% وذلك بسبب الوزن الزّائدِ. مازالت القيادةُ الأرضيّةُ فعّالةً أكثرَ من الطّيرانِ حسب العلماء، وذلكَ بتجاهلِ الضّياعِ في فعاليّةِ الطّيرانِ القليلِ نسبيًّا والنّاتجِ عن الوزنِ المُضاف.
يقول أراكي: "إنّ النّتيجةَ الأهمَّ في بحثنا هي أفضليّةُ وفعاليّةُ المركباتِ الّتي تستطيعُ الطّيرانَ والقيادةَ الأرضيّةَ أكثرَ من المركباتِ الّتي تستطيعُ القيادةَ الأرضيّةَ فقط أو الطيرانَ فقط".
هناك محاولاتٌ دائمةٌ لشركاتٍ أخرى لصنعِ مركباتٍ هجينةٍ ولو لم تكن مؤتمتةَ الطُّرُقِ. في السّابعِ من آذار الماضي في هذا العام 2017 كشفت شركةُ Airbus عن مشروعِ سيّارتها المتحوّلةِ الجديدة Pop.Up في معرضِ المحرِّكات الدّوليِّ في جنيف Geneva International Motor Show، وذلك عبر فيديو يوضِّحُ عملها. حيث أنَّها تعملُ على ثلاثِ مستوياتٍ: المستوى الأوّل هو الكبسولةُ الّتي يصعدُ فيها الرّاكبُ والقادرةُ على الارتباطِ بأرضيّةٍ مُقادةٍ كهربائيًّا، بالإضافةِ إلى النّقلِ الجويِّ عبر نظامِ نقلٍ عام، والثّاني هو قدرتها على اختيارِ الطّريقِ الأفضلِ بين الأرضِ والسّماءِ للوصولِ لهدفِ الرّاكبِ، والثّالث هو وجودُ شاشةِ مستخدِمٍ تفاعليّةٍ تُعطيه معلوماتٍ عن الأماكنِ المُهمَّةِ الّتي يطير فوقها. كلُّ هذا موضَّحٌ في الفيديو أدناه. ولم تعطِ الشّركةُ إطارًا زمنيًّا للبدءِ بالمشروع.
رابط الفيديو: هنا
أعلنت شركةٌ أخرى عن سيّارةٍ طائرةٍ أيضًا، وهي شركةُ هندسةٍ سلوفاكيّةٍ AeroMobil. حيث قالت أنّها بنت نموذجًا للطّائرةِ وستكون متوفّرةً في الأسواقِ لمن يطلبها مسبقًا قبل نهايةِ هذه السّنة 2017. وأعلنت أنّها ستكون صديقةً للبيئةِ أيضًا كونُ محرِّكها هجينُ الوقود. رصدت الشّركةُ 3.2 مليونَ دولارٍ من أجلِ البدءِ بإنتاجِ الطّائرةِ بعد الاختبارِ النّاجحِ للنّموذج. الفيديو الرّسمي للنّموذجِ أدناه.
أمّا بالنّسبةِ لمشروعِ براندون أراكي وزملائِه، نبَّهَ الباحثونَ أنَّه ليسَ في القريبِ العاجلِ سنرى أسرابَ سيّاراتِ الأجرةِ الطّائرةِ المؤتمتةِ. يقول أراكي: "نظامُ الطّائراتِ الحاليِّ ليسَ قويًّا كفايةً ليحمل النّاس". هذه التّجاربُ على الـ "الكوادكوبتر" تساعدنا في استكشافِ الأفكارِ المختلفةِ المتعلِّقةِ بالسّيّاراتِ الطّائرة.
قام العلماءُ بتفصيلِ ما توصَّلوا إليه من نتائجَ في المؤتمرِ العالميِّ لمعهد مهندِسِي الكهرباءِ والالكترونيّاتِ عن الرّوبوتاتِ والأتمتةِ في سنغافورة في 1 حزيران الماضي.
شرح المفردات:
*كوادكوبتر: الطّائرة العموديّة ذات الأربع محرِّكات (مراوح)
المصادر: