الاقتصاد والعلوم الإدارية > العلوم الإدارية
ثلاث طرائق فعّالة لشركاتٍ أكثر تكيّفاً واستدامة
أظهرَت التغيُّرات المحليّة والدوليّة –القائمة على التطوّر التقني- مؤخّراً كيفيّة ارتباط تغيّر بيئة العمل بها، وإمكانيّة احتضان الشركات لهذه التغيّرات بطريقةٍ تواكب من خلالها جميع التطوّرات وتستمر بعملها بنجاحٍ أيضاً.
وهذا يفسر بزوغ نجم الشركات الناشئة ورواجها؛ إذ إنّها - خلافاً للشركات التقليدية القائمة - تتمتع بمناخ عملٍ مَرِنٍ قائمٍ على عدد أقلَّ من العمليات والتكنولوجيا التي تحتاجها الشركات التقليدية في العادة، ولذا يمكن لمؤسسي الشركات الناشئة تغييرُ طرائق عمل شركاتهم؛ دون القلق بشأن الخطط التأسيسيّة للشركة أو المبادئ الخاصّة بها، أو حتّى الطرائق التي اعتادوا على العمل بها. لكن ومع ذلك؛ تواجه معظم الشركات الناشئة والقائمة تحدّياً متمثّلاً في إعداد نماذج عمل قادرة على احتضان التغيّرات التقنيّة والرقميّة الدائمة، التي تؤثّر مباشرةً على سوق العمل.
لماذا تحتاج الشركات للتأقلم مع تلك التغيّرات والتطوّرات؟
ترفض معظم الشركات –وحتّى الأشخاص- إحداث أي تغيير أو تطوير في نظام عملها عند سير العمل بنجاح، وقد يصل الأمر بها إلى تهميش آراء مطوّري الأعمال ممن يُعِدّون خطط الشركة التنظيميّة ويدرسون مستقبلها. فعندما تتغير بيئة الشركة الخارجية حيث تعمل، ولا تُجدي أنظمة الأعمال التي تقوم بها الشركة نفعاً؛ فهذه إشارة على إنكار التغير الحاصل في العالم.
وغالباً ما يلجأ المدراءُ والقادة إلى رفض حقيقة تغير السوق العالمي، ويُفضِّلون العودة إلى أنظمة العمل القديمة التي كانت "ناجحة" برأيهم في فترة زمنية سابقة. الشركاتُ التي تُهمِلُ حقيقة التغير الحاصل ترى معظم مدرائها يلجأون إلى زيادة كميّة العمل، أو ربما ينفّذون تحسينات طفيفة تدريجية في محاولةٍ منهم للعودة إلى فترة نجاح الشركة السابق، وفقط عندما تسوء الأمور في الشركة سوءاً فادحاً يبدأ المدراء بالإنصات إلى أصوات مطوِّري الأعمال المطالِبة بإنجاز تغيير كبير في الشركة من أجل مواكبة التطور الحاصل في العالم، وعلى الرغم من ذلك؛ فإنَّ احتمال تعافي الشركة في هذه الحال يغدو ضئيلاً جدّاُ، ولكن ما سوف يزيد هذا الاحتمال هو أخذ آراء المطوّرين بعين النظر، وتنفيذ ما يلزم لتطوير النظام وطريقة العمل، فما الذي يمكننا فعله في ضوء ذلك؟
ما الذي عليك تجنّبه؟
قد تبدو لكم بعضُ التغييرات مُغرية ومناسبة، وبخاصة في حالة الشركات التي تُحـدِث تغييراً تقنيّاً، لكن في الواقع، عليكم تجنّبها، لأنها ببساطة قد لا تناسب شركات أخرى
1- تجنَّبْ إنشاءَ فريقِ تطويرِ أعمالٍ منفصلٍ عن باقي الشركة
التطوير هو مهمّة جماعيّة، وإنّ إنشاء فريق متخصص منفصل عن أقسام الشركة –أيْ لا يعتَدُّ بآراء بقية فريق العمل- سيهدّد بانتشار ثقافة التمييز ضمن الشركة؛ وسيُنشِئ مجموعة معزولة من الموظفين، بالإضافة إلى تهميش مَن يعملُ لتنظيم التغيير في نواحٍ أخرى ضمن الشركة.
2- احذر رقمنة العمليات دون بناء نموذج عمل جديد للشركة
إن التركيز على تكنولوجيا المعلومات وحدَها يدفع إلى تجاهلِ نقطةٍ مهمة؛ وهي أنّ التغير الحاصل في السوق العالمي يتطلب تطويرَ نموذج عملٍ جديد للشركة، فرَقمنة عمليّات الشركة الحاليّة كما هي؛ دونَ تطوير نموذج عمل جديد سيؤدي إلى إهمال كثيرٍ من التطويرات والتحسينات الممكنة في عملها، ولذلك فإنَّ تطبيق تغييرٍ ذي معنى في الشركة يأتي من تطوير طريقة عملها بطرح نموذج عمل جديد.
3- ابتعد عن تعيين مطوّر أعمال وحيد، والجأ إلى تعيين فريق تطوير
إذ يؤدّي ذلك إلى اعتماد الشركة على شخص واحد، بينما عمليّة التطوير هي مسؤولية جماعيّة - كما ذكرنا - ، وكونُ الخبرة تأتي من التجربة فقط، فيجب على الشركات تجربة نموذج عمل موجودٍ أصلاً بالإضافة إلى بناء نماذج جديدة وتجربتها، للحصول على نتائج مفيدة.
ما الذي عليك فعله؟
عند مرور أيّة شركة في فتراتِ فوضى أو ركود، تلجأ معظمها إلى القيام بإحدى التغييرات الآنفةِ الذِكر، ويجب علينا الانتباه هنا إلى أنَّ تلك التغييرات ليست فاشلةً تماماً؛ إذا ما صوحِبت بأفعالٍ داعمةٍ لها، وهنا تقع المسؤولية على عاتق المدير لمعرفة ما يجب فعله أو لا يجب، وفيما يلي نذكر أكثر ثلاث استراتيجيات يمكن استخدامها.
كافئ الموظفين الناجحين
فبدلاً من التوجه لتغيير أسلوب العمل في شركتك، اعمَدْ إلى مكافأة مَن يقدم الحلول الناجحة وترقيته، إذ سيؤدي ذلك إلى تحفيز باقي الموظفين في الشركة، وهذا بدوره سيؤدي إلى رفع سوية التطوير في الشركة؛ وازدياد قوّة صوت مطوِّري الأعمالِ في الشركة مما سيقود إلى التطور المستقبلي بنجاح وتحقيق نتائج ايجابية واستثمارها.
اعمل على تكييف قيم شركتك وأهدافها الحالية مع التبدل الواقع في العالم بدلاً من محاولة تغيير رسالتها
فعوضاً عن بناء رسالة جديدة لشركتك، اعمَلْ على تكييف القيم الحالية والأهداف مع التغييرات الواقعة في العالم، إذ تنجح الشركات التي تتّسم بإدارة ذكية في التأقلم مع التغيرات من خلال تحديد أولويّاتها وأهدافها، وإدراكها لحقيقة أنَّ ما هو مهم للشركة هو تحقيق هدفها النهائي وليس تغيير رسالتها، فما يدركه موظّفوك ويشعرون به هو - في الواقع - ما سيحفّزهم لتبنّي طرق عمل ناجحة، والتكيف مع التغيير، ومن ثَمَّ إعطاء نتائجَ أفضل وأكثر كفاءة؛ وتحقيق التغيير في ثقافة الشركة ككُل.
3- ادعم جميع موظَّفيك لتُـحوِّلهم إلى وكلاء تغيير
لو أردنا التعبيرَ عن وكلاء التغيير في الشركة حرفيّاً فهم يعبّرونَ عن المنارات التي تنير درب التغيير في الشركة، وتديرُعمليّةَ الخروج من الوضع الحالي فيها، إذ يحدث التطوير الفعلي عندما يتيقّن جميع الموظفين أنّه بإمكانهم أن يكونوا وكلاءَ تغيير؛ دون الحاجة لكونهم مدراء فعليين أو موكّلين بذلك، من خلال تحسين جودة العمل ضمن نطاق وظائفهم فقط، ممَّا يؤدّي إلى إحداث أثر جيّد باطّراد على نطاق عمل الشركة.
وبذلك، يجب إدراك بيئة عمليّات الشركة وكلَّ ما يحيط بها، ودراسة التطوّرات التي تُحدثها العوامل المرتبطة بسوق العمل، وفهم كيفيّة مواكبتها لتقديم الخدمة الأفضل، والحفاظ على مناخ عملٍ مُستدامٍ ضمن الشركة.
المصدر