الفنون البصرية > أساطير الشعوب
ما التحدي الذي أودى بحياة مارسياس العازف؟!
مارسياس هو أحد الشخصيات اليونانيّة الأسطوريّة المُنحدرة من منطقة الأناضول، وقد اعتُقد بانتمائه إلى كائنات الساتير (وهي كائناتٌ نصفها ماعز ونصفها بشريّ تجوب الغابات). وبحسبِ الأسطورة اليونانية التقليديّة؛ وجد مارسياسُ الأولوسَ وهو مزمارٌ مزدَوَجٌ من القصب صنعته الآلهة أثينا لكنّها ما لبثت أن لعنته وَ رَمَته بعد أن تعرضت لسخرية الآلهة الأخرى من حركة خدودها أثناء عزفها عليه.
الصورة 1 : آلة الأولوس
وبحسبِ روايةٍ أخرى؛ تخلَّت أثينا عن الأولوس بعد رؤية شكل خدودِها المنفوخة في المرآة إذ اعتقدت أنَّهُ غيرُ لائقٍ بآلهةٍ مثلِها.
الصورة 2 : أثينا و مارسياس – حديقة كوبنهاغن –
تدرَّب مارسياس على العزف حتى برعَ فيه، ثمَّ تحدَّى الإلهُ أبولو في مسابقةِ موسيقية؛ أبولو على قيثارته ومارسياس على الأولوس، وهناك روايتان تختلفان في تتمة القصة لِتعودا فتتفقا في النهاية. إذ تنصُّ الرواية الأولى على فوز أبولو وتعليقه مارسياس على شجرة، وسلخِ جلده حياً كعقابٍ له على غطرسته وتحديه للآلهة، على الرغم من زعم البعض أن سبب هذا العقاب هو غيرة أبولو من مارسياس لبراعته في العزف. وحزنت الآلهة جميعها والحوريات على مارسياس فتجمَّعت دموعهم مشكِّلةً نهر مارسياس المارِ عبر منطقة فيريجيا وهو إقليمٌ قديمٌ يقع في الوسط الغربي من الأناضول.
الصورة 3 : مارسياس يُسلخ حياَ – متحف الكابيتولين – روما
بينما تخبرنا الرواية الثانية عن اختيار ميدس ملك فيريجيا حكماً في هذه المسابقة التي انتهت بفوز مارسياس؛ ممَّا أثار حنقَ أبولو على الملك فمسخَ أذنيه إلى أذني حمارٍ سُتِرَتا بقُبَّعةٍ فبقي الأمرُ سرّاً بين الملك وحلّاقه الذي هُدِّدَ بالموت إن هو أفشاهُ، ولكنَّ صدر الحلّاق ضاق بالسرِّ فذهبَ إلى حقلِ قصبٍ وباح به في حفرةٍ بجوار نهرٍ، فنبت القصبُ في تلك الحفرةِ وأذاع السرَّ في الأرجاء كلما اهتزَّ مع الريح: "أذنا الملك ميدس كأذنيِّ حمار"، وهذا ما دفع به إلى شرب دم ثور والانتحار*، وفي هذه الرواية كذلك؛ عُلِّقَ مارسياس وسُلِخَ حيّاً.
الصورة 4: أبولو ومارسياس والحكم بينهما
وقد تُروى القصة نفسُها مع تغيير في الشخصيات لتصبحَ المنافسة بين الإله أبولو وبان إله الغابات والمراعي –وهو إلهٌ نصفه بشري ونصفه ماعز- ويكتفي أبولو بعقاب ميدس ومسخ أذنيه إلى أذنيّ حمار**.
ويحتلُّ مارسياس مكانةً مرموقةً في النصوص الإغريقية وأعمال الحِرفيين الإغريق والرومان، ولا سيّما تمثالُ مارسياس الشهير في روما؛ رمز الاستقلال والحكم الذاتي.
المصادر :
1- هنا
2- هنا
3- هنا
* بربارة ، فؤاد جرجي . الأسطورة اليونانية . دمشق : 2014 . ص 177 .
**سلامة ، أمين . الأسطورة اليونانية و الرومانية . 1988 . ص 94 و 95.