العمارة والتشييد > التصميم العمراني وتخطيط المدن
ترانيمُ الحُبِّ، عندما تتآلَفُ أصواتُ الرِّياحِ والسياراتِ مع الموسيقا!
قام كلٌّ من الفنَّانِ بنيامين أوسا Benjamin Ossa والمعماريِّ أغوستين إنفانتي Agustin Infante بتصميمِ تغطيةٍ للسطحِ السُّفلي لجسرِ الطَّريق الرئيس في مدينة رينكا Renca التشيلية بمساحة 288 متراً مُربَّعاً، وذلكَ باستخدامِ مجموعةٍ من الأنابيب المُعلَّقة التي تهتزُّ على نحوٍ متوافِقٍ مع الاهتزازاتِ الناتجة عن حركةِ السيارات مُصدِرةً أصواتاً موسيقيّةً تُكسِبُ هذا الفراغَ العامَّ صِفةً مُميَّزةً.
أُنجِزَ هذا العملُ بالتَّعاونِ مع بلديَّة مدينة رينكا Renca، وكليَّةِ الهندسةِ المعماريَّةِ والفنونِ في جامعة ديسارولو Universidad del Desarrollo، وَوزارةِ الأشغالِ العامّةِ، ومؤسَّساتٍ أُخرى.
يَصِفُ المصمِّمان عملَهما بأنَّه انحلالٌ للوقت بالتَّأمُّل بما يتجاوَزُ الوقتَ الحاضرَ؛ فالوقتُ والتَّأمُّل مزيجٌ جيِّدٌ يغذِّي أحدهما الآخر، ويتعايشان في أيِّ فراغ.
وهذه ليست المرَّة الأولى التي تُستخدَمُ فيها الأنابيبُ كعناصرَ عمرانيَّةٍ في الفراغات العامَّة، ففي عام 2010 قدَّم المعماريّ دانييل ليمان Daniel Lyman تصميَمه لفراغٍ تفاعليّ بالقربِ من المسرحِ العامِّ في مدينةِ سالت ليك Salt lake في ولاية Utah في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويتكوَّن هذا التصميمُ من شبكةٍ من الأنابيب البلاستيكية بقطر 2.5 سم تقريباً وارتفاعٍ يقارب ثلاثة أمتار، مثبَّتةٍ في الأرض باستخدامِ قاعدةٍ إسمنتيةٍ، فتُذكِّرُنا بحقلٍ من الأعشاب التي تتمايلُ بتأثير الرياح تمايُلاً متناغماً.
تلقي أشعةُ الشَّمسِ بِظلالِها على الأنابيبِ، ممَّا يخلُقُ طيفاً من الألوان المتموِّجة على أرضيَّة الحصى المحيطة بها، وتتغيَّرُ هذه الألوانُ في المساءِ بارتماءِ أضواءِ المسرح المجاور وإنارةِ الشوارع المحيطة عليها.
يخلق هذا الفراغُ العمرانيُّ بأنابيبهِ البلاستيكية وحركتِها شعوراً بالانتقالِ إلى عالمٍ مختلفٍ عن البيئة الحضريَّة المُحيطة، ويمكِّن المارَّةَ كبارَهم وصغارَهم أن يتفاعلوا معه؛ فقد يستمتعُ الكبارُ بالتجوِّل بحريَّةٍ بين الأنابيب، وأمَّا الأطفال فقد يرغبون بتحريكِها ولمسِها.
ويكفي كي تتفاعلَ مع هذا التصميمِ الفريدِ أن تضغطَ على القضبان؛ ثمَّ تراقبُها وهي تتموَّجُ وتتحرَّكُ بانسيابية أخّاذةٍ.
وتثيرُ هذه التَّصاميمُ ضمنَ الفراغات العامّة الانتباهَ إلى الظَّواهر الواقعةِ عفويّاً وطبيعيّاً؛ فالأصواتُ النَّاجمةُ عن الاهتزاز، وردودُ الفعلِ نتيجةَ تأثيرالرِّياح، والحركةُ المروريَّة؛ كلُّ ذلك يجعلُ المكانَ يبدو كفراغٍ نَشِطٍ وديناميكيّ؛ فتعملُ هذه التصاميم كعباءةٍ مُغلِّفةٍ للفراغ العام، تتجاوبُ مع طاقةِ اهتزازِ المركباتِ على الطَّريق وحركةِ الرِّياح في الفراغِ المحيط؛ منتجةً فكرةً مميَّزةً لا تتناقضُ مع المكان وإنَّما تتآلَفُ معه في انسجامٍ ملحوظ.
فهل تعتقدُ عزيزي القارئ أنَّ هذه التصاميمَ ستُغنِي الفراغاتِ العامَّةِ في المدن وتجعلُها مكاناً أكثر حيويَّةً وقرباً من السكان؟ شاركنا برأيك.
المصادر: