الغذاء والتغذية > منوعات غذائية
النباتات تشعر عند قضمها، وهي لا تحب ذلك.. فهل سيتوقف النباتيون والخضريون عن أكلها!!
أيها الخضريون والنباتيون، انتبهوا جيداً.. إذ يبدو أن النباتات تشعر عندما يتم أكلها!! وهي لا تحب ذلك أبداً!!
هي جملةٌ تهكميةٌ نوعاً ما، ولكنّها استُخدمت لبدء مقالٍ علميٍ مميز، فهي تعتمد في الواقع على أدلةٍ علمية حقيقية، فكيف تشعر النباتات عند أكلها؟
من المعروف أن الجدل حول الحمية الأفضل ما زال قائماً حتى يومنا هذا، ولم يحسم أمرُهُ بعد، فتارةً تظهر الحميةُ النباتية Vegetarian بمظهرِ الصديق البطل، وتارةً تعود الحمية العاديةُ التي تتضمن تناولَ بعضِ اللحوم إلى الساحة. ولكن الأمر لم يتوقّف هناك، إذ ظهرَ الخضريون (أو من يُعرفون بالفيغان Vegans) الذين نقلوا هذه القضيةَ إلى مستوياتٍ جديدة، فأبدوا نوعاً أكبرَ من "التعصب الغذائي" إذا صحّ التعبير، عبرَ إضافةً بُعدٍ جديدٍ للحميةِ النباتية، فقاموا بإلغاءِ جميعِ المشتقات الحيوانيةِ من الحميةِ الخضرية السابقةِ فابتعدوا - دون أن يقبلوا بالاعترافِ بذلك - عن الحميةِ المتوازنة بشكلٍ كبير، إذ تفتقر تلك الحميةُ التي ابتدعوها لعددٍ من المكوناتِ الغذائيةِ الصغرى ولكنّ المهمةِ والأساسيةِ للجسم، والتي يصعبُ تأمينُها بالطرق غيرِ الغذائية.
يمكنكم قراءةُ المزيد حول النظامَين الغذائيين النباتي والخضري في المقالين التاليين هنا هنا.
يستندُ الخضريون في تبرير وجهة نظرهم على أسسٍ عاطفيةٍ وفلسفيةٍ أكثر منها علميةٍ أو صحية، وأهمّ تلك الأسسِ التعاطفُ مع الحيوانات، ووجوبُ عدمِ استغلالها في تغذيةِ البشر أو الحصولِ على منتجاتها، وهو أمرٌ عظيمٌ ويُسجّلُ لهم، ذلك إن كان بالإمكان تطبيقُهُ دون التأثيرِ على أساسياتِ الحميةِ المتوازنة، فالأخيرةُ يجب أن تجتوي على المجموعاتِ الغذائيةِ الخمس والتي تتضمنُ المغذياتِ الثلاث الكبرى Macronutrients، وطيفاً واسعاً من المغذياتِ الصغرى Micronutrients.
ومن منطلقِ تعاطف النباتيين Vegetarian بشكلٍ عام، والخضريين Vegan بشكلٍ خاص، مع الحيواناتِ لأنها كائناتٌ تشعر وتتألّم، يتساءل كاتب مقالِنا اليوم إن كانوا سيتعاطفون مع النباتات ويتوقفون عن أكلها أيضاً! ذلك أن دراستهُ قد أثبتت أن النباتاتِ تشعرُ أيضاً!!
إنّ امتلاكَ النباتات لجزء ولو بسيطٍ من الإدراك أو "المعرفة" ليس بالمعلومةِ الجديدة، ولكن الجديد الذي توصّلت إليه دراسةُ أُجريت في جامعة ميسوري University of Missouri يوضّحُ أن النباتاتِ يمكن أن تشعرَ عندما يتم أكلها، بل وتقوم بإرسالِ آلياتٍ دفاعية في محاولةٍ منها لمنع حدوث هذا.
تقرّر إجراء الدراسةِ على نباتِ "رشاد أذن الفأر Thale cress"، أو Arabidopsis كما هو معروفٌ علمياُ؛ وهو نباتٌ مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً بالبروكلي، والكرنب، والخردل الأخضر، وغيرها من العائلة النباتية الصليبية Brassicaceae، ويتميز بشعبيةٍ كبيرةٍ للتجارب العلمية، ذلك أن العلماءَ على درايةٍ كافيةٍ بكيفية عمل التسلسل الوراثي الخاص به.
أثناء التجربة، قام العلماء في جامعة ميسوري بالحصول على تسجيلٍ صوتي دقيقٍ للاهتزازات التي أحدثتها يرقةٌ عند أكلها لأوراقِ الرشاد، مع أخذ نظريةِ شعور النباتات يمكن أو استماعِها للاهتزازات بطريقة ما بالحسبان. ولجأ العلماء فيما بعد إلى إنتاجِ اهتزازاتٍ تحاكي بعض الاهتزازات الطبيعية الأخرى مثل ضجيج الرياح التي قد تتعرض لها النبتة بهدفِ التحكم بالتجربةِ كما يرغبون.
النتيجة؟
أنتجَ نبات الرشاد زيوتَ الخردلِ ذاتِ السميةِ الخفيفة عندما تم أكلهُ من قِبل اليرقة، وأرسلَ تلك المركباتِ إلى جميعِ أنحاءِ الأوراق في محاولةٍ لإبعادِ الكائن الذي يلتهُمُه دونَ توقّف. كما كشفَ البحث أن سماعَ النباتاتِ أو تحسُّسَها لاهتزازاتِ المضغ الصادرةِ عن اليرقة قد سبّبَ إرسالَ كميةٍ إضافيةٍ من زيوتِ الخردل، دونَ أن تُبدي أيَّ تفاعلٍ عندَ تعريضِها للاهتزازات الأخرى.
وتعتبر هذه الدراسةُ الأولى من نوعِها من حيثَ استجابة النباتاتِ للاهتزازات المتّصلةِ بالبيئة إذ سببّت الاهتزازات المتعلّقة بالتغذية تعيراتٍ استقلابيةً في الخلايا النباتية مما خلقَ موادَ كيميائيةً دفاعيةً تهدفُ إلى صدّ الهجماتِ الخارجية. فما رأيكم أعزاءنا؟ هل نحن مقبلون على تغيرٍ كبيرٍ في النظمِ الغذائية السائدة؟ أم أنّ أحداً لن يستمعَ إلى مناجاةِ تلك النباتات المتألّمة؟!
تابعوا الفيديو التالي للمزيد من التفاصيل:
المصادر:
الدراسة المرجعية:
H. M. AppelEmail authorR. B. Cocroft; Plants respond to leaf vibrations caused by insect herbivore chewing; Oecologia; August 2014، Volume 175، Issue 4، pp 1257–1266; هنا