منوعات علمية > منوعات
كيف تكتبُ ورقةً بحثيّةً (أهميّة الأوراق البحثيّة وهيكلها العام)
إنَّ إجراءَ البحوثِ العلميّةِ هُوَ الخطوةُ الأولى للاكتشافِ، فلا نُبالغ لو قلنا أنّ أغلبَ التّقنيّاتِ والاكتشافاتِ الّتي نتمتّعُ بها اليومُ وتسهِّلُ حياتَنا بشكلٍ كبيرٍ لم تكن بدايتُها إلّا عبارةٌ عن ورقةٍ بحثيّةٍ كتبها أحدُ الباحثينَ. ولكي تُؤخذ هذه الورقةُ البحثيّةُ على محملِ الجدّ لا بدّ من أن يلتزم الباحثُ ببعضِ القواعدِ أثناءَ كتابتها، لينشرَها بعد ذلك حتّى يستطيعَ المحترفونَ في المجالِ الوصولَ إلى نتائجها في أيّ وقتٍ، فتساهم بذلك في تطوير المجتمع العلميّ.
تُنشرُ معظمُ الأوراقِ البحثيّةِ العلميّةِ في مجلّاتٍ يراجعها الخبراءُ والباحثونَ القدامى، فيقيّمونَ محتواها ومن ثمَّ تُنشَر، ولكن في حالاتٍ أُخرى يمكن أن يُطلَبَ من كاتبِ الورقةِ بعضُ التّعديلاتِ حتّى تصبحَ ورقتُهُ قابلةً للنّشرِ، والحالةُ الأسوء هو أن تُرفَضَ الورقةُ لسببٍ من الأسبابِ. من هذه الأسباب: نقصُ الخبرةِ، وضعفُ المهاراتِ الكتابيّةِ، والقلقُ من الكتابةِ، وافتقادُ مهاراتِ الكتابةِ الأكاديميّةِ، ونقصُ ثقةِ الكاتبِ في قدراتِهِ الكتابيّةِ، والخوفُ من الفشلِ، وعدمُ تقبُّلِ النّقدِ.
لكنَّ صرامةَ عمليّةِ قبولِ الورقاتِ البحثيّةِ هو ما يجعلُ المجلّاتِ العلميّةِ المصدرَ الأوّلَ للمعلوماتِ والاكتشافاتِ الجديدةِ الّتي سيبني عليها باحثونَ آخرونَ بحوثَهم وسيأتي باحثونَ آخرونَ يستفيدون من هذه البحوثِ الجديدةِ بدورِهم، وهكذا تستمرُّ العمليّةُ بدونِ توقّفٍ جاعلةً من حياةِ البشرِ أسهلَ وأسهل.
إنّ لكتابةِ الورقةِ البحثيّةِ فوائدَ كثيرةً جدًّا، فالوصولُ المباشرُ لنتائجِ بحثٍ ما أمرٌّ ضروريٌّ لنموِّ العلمِ وتطوّره. كما يؤمّنُ اكتمالُ عمليّةِ النّشرِ هذه الرّضا للباحثِ، والحمايةَ لحقوقِ الملكيّةِ الفكريّةِ، بالإضافةِ إلى انتشارِ نتائجِ البحثِ والأفكارِ الجديدةِ والحلولِ البديلةِ ممّا يُسهّلُ الحوارَ الأكاديميَّ.
كفانا إذًا حديثًا عن أهميّة الورقةِ البحثيّةِ فلا يمكن أن نُحيطَ بهذه الأهميِّةِ مهما حاولنا ولننتقل إلى الحديثِ عن الخطواتِ العمليّةِ لكتابتها، وسنبدأ أوّلًا بذكرِ المعاييرِ الخمسةِ الأساسيّةِ الّتي يقبلُ المراجعون وِفقَها نشرَ محتوى بحثٍ ما:
الأهميّة، والتّوقيت، وارتباطُ المشاكلِ الّتي يطرحُها البحثُ بالواقعِ وشيوعُها.
جودَةُ كتابةِ البحثِ (منطقيٌّ، مباشرٌ، مكتوبٌ بشكلٍ جيّدٍ، واضحٌ).
تصميمُ البحثِ المُقدَّمِ(مناسبٌ، دقيقٌ، مفهومٌ).
درجةُ اطّلاعِ المُراجِعِ على موضوعِ البحثِ وتركيزُهُ ومواكبتُه لتطوّرِ المعلوماتِ.
استخدامُ عيّنةٍ كبيرةٍ بشكلٍ كافٍ.
وإليكم أيضًا أهمُّ خمسةِ أسبابٍ لرفضِ نشرِ الأبحاثِ:
إحصاءاتٌ غيرُ مناسبةٍ أو غيرُ مكتملةٍ أو غيرُ كافيةٍ.
الإفراطُ في تفسيرِ النّتائج.
استخدامُ مشاركينَ أو أدواتٍ غيرُ مناسبةٍ أو مُنخفضةِ الجَودَةِ أو غيرُ كافيةٍ.
عيّنةٌ صغيرةٌ أو متحيّزةٌ.
كتابةُ نصِّ البحثِ بشكلٍ سيّءٍ وغيرُ مفهومٍ.
عندما تبدأ بكتابةِ بحثكَ، عليك استهدافُ مجلّةٍ محدّدةٍ، فلكلِّ مجلةٍ قائمةٌ محدّدةٌ من المواضيعِ المفضّلَةِ لدى قرّائهم. فحالما تتخذ قراركَ حولَ مجلّةٍ ما لتتوجّه إليها، اكتب ملخّصًا يتوافقُ مع متطلّباتِ المجلّةِ الّتي تستهدفها ويراعي المعاييرَ المعتمدَةَ فيها واكتبه بنفسِ الأسلوبِ الّذي تتّبعه المجلةُ الّتي تتقدم إليها. مع الأخذِ بعينِ الاعتبارِ أنَّ التّرتيبَ السّيّءَ للمحتوى يُربكُ المُراجِعَ وقد يؤدّي لتفسيرٍ خاطئٍ لنتائجِ البحثِ.
بناءُ الورقةِ البحثيّةِ
أهمُّ شيءٍ يجب البدءُ بتعلُّمِهِ هو كيفيّةُ بناءِ الورقةِ البحثيّةِ، وهي تتألّفُ بشكلٍ عامٍ من ملخّصٍ، ومقدّمةٍ، وعرضٍ للنتائجِ ومناقشتِها، وخاتمة.
يبدأ معظمُ مؤلّفي الأبحاثِ بكتابةِ النّتائجِ أوّلًا، تليها المقدّمةُ ومن ثمَّ النّقاشُ في محاولةٍ منهم ليبقوا ملتزمين بنتائجهم دونَ التّشتُّتِ إلى مواضيعَ أخرى. وعادةً ما يختُمُ المؤلّفُ بحثَه بكتابةِ المُلّخّصِ والخاتمةِ.
إلى هنا يكونُ الجزءُ الأوّلُ قد انتهى، إذ حاوَلنا الإحاطةَ من خلالِهِ بأهميّةِ الورقةِ البحثيّةِ وأهمِّ ركائزها، ولكنَّ رحلتَنا لم تنتهِ بَعد، فانتظرونا في الجزءِ الثّاني من السّلسلةِ لمزيدٍ من النّصائِحِ والأمورِ الّتي يجبُ عليكم مراعاتها إذا أردتم أن يقبل المُراجِعونَ نشرَ أوراقكم البحثيّةِ.
المصدر: