الفنون البصرية > أيقونات فنية خالدة
رأس يوحنا المعمدان؛ بين القسوة واللامبالاة!
تنتمي لوحةُ "سالومي ورأس يوحنا المعمدان" للفنَّانِ الإيطاليِّ مايكل آنجلو ميريسي دا كارافاجيو إلى المدرسةِ الواقعية.
تبدو حيرة "سالومي" في اللوحةِ واضحةً للعيان؛ إذ تنظرُ بعيداً بوجهٍ خالٍ من التعابير وتحاول تجنُّبَ رؤيةِ ما يحدث حولها، وقد تبدو لنا "سالومي" خَجْلى أو عنيدةً أو غيرَ مهتمّة، ولكنّها حتماً تتَّصف باللامبالاة، وأمَّا الجلَّادُ فيبدو مختلفاً؛ كمَن ينفِّذُ ما طلبه منه الأثرياءُ وذوو السلطة دون أن يكون له رأيٌ أو يُبديَ أيّ اعتراض، وكذلك فإنَّ تعابيرَ وجهه الدّالةِ على التعاطف مع المشهد تؤكّدُ أنه ليسَ ذاك الساديَّ الذي يستمتعُ بتعذيب الآخرين في لوحة أخرى للفنان نفسه "جلد المسيح"، بينما تشبكُ العجوز في الخلفية المُظلِمة يدَيها المرفوعتَين بفزعٍ؛ عاجزةً عن تقديم المساعدة ورافضةً للإعدام في آنٍ معاً.
إذن؛ "سالومي" قاسيةُ القلب، والجلَّادُ الصُلب، والعَجوزُ غير القادرةِ على الاعتراض هم عناصرُ لوحتنا التي تتشابه مع لوحاتٍ أُخرى في العديد من النقاط.
فعلى سبيل المثال، رُسِمَت نظرةُ "سالومي" من قبلُ؛ هائمةً بعيداً عن الرأسِ الموضوعِ أمامها في لوحة "تايتان"، ثمَّ ظهرت مجدداً في مجموعة سالفياتي في روما، ولوحة كافالييري داربينو عام 1950، بالإضافة إلى لوحتنا هذه، وإضافةً إلى ذلك فإنَّ الطريقة التي يشدُّ فيها الجلَّادُ شعرَ القدّيس قد صُوِّرت من قبلُ أيضاً؛ ولكن من زاويةٍ أُخرى.
حوَّلَت إضافاتُ كارافاجيو اللوحةََ إلى فيلمٍ مُختصَر؛ إذ ركَّز على العناصر الأساسية، وسردَ مشهدَ التعذيب بأسلوبٍ قَصَصي موضِحاً الحالة النفسية لأبطال عمله الفنّيِّ والحزنَ المرافق للتهميش البشريِّ.
تميّزت أعمالُ كارافاجيو عموماً بتركيزه على فكرةٍ معينةٍ، وإدراج حركاتٍ فنيّةٍ ذكيةٍ بين الشخصيّات؛ ممَّا جعلَ الخرافةَ المرسومةَ تبدو أشبهَ بحقيقةٍ مزعجةٍ للمشاهد.
أُنجِزت اللوحةُ عام 1607 على القماش باستخدامِ الألوانِ الزيتية.
المكان: National Gallery، London
أبعاد اللوحة: 106.7× 91.5 cm
المصدر: