الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة
إزالةُ سُمّيّةِ المياه في ثوانٍ معدودة
يقفُ قرابةَ مليارِ شخصٍ حولَ العالمِ عاجزينَ عن الحصولِ على مياهِ شربٍ نظيفة، ومن المُتوقّعِ أن يزدادَ هذا العددُ مع تغيّرِ المناخِ المُستمرّ.
وفي الوقت نفسه؛ فإنّ حاجتنا المُتزايدةَ إلى الطاقةِ واستخدامَ المعادنِ الثقيلةِ في العمليّاتِ الصناعيّةِ عزّزا تعرُّضنا إلى الموادّ السامّةِ في الماء.
وتميلُ الطرائقُ والوسائلُ الحاليّةُ إلى إزالةِ المعادنِ الثقيلةِ - متضمّنةً مادّةَ الرّصاص- من مياهِ الشربِ إلى كونها مُكلِفةً ومُستهلِكةً للطّاقة؛ دون أن تكون فعّالةً بما فيه الكفاية، وقد تكونُ الطرائقُ غيرُ التقليديّةِ أكثرَ كفاءةً لكنّها غالباً تستخدمُ مرّةً واحدةً، أو نجدُ صعوبةً في تجديدها، أو قد تُولِّدُ نفاياتٍ سامّةً كمُنتَجٍ ثانويّ.
ولذا لجأ الباحثون إلى حلٍّ فريدٍ من نوعِه عن طريقِ استخدامِ أُطُرٍ عضويّةٍ معدنيّةٍ (MOFs)، وهي موادّ مصنوعةٌ من عقدٍ معدنيّةٍ مرتبطةٍ بعضِها مع بعض بواسطةِ دعاماتٍ كيميائيّةٍ عضويّة، إذ تتيحُ مناطقُ السطحِ الداخليّ لهذِه الأُطُرِ المعدنيّةِ العضويّة MOFs سحبَ بخارِ الماءِ والغازاتِ الأُخرى من الهواء، وكذلكَ صُمِّمَ مركّبُ بوليمرٍ مائيٍّ مُستقرٍّ باستخدامِ موادّ زهيدةِ الثمنِ وصديقةٍ للبيئة، وعُولجَت مادّةُ MOF بالدوبامين الّذي تحوّل بالبلمرةِ إلى عديدِ الدوبامين PDA مثبّتاً البوليمير داخل مادّة MOF، واستطاعَ المُركّبُ النهائيّ المُسمّى Fe-BTC PDA إزالةَ كميّاتٍ كبيرةً من المعادنِ الثقيلةِ مثلَ الرصاصِ والزئبقِ من عيّناتِ المياهِ بسرعةٍ وانتقائيّةٍ عالية، وفي الواقع يمكنُ لهذا المركّبِ إزالةُ ما يزيدُ عن 1.6 ضعفاً من وزنه من الزئبق و0.4 أضعاف وزنه من الرصاص.
بل أكثر من ذلك؛ فقد اختُبِرَ Fe-BTC/PDA على إحدى أسوأ عيّناتِ المياهِ السامّةِ مثلَ تلكَ الموجودةِ في فلينت بولاية ميشيغان في الولاياتِ المُتّحدة الأمريكيّة، وقد أَظهرتِ الاختباراتُ أنّ هذه المادّة قادرةٌ في ثوانٍ معدودةٍ على تخفيضِ تركيزِ مادّةِ الرصاصِ إلى جزأين في المليار (أي 0.002 mg/l)، وهو المستوى الّذي تعدُّه وكالةُ حمايةِ البيئةِ الأمريكيّةِ ومُنظَّمةُ الصحّةِ العالميّةِ آمناً وقابلاً للشرب.
وكذلك أزالَ بعضُ العلماءِ مادّةَ الرصاصِ من عيّناتِ المياهِ العالميّةِ المُتنوّعةِ الّتي جُلبَت من نهرِ الرون والبحرِ الأبيضِ المُتوسّط ومحطّةِ معالجةٍ لمياهِ الصرفِ الصحيّ في سويسرا، وبيّنوا كيفيّةَ إعادةِ توليدِ موادّ الـ MOFs بسهولة أيضاً.
وتعدُّ هذه الدراساتُ إثباتاً لمدى فعاليّة الموادّ الجديدة في التخلّص من المعادن الثقيلةِ السامّة، وبأخذ هذا الأمرِ بعينِ النظر؛ نجدُ أنّ منهجَ المادّةِ الجديدة هذا MOF واعدٌ جدّاً لحلِّ القيودِ الحاليّة لأنظمةِ معالجةِ وتنقيةِ المياه.
المصدر: