الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة
الثّعالبُ صديقةُ الإنسان
تقومُ الطّبيعةُ عادةً بالاعتناءِ بنفسها بشكلٍ جيّد... إلى أنْ يأتيَ الإنسانُ ويعبثَ بها! حيثُ قدْ يكونُ تدميرُ المساكنِ الطّبيعيّةِ والصّيدُ الكثيفُ منْ أهمِّ أسبابِ ارتفاعِ معدّلِ الإصابةِ بمرضِ اللايم Lyme Disease، وهو مرضٌ معدٍ يصيبُ الإنسانَ عنْ طريقِ حشراتِ القراد، ويسبّبُ شعوراً مزمناً بالإعياء، وآلاماً في المفاصل.
تشيرُ دراسةٌ جديدةٌ حولَ العلاقةِ بينَ حشراتِ القراد، والفئران، والحيواناتِ الّتي تتغذّى على الفئرانِ - خصوصاً الثّعالبَ الحمراءَ وحيواناتِ السمّور - إلى أنَّ ازديادّ معدّلِ الإصابةِ بالأمراضِ الّتي ينقلها القراد قدْ يكونُ نتيجةً لانخفاضِ أعدادِ الأعداءِ الطّبيعيّةِ للقوارض، الّتي تخيفها وتدفعها إلى الاختباءِ في جحورها.
حيثُ تعتمدُ يرقاتُ القراد بعدَ فقسِ بيوضها على دماءِ الفئرانِ وثديّياتٍ صغيرةٍ أخرى لغذائها، وانخفاضُ أعدادِ الحيواناتِ المفترسةِ كالثّعالبِ يوفّر حريّةَ تجوّلٍ أكبرَ للثّديّيات الصّغيرة، ممّا يجعلها وليمةً شهيّةً لحشراتِ القراد.
وضعَ الباحثُ Tim R. Hofmeester - خلالَ فترةِ الدّراسةِ - كاميراتٍ في 20 موقعاً مختلفاً في الرّيفِ الهولنديّ لقياسِ نشاطِ الثّعالب.
كانتْ بعضُ هذهِ الكاميراتِ في مواقعَ آمنةٍ بالنّسبةِ للثّعالب، وبعضها الآخر كانَ في مواقعِ صيدٍ كثيفٍ لها، وبعدَ سنتينِ من العملِ الجاهدِ - حبسُ فئران، عدّ القراد، اختبار القراد، وجرّ غطاءٍ على الأرضِ لأسرِ المزيدِ من القراد - كان لدى هوفميستر بياناتٌ بنتائجَ حاسمةٍ تقريباً.
في المناطقِ حيثُ كانَ نشاطُ الحيواناتِ المفترسةِ أكبر، وجدَ فقط 10 إلى 20% منَ القراد الّذي فقسَ حديثاً على الفئران، وبالتّالي، سيكونُ هناكَ عددٌ أقلُّ منَ القراد الحاملِ للعواملِ الممرضةِ يُمرَّر إلى الجيلِ الجديدِ منّ الفئران.
الغريبُ في الأمرِ أنَّ المناطقَ الّتي شهدتْ نشاطاً أكبرَ للحيواناتِ المفترسةِ لمْ يكنْ فيها أعدادٌ أقلُّ منَ الفئران، فقطْ أعدادٌ أقلُّ منَ القراد الحاملِ للمرض.
ويفسّرُ هوفميستر ذلكَ بأنَّ نشاطَ الحيواناتِ المفترسةِ قامَ بالحدِّ من تجوالِ الثّديّياتِ الصّغيرة، وكانَ ذلكَ كافياً لتشكيلِ أثر.
يقولُ Dr. Taal Levi وهوَ عالمُ بيئةٍ في جامعةِ أوريغون أنَّ هذهِ هي أوّلُ دراسةٍ تُظهِرُ بشكلٍ واضحٍ أنَّ الحيواناتِ المفترسةَ مفيدةٌ للصّحّةِ فيما يتعلّقُ بالعواملِ الممرضةِ الّتي يحملها القراد.
بينما تنتشرُ الأمراضُ الّتي ينقلها القراد في الغربِ الأوسطِ الأمريكي، وكندا، والمناطقِ العاليةِ في أوروبا، وجدَ العلماءُ أنَّ قتلَ الغزلانِ والرّشَّ بالمبيداتِ الحشريّةِ لا يجدي نفعاً، ويبدو أنّهُ علينا ترك الطّبيعةِ تأخذُ مجراها.
إذا أثبتتِ المزيدُ منَ الأبحاثِ نتائجَ هذهِ الدّراسةِ، قدْ يدفعُ ذلكَ المسؤولينَ عنِ الصّحّةِ العامّةِ إلى القيامِ بخطواتٍ لحمايةِ الثّعالبِ وحمايةِ مساكنها عندما يتمُّ استثمارُ هذهِ الأراضي.
وهذا هوَ الحلُّ المنطقي، لكنْ يبقى السّؤالُ الآن: هلْ سنكونُ أذكياءَ بما يكفيْ لنجعلَ الطّبيعةَ حليفةً لنا؟
المصدر: