الهندسة والآليات > منوعات هندسية
مرآةٌ ذكيّةٌ تُجبِرُ مرضى السّرطان على الابتسام لها
شيءٌ غريبٌ عندما يَطلُبُ منكَ شخصٌ ما الابتسام له، ماذا يريد؟ ولمَ عليَّ الابتسامُ له؟ ولكن إنْ قلتُ لك أنّ مرآتنا - والّتي تُعَدُّ موضوعَنا اليوم - لا تعكسُ صورتَكَ إلّا إذا قُمتَ بالابتسامِ لها، إنّه الطلب نفسُهُ بطريقةٍ أخرى؛ أليس كذلك؟! ولكنَّ هذه المرآة لا تفعلُ ذلك عبثًا وإنّما دعمًا لمرضَى السّرطان، كنوعٍ من رفعِ الحالةِ المعنويةِ لهم.
تُدعَى هذه المرآةُ بـ Smile Mirror - مرآة الابتسامة؛ وهي شاشةٌ كبيرةٌ مع كاميرا مزروعةٌ ضمنَ الإطار، ومُزوَّدةٌ بخوارزمياتٍ للتّعرّف على الوجوهِ؛ تقومُ بمَهمةِ كشفِ الابتسامة، ثُمّ إعطاءِ الأوامرِ لتحويّلِ الشّاشةِ العاتمة إلى مرآةٍ عاكسة.
يقولُ مُصمّمُ المرآةِ Brek Ilhan أنّه استلهمَ فكرتَهُ بعد محادثةٍ أجراها مع مريضةٍ بالسّرطان، إذ قالت له أنّها في الأيامِ الأولى من مرضِها واجهَت صعوبةً في النّظرِ إلى المرآةِ بعدَ معرفتِها بأنّها مُصابةٌ بالسّرطان.
حسناً؛ أغلبنا يعرفُ أنّ تعبيراتِ وجوهِنا تُؤثّرُ على شعورِنا، فعندما نقومُ بتحريكِ عضلاتِ الوجهِ لنبتسمَ فإنّ دماغَنا يعتقدُ أنَّ شيئاً جيداً قد حدثَ للتو، ونتيجةً لذلك نشعرُ بالسّعادة. لذلك فكرةُ إخبارِ المريضِ بأنّه مصابٌ بالسّرطان تبدو حسَّاسةً جداً، ولكن بعض العلومِ قد تُقدِمُ فكرةً جيدةً لتجاوزِ الموقف.
في عام 1988؛ كلَّفَ عالمُ النّفسِ Fritz Strack مجموعةً من الأشخاصِ بتفحُّصِ رسومٍ كرتونية، على أن تضعَ مجموعةٌ قلمًا بين أسنانِها لتُشَكّلَ حالةَ ابتسام، وتضعُها المجموعةُ الأخرى على شفاهِها لتُشكّلَ حالةَ العبوس، وكانت النتيجة أنَّ مجموعةُ الابتسامِ وجدتِ الرّسومَ الكرتونيةِ مضحكةً على عكسِ مجموعةِ العبوس، و تُدعَى هذه النظريةَ "ردَّ فعلِ الوجه"؛ أي تحريكُ عضلاتِ وجهِكَ يؤثرُ على شعورِك.
وقالت نظريةٌ أخرى إنَّ استخدامَ العيدان يؤدي إلى انخفاضِ مُعدَّلِ ضرباتِ القلبِ في حالاتِ التّوترِ، والّتي تَحصُلُ بعدَ القيامِ بأعمالٍ مثيرةٍ للقلق، مقارنةً بالأشخاصِ الّذين قاموا بالمهامِ ذاتها دونَ أن يبتسموا، لذلك من المُمكنِ أنْ تؤثرَ الابتسامةُ - ولو كانت زائفةً - تأثيرًا إيجابيًا على المزاجِ وتخفّفَ مستوياتِ الإجهاد.
ولكن ليست هذه هي الحقيقةُ الكاملة! لأنّ إجبارَ مرضى السّرطانِ على التّفكيرِ الإيجابيّ قد يُؤدي إلى تأثيرٍ ضارٍّ على الصّحةِ العقليّة، وقد اقترَحَتْ محاضرةٌ عام 1994 أنّ مفهومَ "التّفكير الإيجابيّ" يضعُ عبئاً عاطفيّاً لا مبررَ له على مرضى السّرطان، ويمنعُهم من مواجهةِ الواقعِ والاستعدادِ للمستقبل.
وليس هذا فحسبُ، بل إنّ ورقةً بحثيّةً قُدِّمَت عام 1997 تقول إنّ الإجبارَ على التّفكيرِ الإيجابيّ قد يَفتحُ المجالَ للمشاعرِ السّلبية بالظهور، وفي الوقتِ نفسه؛ فإنّ بعضَ الانفعالاتِ كالحزنِ والانعزالِ قد يُؤدي إلى مشكلاتٍ نفسيّةٍ أخرى أيضاً، لذلك إنْ لم تَتحسن حالةُ المريضِ فقد تُؤدّي مشاعرُ اللومِ الذاتيّةُ به إلى وضعِ حاجزٍ بينَه وبينَ التّفكير الإيجابيّ.
ويبدو أنّ Ilhan مبتكرُ هذه المرآةِ لا يَكترِثُ كثيرًا بالجانبِ السّلبي، فهو قدّ باشرَ ببيعِ مرآتِه اليوم بـ 2000 دولارٍ أمريكي إلى 3000 دولارٍ أمريكي، ويأمَلُ في النّهايةِ أن تنخفضِ الأسعارُ، وأن يتمكّنَ من بيعِها في المستشفيات.
وأخيراً؛ سأسألك عزيزي القارئ، ما هو رأيُك بمرآةِ Ilhan؟ وهل أعجبتك الفكرة؟ وهل تظّنُ أنّ بإمكانِها مساعدةُ مرضى السّرطان؟ لا نستطيعُ بالفعلِ أن نجزمَ بالنّتيجة، ولكنّنا نأمَلُ أن تُلبّيَ الهدفَ الذي صُمِّمَت من أجله في نهايةِ المطاف.
المصدر: