منوعات علمية > منوعات
ماذا يفعل جسمُنا أثناء نومِنا؟
يعتقد العديدُ من البشرِ أنَّ النومَ ليس إلا مضيعةً للوقتِ، وأنّه عمليّةٌ يتوقّف خلالها الجسمٌ عن العمل، إلّا أنَّ ذلك مخالفٌ للحقيقةِ تماماً لأنَّ النومَ في الواقع عمليّةٌ معقّّدةٌ يحدث خلالها العديدُ من الأشياءِ، وهي تساعدنا على الشعورِِ بصِحّةٍ جيّدةٍ، وتسهم في إعدادِ أجسادِنا وترميمِها لنبدأ يومنا التالي بكلِّ نشاطٍ.
يقضي البشرُ وسطيّاً ثلثَ عمرِهم في النومِ، ومع ذلك لا يزال العديدُ منهم يجهل ما يحدث خلال هذه العمليّةِ، وللأمانةِ فحتّى العلماء لم يحلّوا ألغاز النوم جميعها حتّى هذه اللحظةِ، ولا تزال العديدُ من الأسئلةِ عصيّةً على الإجابةِ كتحديدِ مصيرِ الوعي خلال النومِ مثلًا، إلّا أنّه وبالرغم من ذلك يمكننا القولُ أنّنا وصلنا إلى مرحلةٍ متقدّمةٍ جدًا من فهم عمليّةِ النومِ برمّتِها.
استطاع العلماءُ بعد عِدّة دراساتٍ وتجاربَ تقسيمَ النومِ إلى أربعِ مراحلَ تتدرّج حسب درجةِ عُمقِ النومِ وتصرفاتِ الجسمِ خلالها، وإليكم هذه المراحلَ الأربعَ مع نظرة عن قرب على بعض الأشياءِ المعقّدةِ التّي تقوم بها أجسامُنا كُلَّ ليلةٍ، ولنبدأ مع المرحلة الأولى.
- المرحلة الأولى: تمثّل هذه المرحلةُ الوقتَ بين اليقظةِ ومرحلةِ النومِ المتوسّطِ، ويكون من السهل جداً لأي شخصٍ أن يوقظنا خلالها، وإذا ما استيقظنا في هذه المرحلةِ سنشعر أنّنا لم ننم إطلاقاً. تتحرك العينان ببطءٍ في هذه المرحلةِ ذهابًا وإيابًا، وتسترخي العضلاتُ كذلك.
- المرحلة الثانية: يُمكن القول أنّها مرحلةُ النومِ المتوسطِ العمقِ average sleep، فالنوم في هذه المرحلةِ لا يكون عميقًا بشكلٍ كافٍ، ولا يستيقظ المرءُ بسهولةٍ، وتُعادل هذه المرحلة نصفَ مدّةِ النومِ الإجماليّةِ. تتباطأ الموجاتُ الدماغيّةُ في هذه المرحلة وكذلك معدّل ضرباتِ القلبِ كما ينخفض ضغطُ الدّمِ ممّا يعني أنّه خلال وقتٍ طويلٍ من فترةِ النومِ يحصلُ الجهازُ القلبيُّ الوعائيُّ على الراحةِ وهذا ما يُفسر الفوائدَ الكثيرةََ لهذهِ المرحلةِ على قلوبنا وأوعيتنا الدمويّةِ.
- المرحلة الثالثة: هي مرحلةُ النومِ الأعمقِ، وتتباطأ فيها الموجاتُ الدماغيُّة أكثرَ من المرحلةِ السابقةِ، وتغدو بطيئةً ترميميّةً عاليةَ السِعةِ. ينخفض كذلك تواترُ معظمِ وظائفِ الجسمِ، فينخفض ضغط الدم، ويتباطأ التنفسُ، ويتدفّق الدمُ إلى العضلاتِ ويتم إصلاحُ الأنسجةِ، وبالتالي يتمكّن الجسم من إصلاحِ نفسِه. كما تُفرزفي هذهِ المرحلةِ بعضُ الهرموناتِ مثل هرمونِ النموِ البشريّ. ويُمكن في هذه المرحلة أن يسير الإنسانُ أو يتحدّث أو حتى أن يأكل إذا كان لديه ميولٌ لذلك، وبما أنّها أعمق مراحل النوم فإنَّ استقياظَ المرءِ فيها صعباً للغايةِ ممّا يُفسّر صعوبةَ إيقاظِ أولئك الّذين يمشون خلال نومِهم.
- مرحلة حركةِ العينِ السريعةِ (REM) : يختبر البشرُ الأحلامَ في هذهِ المرحلةِ، وتدعى بمرحلةِ النومِ التناقضيّ paradoxical sleep لأنّ الجسمَ يكون نائماً بينما يضيء الدماغُ أثناء تخطيطِ موجاتِه وكأنَّ الجسمَ مستيقظٌ. خلال هذه المرحلةِ أيضاً تُصبح حركةُ العينِ سريعةً للغايةِ (وهو ما يعطي المرحلة اسمها). تُشلّ العضلات في هذه المرحلةِ وهو أمرٌ منطقيٌّ حتى لا يستطيع المرءُ أن يتفاعلَ خلال أحلامِه، ويمكن أن يختلف معدّلُ التنفس ومعدّلُ ضربات القلب بشكلٍ كبيرٍ.
لكن كما قلنا لا تزال العديدُ من الأمورِ المتعلّقةِ بالنومِ غامضةً، حيث يعلن الباحثون أنّه خلال مرحلةٍ ما -غير متأكدين منها بعد- من النوم تنظم أجسامُنا مستوياتِ الهرموناتِ التي تتحكّم بالجوعِ، كما تثبّت أدمغتُنا الذكرياتِ والمعلوماتِ التي تعلّمناها في اليومِ السابقِ. وبالتأكيد ستحمل الأيّامُ القادمةُ العديدَ من التجاربِ والبحوثِ الّتي من الممكن أن تكشف الكثيرَ من الغموضِ الموجودِ.
المصادر: