المعلوماتية > الذكاء الصنعي
الشبكات العصبونية سريعة التعلم – الحوسبة التخزينية و استخدام الـ Memristor
هناك نوعٌ جديدٌ من الشبكاتِ العصبونية المصنوعة باستخدام الـ Memristor والقادرةِ على تحسينِ كفاءة تعليمِ الآلاتِ أن تفكِّرَ مثل البشر، ويُمكِن للشبكةِ - التي تُدعَى نظامَ الحوسبةِ التخزينية (Reservoir Computing) - التنبُّؤَ بالكلماتِ قبل قولِها أثناء المحادثةِ؛ والمساعدةَ في التنبُّؤِ بالنتائجِ المستقبلية استناداً إلى الحاضر.
وَالـ Memristor هو نوعٌ خاصٌّ من أجهزة المقاوَمة التي يُمكِنها تأديةُ عمليّاتٍ منطقيةٍ وتخزينُ البيانات في الوقتِ ذاتِه، وهذا يتناقضُ مع أنظمةِ الكمبيوترِ النموذجية؛ إذ تؤدّي المعالجاتُ عملياتٍ منطقيةً مُنفصِلةً عن وحداتِ الذاكرة، وفي هذهِ الدراسة الّتي نقدّمها لكم؛ استخدمَ فريقُ "وي لو" Memristor خاصّاً يحفظُ الأحداثَ في التاريخ القريب فقط.
وقد أنشأ فريقُ البحث نظامَ الحوسبةِ التخزينية بقيادة وي لو Wei Lu - أستاذِ الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر في جامعة ميشيغان-، ونشروا مؤخَّراً أعمالَهم في ناتشر كوميونيكاشنز Nature Communications (هنا)
لقد أُنشِئَت في الماضي نُظُمُ الحوسبةِ التخزينية الّتي تُحسِّنُ قدرةَ الشبكة العصبونية عبرَ تقليلِ وقتِ التدريب المطلوب، مع إضافةِ مُكوِّناتٍ بصريةٍ أكبر، ولكنَّ مجموعةَ U-M أنشأت نظامَها باستخدام الـ Memristor الذي يتطلَّبُ مساحةً أقلَّ، ويُمكِن دمجُه بسهولةٍ أكبر مع الإلكترونيات التي تَستخدِمُ السيليكون.
وبِاستيحائِها من العقولِ؛ تتكوَّنُ الشبكاتُ العصبونية من الخلايا العصبية أو العُقَد والمشابك العصبية والوصلات بين العُقَد، ولأجلِ تدريبِ شبكةٍ عصبونيَّةٍ؛ تأخذُ الشبكةُ خلال هذه المرحلة مجموعةً كبيرةً من الأسئلة مُرفَقةً بالأجوبةِ عنها كي تتعلّم الشّبكة العصبونيّة من خلال الأمثلة التي تُدَرَّب عليها، وتُعرَف هذه العملية بالتعلُّمِ تحت الإشراف Supervised Learning، إذ تُثقَّلُ الوصلاتُ أو تُخَفَّفُ بين العُقَدِ لتقليلِ الخطأ والاقترابِ من تحقيق الإجابة الصحيحة.
وتُختَبَرُ الشبكةُ العصبونيةُ دونَ معرفةِ الجواب؛ فمثلاً؛ يُمكِنُ للنظامِ معالجةُ صورةٍ جديدةٍ وتحديدِ الوجه البشريّ على نحوٍ صحيح، لأنَّه قد تعلَّم - قبلاً - ميزاتِ وجوهِ الإنسان من الصُّوَرِ الأُخرى في مجموعةِ التدريب.
ويقول "وي لو": "يستغرقُ تدريبُ الشبكةِ العصبونية أيّاماً أو حتَّى أشهراً، إنَّها عمليّةٌ مُكلِفةُ للغاية".
يُعَدُّ التعرُّف إلى الصور مُشكلةً بسيطةً نسبيّاً؛ لأنَّها لا تتطلَّبُ أيّةَ معلوماتٍ سوى الصورةِ الثابتة، ولكنّ المهامَّ الأكثرَ تعقيداً مثلُ التعرُّف على الكلام إنّما تعتمدُ اعتماداً كبيراً على السياقِ، وتتطلَّبُ من الشبكاتِ العصبونية أن تكون على علمٍ بما قد حدثَ للتوِّ أو في الماضي!
ويضيفُ "وي لو": "عندَ تحويلِ الكلامِ إلى نَصٍّ أو عندَ ترجمةِ اللُّغاتِ؛ فإنَّ معنى الكلمة وحتَّى نطقَها يختلِفان تبعاً للمقاطعِ السابقة". وهذا يتطلَّبُ شبكةً عصبونيةً متكررة (Recurrent Neural Network - RNN)، والتي تتضمَّنُ حلقاتٍ داخلَ الشبكة؛ ممَّا يُعطيها تأثيرَ الذاكرةِ، بيد أنَّ تدريبَ هذه الشبكاتِ العصبونية المُتكرِّرة على نحوٍ خاص مُكلفٌ جداً.
ولكنَّ نُظُمَ الحواسيبِ التخزينية التي بُنيَت مع الـ Memristor يُمكنُها تخطّي معظمِ عملياتِ التدريبِ المُكلِفة مع توفير القدرةِ على التذكُّر، وذلك لأنَّ العنصرَ الأهمَّ في النظام – الخزان (Reservoir) - لا يتطلَّبُ التدريبَ.
فعندما تُدخَلُ مجموعةٌ من البياناتِ في الخزَّان ينبري لتحديدِ سماتِ البيانات المُهمَّةِ والمتعلِّقةِ بالزمن، ومن ثَمَّ يمرّرُ هذه السمات تمريراً مُبسَّطاً إلى شبكةٍ ثانية، إذ تحتاجُ هذه الشبكةُ الثانيةُ إلى التدريب على نحوٍ مماثِلٍ للشبكات العصبونية البسيطة فقط، وذلك بواسطةِ تغييرِ أوزانِ السِّماتِ وقِيَمِ الخَرج الناتجة عن الشبكة الأولى حتى يتحقَّقَ مستوىً مقبولٌ من الخطأ.
ويصرّحُ "وي لو": "إنَّ جماليّةَ الحوسبةِ التخزينية ناتجةٌ عن كونِنا نصمّمها دون أن يكونَ علينا تدريبُها".
وقد أثبتَ الفريق مفهومَ الحوسبة التخزينية باستخدامِ اختبارِ التعرُّف إلى الكتابة اليدوية (للأرقام)، وهو معيارٌ مُشترَكٌ بين الشبكاتِ العصبونية، إذ قُسِّمَتِ الأرقامُ إلى صفوفٍ من وحداتِ البكسل، واستُخدِمت كَدَخلٍ للحاسوب مع ترميزِ الجهد ترميزاً مشابهاً لشيفرةِ مورس، مع صفر فولت لِبكسل داكن، وقليلاً أكثرَ من فولت واحدٍ لِبكسل أبيض، ثم استُخدِمَ 88 Memristor كعُقَدٍ لتحديد النسخ المكتوبة بخط اليد من الأرقام فقط، بالمقارَنة مع الشبكةِ التقليدية التي تتطلَّبُ الآلاف من العقد لتنفيذِ المَهمَّة، واستطاع هذا النظامُ تحقيقَ دقةِ 91 في المئة.
وتأتي أهميةُ نُظُمِ الحوسبة التخزينية من التعامل مع البياناتِ التي تختلف مع مرور الوقت خاصّةً، مثلَ تيارٍ من البياناتِ أو الكلمات أو المهامِّ التي تعتمد على نتائجَ سابقة؛ كالتنبؤ بأحوال الطقس أو البورصة مثلاً.
ولإثبات ذلك؛ اختبرَ الفريقُ وظيفةً مُعقَّدةً تعتمدُ على نتائجَ سابقةٍ متعدِّدة، وهي شائعةٌ في المجالاتِ الهندسية، وتمكِّنُ نظامَ الحوسبةِ التخزينيةِ من نمذَجةِ الوظيفة المُعقَّدةِ بأقلِّ قَدرٍ من الأخطاء.
ويخطط "وي لو" لِاستكشافِ مسارَين في المستقبل مع هذا البحث: التعرُّف على الكلام والتحليلِ التنبُّئِي.
ويقول: "يمكننا أن نضعَ توقُّعاتٍ عن اللغةِ المنطوقةِ الطبيعية، لذلك لا يتعيَّنُ عليكَ أن تقولَ كلمةً كاملةً". ويضيف: " يُمكننا أن نتوقَّعَ ما تنوي قولَه تالياً"!
المصدر: