فيسبوك تعلّم الروبوتات كيفية فهم تعابير الوجه وإبداء ردود الأفعال المناسبة

أثارك العنوان أليس كذلك؟

أنت تعلم أن الجمودَ واللاعواطفَ صفتان ملازمتان للروبوت، فماذا يحدثُ الآن؟!!

لا شيء يبقى على حاله عزيزيَ القارئ، لا أحدَ يعلمُ إلى أيّ حدٍّ ستصلُ الرّوبوتات، ولكن الّذي أعلمه -الآن- أنّ الروبوتات الجامدةَ التي نعرفُها ستنتقلُ تدريجياً إلى مرحلةٍ أخرى لتصبحَ متفاعلةً مع مَن حولها وتُبدي ردوداً وأفعالاً، ذلكَ عن طريقِ شركةِ فيسبوك الّتي بدأتْ بأوّلِ خطوةٍ نحو ذلك عبر الاستعانةِ بمحادثاتِ السكايب؛ ولكن كيف ذلك؟

سأشرح لك..

هناك فهمٌ خاطئٌ تماماً بشأنِ الرّوبوتات الشبيهةِ بالبشرِ، فهي لطيفةٌ إلى حدٍّ ما ولكن عندما تصبحُ واقعيّةً فإنّها تصبحُ مخيفةً قليلاً.

تعملُ فيسبوك على تغييرِ تلك النظرةِ للروبوتات، إذ طوّرَ باحثون في مختبرِ الذّكاءِ الصّنعي في فيسبوك روبوتاً على برنامجِ ذكاءٍ صُنعيّ يُتَحكّم به من خلال خوارزميّةٍ ذكيِّةٍ دُرّبَت على المئات من مقاطع الفيديو المأخوذةِ من محادثاتِ سكايب حقيقية؛ إذ يمكن أن تتعلّمَ منها ومن ثم تقلّدُ ردودَ الفعلِ البشريّةِ أثناء الحوارِ، وفي مرحلةِ الاختبارِ نجحتْ تماماً في الوصولِ إلى ردودِ أفعالٍ تشبه تلك التي يبديها بالبشر.

عملت الخوارزميّة على تحسينِ آليّة تعلُّمِها عن طريقِ تقسيمِ الوجه البشريّ إلى 68 نقطةً رئيسةً رصدتْها من خلالِ المحادثات على السكايب، إذ يومِئُ الناس بالعينِ والفمِ اعتياديّا وفطريّا كنوعٍ من التّفاعلِ مع من يتحدّثون، وفي نهاية المطافِ يتعلَّم النّظامُ أن يفعلَ ذلك أيضاً، من ثمَّ يشاهدُ الرّوبوت فيديو لمحادثةٍ بشريِّةٍ، ويختارُ ردَّةَ الفعلِ المناسبةِ بالوقتِ الحقيقيّ، فمثلاً عند الضحكِ يتعلّمُ الروبوت أن يفتحَ فمه ويميلَ رأسه كحركةٍ مناسبةٍ لإبداءِ ردة الفعلِ في حالةِ الضحكِ.

اختُبِرَ هذا النظام على مجموعةٍ من النّاسِ الذين شاهدوا مقاطعَ لكلٍّ من الروبوت الذي يبدي ردودَ أفعالٍ قريبةٍ للبشرِ والإنسان العاديّ الذي يُبدي ردودَ أفعالٍ طبيعيّةٍ، وقد بيّنَ المتطوعونَ أنّ كليهما أبدى ردودَ أفعالٍ طبيعيّة وواقعيِّةٍ على حد سواء، ومع ذلك، ولو كانت الرسومُ المتحركةُ أساسيّة جداّ، فليس واضحاً إذا كان للرّوبوت المدعوم من قبلِ هذه الخوارزميّة ردودُ أفعالٍ طبيعيّةٍ.

ليس كافيّاً تعلُّم قواعدِ الأساسِ عبرَ ردودِ أفعالِ الوجه لخوض محادثةٍ ما، إذ يقولُ "Goren Gordon" من جامعةِ تل أبيب إنّ تعبيراتِ الوجه تعتمدُ على أفكارنا ومشاعرنا أيضاً.

ويقولُ "Louis-Philippe Morency" من جامعة "Carnegie Mellon" في بيتسبرغ أنه بهذه الحالة سيوُجِدُ نظامُ فيسبوك نوعاً من الشخصيّة المتوسطة average personality)).

وفي المستقبل، سيتخذ خطواتٍ أكثرَ تقدمّاً قادرةً على اختيارِ مجموعةٍ من الروبوتات أو حالاتٍ معيّنةٍ تتناسبُ مع الشّخصِ الّذي تتحدث معه.

ويضيفُ Gordon أن الرّوبوتاتِ لا تمتلكُ العناصرَ الدقيقةَ لإتقانِ الّتفاعلِ البشريّ، ومن المعروف أنّ البشرَ يفضلون التّحّدثَ مع الرّوبوتات التي تحاكي تعبيراتِ وجوههِم، ولكن فيسبوك الآن تحاولُ أن تأخذَ محادثاتِ الرّوبوت إلى مستوىً آخر.

من الجميلِ أن تنطلقَ فيسبوك بهذا الاتجاه وتقدمَ حلاً مناسباً وخلاَّقاً لهذا الموضوع؛ فمن الممكن في حال تحقيقها لهدفها أن يبدأ عصر الرّوبوتات المتفاعلة الّتي تفهم و تتفهّم، تشعر و تفكر بمنطق، وتحقق نسبةً كبيرةً من اقترابِها من البشر.

لذا نتمنى لها التوفيق عند طرحها هذا العمل ضمن المؤتمر الدولي للروبوتات والأنظمة الذّكيّة في فانكوفر في كندا في وقتٍ لاحقٍ من هذا الشّهر.

المصدر:

هنا