كتاب > روايات ومقالات
مراجعةُ سلسلةِ مدنِ الملح لعبدالرحمن منيف: مدنُ الملح في نشأتها الأولى.
عندما نريدُ أن نكتبَ نصّاً روائيّاً يَتَحدّث عن صيرورةِ الحضارةِ في الأشخاصِ والنفسياتِ والمدنِ العربيّة فيجبُ أن نعتمدَ هذه الوثيقةَ كمصدرٍ خاصٍّ في العمليّةِ البنائيّةِ لذلك النصّ.
عبدُ الرحمن منيف في أدبيّته مدن الملح قدّمَ حدثاً لم يتطرّقْ إليه أحدٌ من قبلُ، وهو نشوءُ الحضارة في بلدان الخليج العربي؛ تلكَ المرحلةُ الخطيرةُ من الزمن، والتي سَتَلْوِي عنقَ الحضارةِ باتجاهٍ مختلفٍ جدّاً عمّا كانت ستؤول إليه.
اكتشافُ النفطِ؛ وهو عمليّةٌ لم تكن مجرّدَ اكتشافٍ للنفط فقط؛ بل كانَ حدثاً اكتشافيّاً تاريخيّاً للزمنِ، وللجغرافيا، وللنفسِ البشريّة، وللحضارةِ العمرانية على نحوٍ كاملٍ، فهذا السائلُ الأسودُ سيعيدُ صياغةَ الصحراءِ، ويعطيها أبعاداً ثالثةً ورابعةً لم تكن لتخطرَ في بالِ ساكنيها ولا بالِ من يقرأون عن ساكنيها.
ومن هنا انطلقَ عبدُ الرحمن منيف في سلسلته مدن الملح؛ ومن الرواية الأولى المُعنوَنةِ "التيه"؛ وأستطيعُ أن أقولَ بأنّه عملٌ روائيٌّ أضافَ إلى الأدبِ العربيّ مجموعةً فريدةً لا تقلُّ فخامةً لفظيّةً وأدبيّةً وفكريّةً عن ثلاثيّة القاهرة.
تبدأُ الروايّةُ الأولى "التيه" بسردٍ عاطفيٍّ جماليٍّ حيويٍّ جدّاً عن الصحراءِ، وأهلها في وادي العيون، ثمّ لا تلبثُ أن تبدأَ الأمورُ بالتّغيّر قليلاً مع بَدْءِ وصولِ الأمريكان وبحوثهم عن النّفط، وهنا سيتغيّر كلُّ شيء؛ عليك أن تقرأَ بتأنٍّ كاملٍ كي لا يفوتكَ أيُّ تفصيل؛ فكلّ تفصيلةٍ هي محورٌ هامٌّ في تاريخٍ كاملٍ، وما أثارَ دهشتي أنّ منيف لم يفوّتْ أيَّ تفصيلٍ ممكنٍ إلا وَأورَدَهُ، وهنا تكمنُ العظمةُ في عقليّة هذا الأديبِ، فهو يسبقُ القارئَ دوماً إلى أماكنَ سينساها أو ربّما لم تخطر في باله.
ومعَ تنوِّعِ الشخوصِ واالنفسياتِ؛ سنشاهدُ حركةَ بناءٍ متنوعة جدّاً للشخصيّاتِ؛ فعمليّة النقلِ الأدبيّ والتحليلِ النّفسي لأناسٍ - عاشَوْا طوالَ حياتهم متلحفينَ السّماءَ كغطاءٍ والشمسَ كرداءٍ بينَ البداوةِ والحداثةِ وما بينهما - عمليّة أدبيّةٌ صعبةٌ جدّاً، ولكن بخفّة عبد الرحمن منيف رأينا سلاسةً في هذا النقلِ حتّى إنّي كقارئٍ لم أَتُهْ بينَ الشخصياتِ على الرّغمِ من كثرتها، وهذه حالةٌ نادراً ما تصادفني في الأعمالِ الأدبيّة الضخمةِ كما حدثَ معي في "الحربِ والسلمِ" أو في "مائة عام من العزلة" على سبيل المثال، كما أنّ المقدمّةَ وعمليّة الدخولِ في الروايّة كانت ساحرةً ولا تقلُّ روعةً عن أعظمِ المُقدِّماتِ الأدبيّة في العالم.
الكتاب الثاني "الأخدود":
بعد أن كانت عاطفةُ الكتاب الأول عاطفةً صحراويّة - وهي المحرّك الأساسُ له - وبعد أن رأينا كيفيّةَ الانتقالِ من الصحراءِ والبداوةِ الأولى إلى بدْءِ التّمدنِ؛ ينتقلُ عبد الرحمن منيف في الجزءِ الثّاني من خماسيته "مدنُ الملحِ" والمسمَّى "الأخدودُ" إلى الدولةِ وكيفيّةِ تكوّنها بعدَ أن كانت تَجَمُّعاً حضريّاً-بدويّاً مصغّراً.
في "الأخدود"؛ بدأتْ ملامحُ الدولةِ تظهرُ على تلكَ المنطقةِ الصحراويّةِ القريبةِ من بلادِ الشام واليمن ببزوغ القوى الخارجيّة التي أتتْ لتستفيدَ من بِِكْرِ تلكَ الأراضي في ثرائِها الأوّلِ؛ ولِتُحَصِّلَ الثّروةِ والمجدِ كيفما تحصَّل وبأيّةِ طريقةٍ كانتْ، معتمدينَ على أبناءِ المنطقةِ الذين ما فَتِئُوا يستوعبونَ تلك اللعبةَ الحضريّة البغيضةَ في الإثراءِ والسلطة.
ويسيرُ الصراعُ في هذا الجزْءِ سواءً بسواءٍ كما نشوءُ الصراعِ بين السلطةِ والمالِ، وبين الغنى والفقر، وبين ابنِ المكانِ والمُقيم الغريبِ، وبين المال القذر والمال النظيف.
جميعُ هذه الثنائياتِ وفوقها ثيمةُ المرأةِ وسطوتُها السلطويّةُ القائمةُ على الإخلالِ بتوازناتِ المجتمعِ الذكوريّ انطلاقاً من علاقاتٍ يحكُمها الجنسُ، وتكونُ فيها هي السلطان، وقدِ استطاعَ منيف أن يقدِّمَ صورةً حقيقيّةً ليست أقربَ إلى الحقيقة؛ بل حقيقيّةً في تصويرها وحيويتها وأسلوبها في نشوء الدول والأسرار التي تخفى فيها.
الصورةُ الحقيقيّة هنا ليست في إسقاطِ الأحداثِ أو الشخوصِ على الواقعِ ولكن في إسقاطِ الواقعِ على الروايةِ، إنّها عمليّةٌ عكسيّةٌ اعتمدَها منيف لجعلِ قُرَّاْئه يُبدعون في تصوراتهم وتحليلاتهم معتمدين على أسلوبٍ أدبيٍّ بديعٍ قدَّمه عبدالرحمن منيف في هذا الجزء.
ما يميّزُ هذا الجزْءَ في شخصيّاتِه الظهورُ الصّارخُ لشخصيّةِ الدكتور صبحي المحملجي مع إظهارِ أدوارٍ بارزةٍ لأبناءِ الطبقةِ الفقيرةِ في مجتمعِ موران المنقسم طبقيّا بشراسةٍ؛ إذ لم ينسَ منيفُ أن يعطيَ هذه الطبقةَ دوراً مهمّاً في الروايةِ على الرغم من هامشيّته في عمليّة تأسُّسِ الدولةِ وقوّتها، ولكن؛ في النّهايةِ عندما نرى أن "نجمَ" الابنَ المثقَّفَ لشمران العتيبي ابنِ الطبقةِ الفقيرةِ سيقبعُ في السجنِ لأنّ "نجم وجماعته يريدون دمنا" هذا الكلامُ من "حماد" رئيسِ فرعِ الأمنِ في موران يشيرُ به منيف إلى احتمالين؛ إما إلى بزوغِ طبقةٍ مثقفةٍ في موران ستقودُ يوماً مشعلَ ثورةٍ، وإمّا إلى بزوغِ طبقةٍ دينيّةٍ ستثورُ أيضاً على هذه السلطة، ولكنَّ الإسقاطَ الأكبرَ يأتي في سياقِ أنّ السلطةَ والدينَ سيجتمعان يوماً من الأيام في موران، فإلى أينَ ستهبُّ رياح موران؟
الكتابُ الثالث "تقاسيم الليل والنهار":
"تقاسيم الليل والنهار" الجزء الثالث من الملحمة الكبرى لعبدالرحمن منيف في مدن ملحه.
يعودُ عبدالرحمن منيف في هذا الجزْءِ إلى البداياتِ والأماكنِ التي سردتْ فيها الروايةُ بأزمنِتها الحقيقية؛ الأزمنةُ التي غيّرت وجْهَ المنطقةِ إلى الأبد، الصحراءُ في أناقتِها الأولى، والبدو في أصالتِهم كاملةً غير ملموسةٍ؛ أمّا ماذا يحدث بعد ذلك؟! فهنا عندما تلتفتِ الدولُ الكبرى إلى تلك الأماكن فلا بدّ أن يتغيّرَ كلُّ شيءٍ وإلى الأبد أيضاً.
فبعدَ مرحلةِ بناءِ الدّولةِ التي سُرِدتْ أحداثُ أولى سلاطينها وأحداثُ نشوْءِ الحضارةِ فيها في الجزأين الأوَّلين اللّذَين سُرِدَا بعاطفةٍ جيّاشةٍ من منيف؛ ينتقلُ بنا إلى الوراءِ في إضاءةٍ على السلطانِ خريبط والد السلطان خزعل وكيف وطِّدت سلطته على شبه الجزيرة العربية بين قبائلَ وعشائرَ ترى نفسَها أنّها الأحقُّ في الزعامةِ، يأتي خريبط ليقوم بخربطةِ كلِّ ما رُسِمَ له في رؤوس أولئك الزعماء.
الدّعمُ الخارجيُّ المتمثلُ بهاملتون ممثِّلاً عن البريطانيين تراه يتناوبُ مرَّةً معهم ومرّةً عليهم؛ وبأسلوبٍ ذكيٍّ جداً في محاولةٍ لاستمالةِ قلوبِ الجميعِ، ثمَّ تأتي تربيةُ فنر ابن خريبيط - وهو الشخصيَّةُ الرّئيسةُ في هذا الجزء - لإظهارِ كيفَ تُنَشَّأ الملوكُ، فهناك في بريطانيا قد تلقّن الدروسَ السّياسيّة جميعُها، ولكنَّ ما تلقّاه من والده هو الأكثرُ أصالةً في العلاقاتِ الدّاخليّةِ بين أناسٍ لم تغزُ الحضارةُ عقولَهم بعد؛ لذلك على ما يبدو فإنّ منيف يُهَيِئُ فنر لشخصيّة سلطانية مميزة؛ فيها من الدهاء والأصالة خليطٌ مميزٌ.
وما ميَّزَ هذا الجزْءَ أيضاً هو الدخولُ إلى الغرفِ الداخليّةِ لقصرِ السلطان، وما يحدثُ هناك من كلّ العلاقاتِ والمؤثراتِ والمؤامراتِ بينَ مجموعةٍ من نساءِ السّلطانِ وأولادهم وخدمهم وحشمهم، وهناكَ تدارُ رَحى حروبٍ داخليّةٍ لا تُعْلَنُ للجميعِ؛ بل تبقى طيّ الكتمانِ، فهذه الصراعاتُ الدّاخليّةُ ليستْ إلا الانعكاسَ الخارجيّ للصراعاتِ بين القبائلِ والرّغبةِ الشرسةِ في السيطرةِ النّهائيّة على زعامةِ القصرِ.
الكتاب الرابع "المنبت":
عندما يصلُ القارئُ إلى هذا الجزء من الخماسية، يكونُ قد تشبَّعَ بالعواطفِ التي فرضَها عليه عبد الرحمن منيف طوالَ ثلاثةِ أجزاء، ليضعَ بين يديه الجزء الرابع - وهو "المنبت" - المليءَ بالتعاطف الآن.
هزيمةُ السلطانِ خزعل المفاجِئةُ، والانقلابُ المدوّي الذي حدثَ لسلطته من قبل أخيه؛ أتتْ على نحوٍ مؤلم لقارئٍ استمرّ ثلاثة أجزاء بالوتيرة نفسها.
وهنا يلعبُ منيف على مشاعرِ المَنفى التي قاسى منها ما قاساه، ليعكسَ بذلك صورةً حقيقيّةً عن مشاعرِ أولئك الذين هُجِّرُوا من بلادهم، وتبدّى الانعكاسُ الأكثرُ واقعيّةً لنفسيّةِ المَنفيّ عبرَ شخصيّة الدكتور صبحي المحملجي، فالانكسارُ الذي ألمّ به أتى على كل جزئيةٍ في شخصيته، وما محاولاتُه للعودةِ إلى الحياة إلا كَتَعَلُّقِ الغريقِ بالقشّة.
ويُعَدُّ الجزءُ استمراريّةً لجمال أدبِ عبد الرحمن منيف مع لمسةٍ من منفاه.
الكتاب الخامس والأخير "بادية الظُلُمات":
لم يُخِبْ ظنّي عبد الرحمن منيف بقدرته على إنهاء الملحمة بالطريقة المُثلى؛ ختامٌ قويٌّ؛ ختامٌ صارخٌ ضدّ الظلمِ؛ ختامٌ يحملُ من المعاني ما نستطيعُ أن نُسْقِطَه على أيّةِ منطقةٍ من مناطقِ الشّرقِ الأوسطِ البائسِ.
فمهما اختلفتْ مشاربُ الإنسان وقوميّاته وأعراقُه يبقى إنساناً في كلِّ مكانٍ، وتبقى القدرةُ على تحمّلِ الظلْمِ والثورةِ في وجْهِ الظّلمِ واحدةً في كلِّ مكانٍ مع اختلافِ الظروفِ والبيئة.
وفي هذا الجزء المُسمَّى "بَاديةُ الظُلُمات" ينتقلُ عبدُ الرحمن منيف إلى ظلامِ التّحضرِ الشرقِ أوسطيّ بعدَ ثورةِ النفطِ في البلدان النفطية، وقد عكس التخيُّلُ في بعضِ الأماكنِ واقعاً لا يمكنُ تصوُّرُه إلّا بواسطةِ كتاباتِ عبد الرحمن منيف، فمن كتبَ "شرق المتوسط" وأبدع لنا فيها؛ يُقدّم لنا هذا الجزءَ مبدعاً بظلاميته أيضاً.
قبل أن أبدأَ بقراءةِ الجزء الأخير؛ اصطَدمتُ بمعلومةِ اغتيالِ فنر في أحد الأماكن، وقد حزنتُ جدّاً قبلَ أن أبدأ، ولكن بعدَ أن بدأتُ بالقراءةِ ولاحظتُ التّحولاتِ التي تحوَّلها فنر لمْ أحزنْ نهائيّاً لاغتيالِه في آخر الصفحاتِ؛ بل توقعتُ مُسبقاً - على الرغم من معرفتي باغتياله - بأنّ هذه الشخصيّة من المستحيل أن تستمر على الوتيرةِ ذاتها.
ويقولُ عبدُ الرحمن منيف عن مدن الملح: أقدّرُ أنَّ الروايةَ يُمكن أن تضيفَ جوانبَ معيَّنةً في وضعِ الشرقِ الأوسطِ ومناخِه وبالتّالي همومه، وممّا لا شكَّ فيه أنَّ الحافزَ الأساسَ لديّ لكتابةِ هذه الرواية كانَ الإحساسَ بأنَّ موضوعَ النفطِ بحاجةٍ إلى معالجةٍ، وإلى معرفة التأثيراتِ الكبيرةِ التي حصلتْ نتيجةَ وجود هذه الثروة التي لم يَحْسُنِ التّعامُلُ معها، ومن البديهيّ أنّ إلقاءَ الأضواءِ على جزءٍ من ماضي هذه المنطقة سيساعدُ في قراءةِ الواقعِ الراهن، ومعرفةِ هذا الغليانِ أو هذا الوضع الاستثنائيّ المُتَفَجِّرِ، ولعلّ السعوديّةَ هي إحدى هذه المناطقِ التي هي بحاجةٍ إلى إعادة نظر.
وحين سُئل عبد الرحمن منيف لماذا سمّى روايته مدنَ الملحِ لا مدنَ النّفطِ الذي هو أقرب إلى موضوعها، بل هو موضوعها الأساس؟ أجابَ: عندما يُفَكِّرُ الإنسانُ للوهلةِ الأولى باختيارِ عنوانِ هذه الرواية فسيقعُ اختياره على مدن النفط، لكنّي قصدتُ بمدنِ الملح المدنَ التي نشأت في برهةٍ من الزمن نشوءاً استثنائيّأً غيرَ طبيعيٍّ؛ بمعنى آخر؛ ليست نتيجةَ تراكمٍ تاريخيٍّ طويلٍ أدّى إلى قيامِها ونموِّها واتساعها، إنّما هي عبارة عن نوعٍ من الانفجاراتِ نتيجةَ الثروةِ الطارئةِ، وهذه الثروة (النفط) أدتْ إلى قيامِ مدنٍ متضخمةٍ أصبحت مثل بالوناتٍ يمكن أن تنفجرَ؛ أن تنتهيَ بمجرَّدِ أن يلمسَها شيءٌ حادٌّ، والشيء ذاته ينطبقُ على الملح؛ فبالرغم من أنّه ضروريٌّ للحياةِ والإنسانِ والطبيعةِ وكل المخلوقاتِ، إلا أنّ أيةَ زيادةٍ في كميته - أي عندما تزيد الملوحة سواء في الأرض أو في المياه - تجعلُ الحياةَ غير قابلة للاستمرار، هذا ما هو مُتوقعٌ لمدنِ الملح التي أصبحتْ مدناً استثنائيّةً بحجومِها، وبطبيعةِ علاقاتها، وبتكوينها الداخليّ الذي لا ينسجم.
وكأنّها مدن اصطناعيةٌ مستعارةٌ من أماكنَ أخرى، وكما قلت مراراً، عندما يأتيها الماء، عندما تنقطع منها الكهرباء أو تواجه مصاعبَ حقيقيّة من نوعٍ أو آخرَ سوف نكتشفُ أنّ هذه المدن هشّةٌ وغيرُ قادرةٍ على الاحتمالِ وليست مكاناً طبيعياً لقيامِ حاضرات أو حواضر حديثة تستطيعُ أن تستوعب البشر وأن تغير طبيعة الحياة نحو الأفضل.
شكراً عبد الرحمن منيف لأنك قدمت لنا إرثاً ثميناً جدّاً لن ننساه أبداً، فمن يقرأ مدن الملح من القراء العرب تحديداً ليس كمن لا يقرأُ مدن الملح.