الهندسة والآليات > التكنولوجيا
التحكم باستخدام الأدوات المنزلية
تخيّلوا أننا الآنَ في المستقبل؛ نشاهد إحدى قنوات التلفاز؛ ولكنّها للأسف بدأت تغدو مملَّةً جداً، وحتماً سيفكّر معظمُنا بالتقاطِ جهاز التحكم عن بعد والضغطِ على الزر الموافق لتغيير القناة إلى غيرها.
ولكننا ما زلنا في المستقبل، أليس كذلك؟ إذن لَسنا بحاجةٍ إلى جهاز التحكم هذا؛ بل يكفي أن نحرّكَ كوب القهوة في يدنا أو حتَّى ملعقةً نتناول بها وجبةً لذيذة؛ فنغيّرَ القناة، وطالما نحن ضمن إطار المستقبل فإنَّ هذه الأفكار تبدو منطقيةً جدّاً، ولكنْ؛ ماذا ستكونُ ردّة فعلكم إنْ أخبرناكُم أنَّها أصبحت واقعاً قابلاً للتطبيق اليوم؟!
إذن كيف يمكنني أن أغيّر قناةَ التلفاز بكوب قهوتي؟!
يكمنُ الجواب - أعزّائي - في تقنيةٍ جديدةٍ تُدعى "Matchpoint"، تستخدمُ كاميرا ويب لتمييزِ حركة الأدوات المحيطة أو أجزاءِ الجسم، ومن ثمَّ التحكمِ بالتلفاز.
ولتفعيل هذه التقنية؛ نختار إحدى الأيقوناتِ الظاهرةِ على شاشةِ التلفازِ، والتي تمثلُ الأوامرَ المعطاة مثل: التحكمِ بمستوى الصوت وتبديلِ القناة، ثمَّ نستخدمُ الغرضَ المُختارَ للتحكم؛ إذ بإمكاننا تحريكَه لنرسمَ دائرة في الهواء متحوِّلةً إلى جهاز تحكم.
فعلى سبيل المثال: نختار كوب القهوة، ثمَّ أيقونةَ ضبط الصوت، ومن ثمَّ نحرِّك الكوب في الهواء ليرسم شكلاً ما؛ ولتكن دائرة مثلاً، وبدءاً من تلك اللحظة سنتمكَّنُ من ضبط الصوت باستخدام الكوب طالما أنَّ الكاميرا ترى حركتَه! وفي أحد أنماطه، يبحث “Matchpoint” بكل بساطة عن الحركة، والتي قد يقوم بها أشخاصٌ مختلفون، وكذلك ليس ضروريّاً أن يكونَ الغرضُ المستخدَمُ متاحاً للرؤية بالكامل!
طوّر فريقٌ من الباحثين في جامعة Lancaster هذه التقنيةَ بقيادة الباحث Christopher Clarke، وذلك بالاعتماد على الحركة الدائرية لِتفعيلِ قدرة الغرض على التحكم؛ الأمر الذي يجعل الصدفةَ أمراً مُستبعَداً، وذلك درءاً للأخطاء قدرَ الإمكان.
أخطاءٌ مُحتملةٌ:
إنَّ كونَ النظام لا يزال قيدَ التطوير فهذا يسمحُ بوجودِ بعض الأخطاء الّتي قد تؤثرُ على عمله؛ إذ قد يُخطئُ في التعرُّفِ على الغرض (كوب القهوة)، وكذلك فإنَّ أيَّ تغييرٍ بالموضع قد يؤثرُ على الإدراك؛ ومن ثمَّ يؤدي إلى فشل عملية التعرّف، وبالإضافة إلى ما سبق؛ فإنَّ التفعيل الخاطئ للنظام قادرٌ على التسبّبِ بمشكلةٍ للنظامِ المتحكَّمِ به بالإيماءات في حالِ أصدرَ أحدُ الأشخاصِ إشارةَ أمرٍ ما، وقد تؤدِّي ظروفُ الإضاءةِ الضعيفةِ إلى فشلِ النظام لاعتماده كليَّاً على الكاميرا، وتصعبُ ملاحظةُ حركةِ الغرض كلَّما صغرَ حجمُه أيضاً.
الاستخدام الجراحي:
قد يرى كثيرٌ من الناس استخدامَ كوبِ قهوةٍ بسيطٍ للتحكم بشاشة التلفاز متعةً ورفاهيةً غير ضرورية، ولكنَّ وجود استخداماتٍ أكثر جديَّةً لهذا النظام كالعمليات الجراحية - مثلاً - سيغيِّر وجهة النظر هذه.
إذ يوضِّح Chris Harrison الباحثُ في جامعة Carnegie Mellon إمكانيّةَ استخدام هذا النظام لغاياتٍ مختلفة؛ فقدْ يساعدُ كثيراً في إنجازِ بعض الأعمال عندَ انشغال الأيدي بمَهامٍّ أخرى كاستخدامهِ مثلاً في المطبخِ أثناء تحضير وجبة العشاء.
كذلك فقد أعربَ محترفو المجال الطبي عن رغبتهم باستخدام النظام المذكور للسبب نفسِهِ؛ إذ يضطر الجرَّاحون أحياناً لإدخال بعض المعلومات إلى الشاشة أثناءَ العمليّة، وأضاف Clarke : "على سبيل المثال، لن يُضطرَّ الجرَّاحون إلى تركِ الأدوات الطبيَّة ولمسِ أيِّ شيء؛ الأمرُ الذي قد لا يكون صحياً".
ويحاول فريقُ العمل حاليًّا البحثَ عن طرقٍ لتطوير النظام بإضافة عددٍ من المهام ليصبحَ استخدامُه عمليًّا أكثر.
وفي النهاية، فإنَّ استخدامَ الأغراضِ المنزليّة كأدواتِ تحكُّمٍ عن بعد - سواءٌ كوسيلةِ رفاهية أم كأداةٍ طبيَّة - يبدو خطوةً حديثةً مُرحَّباً بها لتكونَ جزءاً من حياتنا اليومية.
المصدر: