التاريخ وعلم الآثار > تحقيقات ووقائع تاريخية
ما الّذي يخفيه التّمثال الأشهر في مصر؟
بحلول عامِ 1935م كانت مصرُ لا تزال نقطة تجمّع أنظار علماء الآثار الباحثين عن إجاباتٍ، فقبل قرابة عقدٍ من الزّمان، وتحديداً في الرّابع من تشرين الثاني (نوفمبر) عامَ 1922م، اكتشف عالمُ المصريّات البريطاني هاورد كارتر Howard Carter مقبرةَ الفرعونِ توت عنخ آمون الّتي يُعتقد أنّها قابعةٌ في تلك البقعة منذ 3000 عامٍ تقريباً.
الشّكل (1): صورةٌ تُظهر اللّحظة الأولى لفتح العالمِ هاورد كارتر قبرَ توت عنخ آمون
ولكن يتركّز الاهتمامُ الأكبرُ حاليّاً على معرفة أحدث محاولةٍ لإخفاء التّاريخ القديم الحقيقيّ لهذه الحضارة المجهولة الّتي تركت لنا عجائبَ كثيرةً فوق رمال الجيزة؛ أو ربّما تحتها.
اكتشاف المدينة القديمة الضّائعة في مصر
انتشرت الأخبار الأولى عن المدينة السّرّيّة في الصّحف العالميّة في الأسبوع الأوّل من آذارَ (مارس) عامَ 1935م، وبحلول شهر تمّوزَ (يوليو) من ذلك العام عُثِرَ على ما هو أكثرُ من ذلك بكثيرٍ، فقد كتبَ إدوارد آرميتاغ Edward Armytag الّذي كانَ عائداً لوقته من مصر إلى إنكلترا في صحيفة Sunday Express عن حفرّيات المدينة القديمة الّتي كان يعتقد حينها أنّها تعود إلى ما قبلَ 4000 عامٍ.
الشّكل (2): صورةٌ توضّح إعلان اكتشاف آثار المدينة القديمة في صحيفة Sunday Express
ثم حلّ الصّمت، كما لو أنّ كلّ علماء المصريّات فقدوا اهتمامهم بهذه المدينة الرّائعة. وتحوّل التّركيز خلال السّنوات التّالية إلى مقابر الملكات العائدة للأسرة الحاكمة الرّابعة والعشرين الّتي تُعدّ متأخّرةً في تاريخ الحضارة الفرعونيّة، إذ ظهرت في الفترة بين عام 732ق.م وعام 716 ق.م. فمّما يثير الاستغرابَ حقّاً أن يُتجاهل اكتشافٌ ضخمٌ كتلك المدينة السّرّيّة الموغلة في القِدم من أجل عائلة ملكيّةٍ متأخّرةٍ جدّاً كادت ألّا تلاحَظَ بعد أُفولها.
تعارُض البيانات المصرَّح بها مع الأدلّة الفوتوغرافيّة
لقدِ اعتُقِدَ بوجود أنفاقٍ خفيّةٍ تحت هضبة الجيزة، ومجموعةٍ من الغرف القابعةِ تحتَ تمثال أبي الهول، ولكنْ أُوقِفت جميعُ محاولات الكشف عنه بحجّة أنّ البحثَ في أعماقٍ أكبرَ لم يكن ممكناً كونَ الغرفِ إمّا مليئةً بالمياه أو جدرانُها تكاد تكون مصمَتةً تماماً، وقد يكون ذلك كلّه صحيحاً، لكن يجدُر بالذّكر أنّ الأرضيّة في نهاية إحدى فتحات التّهوية تظهر جافّةً تماماً في إحدى الصّور.
الشّكل (3): رسمٌ تخيّليٌّ للأنفاق والغرف داخل تمثال أبي الهول
وجود ثقبٍ في رأس تمثال أبي الهول
حوالي العام 1798م خطّ فيفانت دينون Vivant Denon رسماً يمثّل رأس أبي الهول، ورغم أنَّ الرّسم ليس دقيقاً جدّاً من الواضح أنّ فيفانت كان يعلم بوجود فتحةٍ أعلى رأسِ أبي الهول، إذ ضمّن في رسمه صورة رجلٍ يُسحَب نحو الأعلى خارجاً منها.
الشّكل (4): رسمٌ توضيحيٌّ لأبي الهول أنجزه Vivant Denon عام 1798م، يُمثّل رجلاً يُسحب خارج فتحةٍ في رأس أبي الهول
قد لا يُمكننا استخدام الرّسم كدليلٍ قاطعٍ، ولكن في عشرينيّات القرن العشرين التُقِطت صورةٌ جوّيّةٌ لأبي الهول من منطادٍ هوائيٍّ، وتُظهر وجودَ فتحةٍ كبيرةٍ أعلى رأس أبي الهول.
الشّكل (5): صورةٌ جوّيّةٌ لأبي الهول تُظهر وجود فتحةٍ كبيرةٍ أعلى رأسه.
اللّغز المخفيّ وراء رأس أبي الهول
من الملاحَظ اختلافُ نوع مادّة البناء بين جسم أبي الهول ورأسه، إذ إنّ جسمَه منحوتٌ من الحجر الجيريّ ومُتآكلٌ في معظم أجزاءه، على عكس الرّأس الّذي نلاحظ عدم وجود أيّ تآكلٍ فيه إضافةً إلى اختلاف لونه عن لون الجسد، ما قد يفتح الباب للتّساؤل: هل يمكن أن يكون الشّكل الأصليّ لرأسِ أبي الهول ووجهه قد خضع لتغييراتٍ بعد نحت التّمثال بشكله الأصليّ؟
المعطيات كلّها تشير إلى أنّ جسد أبي الهول نُحت من قطعةٍ واحدةٍ عملاقةٍ من الحجر في الفترة ذاتها الّتي يعتقد Bauval Robert وRobert Schoch أنّها فترة بناء أهرامات الجيزة أيضاً.
الشّكل (6): صورةٌ تُظهر اختلاف مواد البناء بين رأس تمثال أبي الهول وجسده
هل وُجد زوجٌ آخرُ من تمثال أبي الهول يوماً؟
في بعض الرّسومات الّتي تصوّر منطقة الجيزة، والّتي تعود إلى عام 1665م، نلاحظ وجود رأسٍ آخرَ يظهر خارجاً من الرّمال غيرَ أبي الهول.
الشّكل (7): رسمٌ توضيحيٌّ يُظهر رأسين لأبي الهول من كتاب وصف إفريقيا Description of Africa للكاتب أولفيرت دابر Olfert Dapper.
فقد كان من العادات المصريّة القديمة نحتُ زوجين من الأسُود معاً -تسمّى آكيرو- بجانب المداخل من أجل الحماية الإلهيّة حسَبَ اعتقادهم، ما يلفت انتباهنا إلى التّلّ القريب من أبي الهول، إذ يفترض بعض الباحثين أنّ تمثال أبي هولٍ ثانٍ قد يكون مدفوناً في ذلك التّلّ.
الشّكل (8): هضبة الجيزة والمكان المقترحُ وجود أبي الهول الثّاني فيه (ضمن الدائرة)
الشّكل (9): رسمٌ توضيحيٌّ لهضبة الجيزة (منظرٌ جانبيٌّ)
لمعرفة مزيدٍ من التّفاصيل عن أبي الهول الثّاني، يمكن قراءةُ كتابِ
The Giza Plateau Secrets and a Second Sphinx Revealed المتوقّعِ صدوره قريباً للمؤلّفين مالكولم هوتون Malcolm Hutton وجيري كانون Gerry Cannon.
الشّكل (10): غلاف كتاب The Giza Plateau Secrets and a Second Sphinx Revealed
المصدر: هنا