الهندسة والآليات > التكنولوجيا
استخدام الأمواج الرّاديويّة المحيطة في إنترنت الأشياء وشحن الأجهزة
إنترنت الأشياء IoT هو مصطلحٌ تمَّ إطلاقُه على الجيل الجديد من الإنترنت أو الشّبكة، يتيح للأجهزة المترابطة مع بعضها التّفاهمَ فيما بينها. والجديدُ الّذي يتناوله هذا المقالُ، تقنيةٌ مبتكَرةٌ تتيح لحسّاساتِ نظام IOT التّواصلَ مع بعضِها عبرَ الأمواجِ الرّاديويّة المحيطة.
عادةً يتمُّ وصلُ شبكاتِ الحسّاساتِ ضمن هذه الأنظمةِ من خلالِ الرّاديو، ولكنّ الرّاديو يتطلَّبُ طاقةً مدّخَرةً، ممّا يعني الحدَّ من إمكانيّةِ الاستخدام. لذلك سلّط الباحثون في شركة ديزني الضّوءَ على حلٍّ ربّما يكونُ فعّالًا، وهو أن نتخلَّصَ من جميعِ أجهزةِ الرّاديو وأن يكون الاتّصالُ عبر الموجاتِ المحيطةِ القادمةِ من التّلفازِ والرّاديو والهواتفِ المحمولة. [1]
وقد قادَ الباحثون ضمن شركة ديزني Alanson Sample مساعدُ مدير المختبرِ والقائدِ ضمنَ مجموعةِ الأنظمةِ اللّاسلكيّةِ، بإبداعِ نظامِ حسّاساتٍ صرفه للطّاقة قليلٌ للغاية، وينقل البيانات إلى مستقبلٍ رئيسيٍّ عبرَ عكسِ الأمواجِ الرّاديويّةِ المُحيطةِ النّابعةِ من أنظمةِ بثٍّ موجودةٍ مسبقًا. [1]
سيقلّلُ هذا الاقتراحُ جذريًّا من متطلّباتِ الطّاقةِ الّتي تحتاجها عقد الحسّاساتِ، لأنَّ توليدَ الأمواجِ الرّاديويّةِ هو الّذي يستهلكُ أغلبَ الطّاقةِ المُخزَّنةِ في تلك العُقد. وقد استطاعَ باحثو مختبرِ ديزني تلبيةَ تلكَ المُتطلَّباتِ المُنخفِضَةِ من الطّاقةِ عبرَ استخدامِ خلايا شمسيّةٍ مُصمّمةٍ للعملِ ضمنَ شروطِ الإضاءةِ الخافتةِ.[1]
وقد أثبتَ باحثو ديزني ضمن مؤتمرِ IEEE لاتّصالاتِ الحاسبِ إمكانيّةَ استخدامِ نظامِهم الجديد -الإشاراتُ المحيطةُ ذات التّشتّتِ الارتداديِّ backscatter بنطاقٍ تردديٍّ فائقِ العرض UWB- ضمنَ بيئةٍ داخليّةٍ باستخدامِ الإشاراتِ المحيطةِ الصّادرةِ عن 14 برجٍ راديَويٍّ وباستخدامِ هاتفَينِ محمولَين. وقالَ نائبُ الرّئيسِ المسؤولِ عن أبحاثِ ديزني Markus Gross موضّحًا أهمَّ فائدةٍ لهذا النّظامِ: "الموعود من إنترنت الأشياءِ هو انتشارُ الحسّاساتِ اللّاسلكيّةِ بشكلٍ واسعٍ، ممّا يسمحُ للأجهزةِ أن تتحسَّس البيئةَ الخاصَّةَ بها وتتواصَلَ مع بعضِها، بينما نقتربُ من إمكانيّةِ وصلِ مليارِ جهازٍ لاسلكيٍّ بشبكةِ الإنترنت ستصبحُ طريقةُ تغذيةِ هذه الأجهزةِ بالمدّخراتِ غيرَ مُجديةٍ، إلّا أنَّ استخدامَ أنظمةِ الإشاراتِ المحيطةِ ذاتِ التّشتّتِ الارتداديِّ backscatter بنطاقٍ تردديٍّ فائقِ العرضِ UWB والّتي يُمكنُ نشرها ضمنَ العديدِ من المناطقِ، يحملُ احتماليّةً عاليةً لحلِّ هذه المعضلةِ". [1]
في الحقيقةِ، تُستخدَمُ اتّصالاتِ التّشتّتِ الارتداديِّ backscatter حاليًّا ضمنَ الرُّقاقاتِ السّلبيّةِ من رقاقاتِ تحديدِ الهويّةِ باستعمالِ الأمواجِ الرّاديويّةِ "passive RFID tags"، حيث تختلفُ هذه الرُّقاقاتُ السّلبيّةُ عن الرّقاقاتِ الإيجابيّةِ "Active RFID tags" بكونِها لا تحتوي بطاريّةً داخليّةً بل تعتمدُ بتغذيتها على الطّاقةِ الكهرطيسيّةِ الّتي ينقلها إليها القارئُ "RFID reader"، وتقومُ الرّقاقةُ بدورها بإرسالِ البياناتِ إلى القارئِ عبرَ عكسِ موجةِ الحاملِ أو تشتيتِها ارتداديًّا "backscattering". ولكن تُعدُّ هذه الأنظمةُ أنظمةً ذاتُ مجالٍ محدودٍ ممّا يجعلها غيرَ عمليّةٍ بالنّسبةِ لأنظمةِ إنترنت الأشياء IoT.
[1]
وقد أظهر باحثون آخرون أنظمةً تحتاج إلى طاقةٍ أقلَّ عبر استخدامِ أمواجِ الرّاديو المحيطةِ الصّادرةِ من منبعٍ واحدٍ، كما هو الحالُ ضمنَ محطّةِ التّلفازِ. ولكن كما في الحالةِ السّابقةِ، المجالُ يمتدُّ لأمتارٍ محدّدةٍ إلّا إذا تمَّ رفعُ طاقةِ الأمواجِ المحيطةِ إلى مستوياتٍ عاليةٍ.
وقد قال Sample عن نظامِ الإشاراتِ المحيطةِ ذاتِ التّشتّتِ الارتداديِّ backscatter بنطاقٍ تردّديٍّ فائقِ العرضِ UWB أنّه يتيحُ العديدَ من الفوائد، إذ أنَّ استخدامَ أكثرِ من قناةٍ لعكسِ الأمواجِ أو تشتيتها ارتداديًّا سيرفعً نسبةَ الإشارةِ إلى الضّجيجِ ممّا يؤدّي إلى تحسينِ حساسيّةِ القارئِ وتقليلِ المناطقِ الضّعيفةِ بشكلٍ ملحوظٍ .وهذا بدورِه يسمحُ بتطبيقِ النّظامِ بشكلٍ عمليٍّ على أرضِ الواقعِ ويُوسِّعُ المجالَ بشكلٍ كبيرٍ ليصلَ إلى 22 مترًا عندَ استخدامِ الإشاراتِ الصّادرةِ عن أبراجِ بثٍّ و50 مترًا عندَ استخدامِ الإشاراتِ الصّادرةِ عن الهاتفِ المحمول. [1]
يجبُ أن تكونَ عُقدُ الحسّاسِ ذي الطّاقةِ المنخفضةِ جدًّا ذاتُ بنيةٍ بسيطةٍ لتلائمَ العملَ، ممّا يرمي الحملَ الأكبرَ على قارئ التّشتّتِ الارتداديِّ backscatter reader. إذ يجبُ عليه أن يستقبلَ الإشاراتِ المشتّتةِ ارتداديًّا ومن ثمَّ يفكُّ تشفيرَ حواملِ الإشاراتِ ويدمجها لاستعادةِ البياناتِ من كلِّ حسّاسٍ على حدىً. يحتوي هذا القارئُ على أربعةِ مستقبلاتٍ راديَويَّةٍ؛ مستقبلٌ لمجالِ تردّداتِ FM الرّاديَويّةِ ومستقبلٌ ليغطّي معظمَ مجالِ التّردّداتِ الخليويّةِ الصّاعدةِ والهابطةِ ومُستقبلَينِ لمجالاتِ التّلفازِ الرّقميّةِ. [1]
ولأنَّ العتادَ الصّلبَ لا يتطلَّبُ أن يُضبَطَ على مجالٍ تردديٍّ معيّنٍ، يمكنُ أن ينتشرَ نظامُ UWB ضمنَ أيّةِ منطقةٍ على عكسِ بعضِ أنظمةِ الاختبارِ الأخرى الّتي لها تأثيرٌ على الأمواجِ الرّاديَويّةِ المحيطةِ. إنّ نظامَ ديزني لا يُركّزُ على منبعِ إشارةٍ واحد، بل يستخدمُ جميعَ المصادرِ المُتاحةِ من إذاعاتِ بثِّ FM الرّاديَويّةِ إلى إشاراتِ التّلفازِ الرّقميّةِ وصولًا للنّقلِ من وإلى الأجهزةِ الخليويّةِ.[1]
بعيدًا عن ديزني، عُرِضت نفسُ التّقنيّةِ ضمنَ أبحاثٍ جرت في جامعةِ واشنطن لحلِّ المشكلةِ الأكبرِ في الهواتفِ النّقالةِ وهي مشكلةُ الشّحنِ أو بعبارةٍ أخرى قلّةُ الشّحنِ.
فقد استُخدمَت التّقنيّةُ ضمنَ الأجهزةِ المحمولةِ لتصبحَ قادرةً على العملِ دونَ استهلاكِ أيّةِ طاقةٍ!
وقد أُعيدَت دراسةُ تصميمِ الأجهزةِ المحمولةِ للوصولِ إلى هذه النّتيجةِ والقدرةِ على استخدامَ الطّاقةِ من الأمواجِ المحيطةِ، إلّا أنّنا نحتاجُ أن نكونَ قريبَينِ من المحطّةِ الّتي تنبعثُ منها هذه الأمواجُ لتعملَ الميزةُ، لكنَّنا نستطيعُ التَّخلُّصَ من هذه السّلبيّةِ في المستقبلِ، أي أنّها لا تُمثِّلُ عائقًا كبيرًا.[2]
تعدُّ الهواتفُ النّقالةُ الاختراعَ الأكثرَ أهميّةً ضمنَ حياتنا، كما تُعدُّ من الأساسيّاتِ الّتي لا يمكنُ الاستغناءُ عنها، فكم سيكونُ شيئًا رائعًا أن ينفدَ شحنُ هواتفِنا ونبقى على اتّصالٍ مع العالم !
يمكننا أن نتخيّلَ حياتَنا عندما تصبحُ التّقنيّةُ مُتاحةً بشكلٍ كبيرٍ وكميّةُ السّهولةِ والرّاحةِ الّتي سوفَ توفِّرُها في كثيرٍ من المجالات .
المصادر: