تقنية التراسل RCS

استمع على ساوندكلاود 🎧

منذُ سنواتٍ طويلة؛ ومعَ ظهورِ أُولَى الهواتفِ المحمُولة؛ ظهرتْ خدمةُ الرَّسائلِ القصيرةِ النصية SMS؛ والّتي - كمَا يشيرُ اسمُها - سمَحت لِمستخدمِي الهاتفِ المحمولِ بتبادلِ الرَّسائلِ النَّصيَّةِ القصيرةِ، وهيَ الخدمةُ الوحيدةُ الّتي وفّرَتهَا الهواتفُ إلى جانبِ الاتّصالِ الصَّوتيِّ في ذلكَ الحِين.

وبعدَ أنْ تطوّرت الهواتفُ المحمولةُ وأصبحتْ قادرةً على الاتّصالِ بالإنترنت، ومن ثمَّ ظهرَت الهواتفُ الذّكيّةُ وتطبيقاتُ الدَّردَشة؛ قلَّ الاعتمادُ على خدمةِ الـ SMS، وخاصّةً في ظلِّ وجودِ كلٍّ من "واتساب" و"فايبر" و"تيليغرام" ومثيلاتِها من البرامج الّتي تُقدِّم مِيزَاتٍ غنيَّةٍ؛ كمشاركةِ الصُّورِ والدَّردشةِ الجماعيَّة ومكالماتِ الصَّوتِ والفيديو.

ومِنْ مِيزَاتِ SMS أنَّها تُتِيحُ لكَ التَّواصلَ مع أيِّ شخصٍ في العالَم عبرَ رقمِ هاتفِه فقط، وبدونِ حاجةِ الطّرفِ الآخرِ إلى تثبيتِ أيَّةَ تطبيقاتٍ خاصَّةٍ، وبدونِ أيَّةِ اتّفاقاتٍ أو ترتيباتٍ مُسبقةٍ بخصوصِ التَّطبيقِ المُستخدَم من قبل الطّرفين، بلْ يحدثُ ذلكَ بسهولةٍ شديدةٍ عبرَ تطبيقِ SMS الافتراضيِّ الموجودِ في جميعِ الهواتفِ المحمولةِ، ولكنَّ المشكلةَ الوحيدةَ هيَ أنَّ خدمةَ الـ SMS محدودةٌ جدًّا وِفقًا لمتطلَّباتِنا الحاليَّة.

ولكنْ؛ بدأَ تطويرٌ جديدٌ وكبيرٌ - قدْ يُغيِّرُ كلَّ شيء - بالوصولِ إلى خدمةِ SMS؛ إنّهُ تِقنيَّةُ RCS؛  والّتي ستُعيدُ خدمةَ SMS إلى الواجهَة، وقدْ تجعلُها تسرقُ المجدَ مِن "واتساب" وأمثالِه في غضون سنواتٍ قليلة.

ما هيَ تِقنيَّةُ RCS؟

اختصارٌ لعبارةِ  Rich Communication Services؛ والّتي تعنِي خدماتِ الاتِّصالاتِ الغنيَّة؛ وهيَ معيارٌ جديدٌ اعتُمدَ مِن قبلِ جمعيَّةِ GSMA (الجمعيَّةِ المسؤولةِ عن وضعِ معاييرِ الاتّصالِ الخاصَّةِ بشبكاتِ التَّشغيلِ والهواتفِ المحمولة).

ويمكنُ عدُّ RCS بأنهّا الجيلُ الجديدُ من خدمتَي SMS و MMS؛ الجيلُ الذي يواكبُ متطلَّباتِ العصرِ إنْ صحَّ التعبيرُ، وهي تقنيَّةٌ مصمَّمةٌ لتعملَ على نحوٍ أساسيّ ضمنَ الأجهزةِ المحمولَة ذاتِ نظامِ التَّشغيل "أندرويد"؛ إذْ إنَّ تراسُلَ البياناتِ فيهِ يحدثُ باستخدامِ شبكةِ الإنترنت.

يُتيحُ هذا المعيارُ كلَّ المِيزَات الأساسيَّةِ التي تُتيحُها تطبيقاتُ الدّردَشةِ الشَّهيرة، إذْ ُيقدِّم مجموعة من الميزاتِ، وأبرزها:

• مشاركةُ الصّورِ ومقاطعِ الفيديو.
• إرسالُ الرّموزِ التَّعبيريَّة.
• الدَّردشةُ الجماعيَّة.
• المكالماتُ الصوتيَّةُ والمرئيَّة.
• مشاركةُ الموقِع الجغرافيّ.
• معرفةُ حالةِ الرَّسائل (تمَّ الاستلام ، تمّت القراءة، .. الخ)
• معرفةُ إذا ما كانَ الطَّرفُ الآخرُ يكتبُ حاليَّا أم لا.

هل تِقنيَّةُ الـ RCS متوفرةُ الآن؟

نعم؛ ولكنْ على نحوٍ محدود، وإنّما يزدادُ انتشارُها تدريجيًّا؛ إذْ يجبُ توافرُ ثلاثةِ عواملَ كي نستخدمَ هذهِ التِّقنيَّة: دعمُ شركاتِ الاتِّصال ودعمٌ من الهاتِف نفسِه وتطبيقٌ يدعَمُ التِّقنيَّة.

وفيما يخصُّ شركاتِ الاتّصالِ؛ فقدْ بدأَتْ العديدُ مِنها في الولاياتِ المتَّحدةِ وأوروبا وآسيا - ومنْ بينِهم شركةُ "فودافون" -  بدَعمِ الـ RCS، و بدأَت شركاتُ الهواتفِ بدعمِها منذُ أكثرَ من عامَين أيضًا، وهيَ موجودةٌ في الإصداراتِ الجديدةِ للأجهزةِ الذَّكيَّة الحديثَة كـ HTC  و Samsung و Lenovo و LG، في حينِ أنَّ هواتفَ الـ iphone لمْ تدعَم الـ RCS بعدُ، وقدْ بدأتِ العديدُ من تطبيقاتِ الـ SMS بدعمِها فعلًا على أنظمةِ الأندرويد؛ ومِن أبرز تلك التطبيقاتِ؛ تطبيقُ الرَّسائِلِ الافتراضيّ الخاصّ بـ Google (Messenger)، إذْ تُعدُّ شركةُ Google مِنْ أبرزِ الشَّركاتِ الدَّاعمةِ والمُطوِّرةِ للتِّقنيَّة.

هلْ تُهدِّدُ RCS تطبيقاتِ الدَّردَشةِ التَّقليديَّة؟

الإجابةُ هيَ نعَم؛ منَ النَّاحيةِ النَّظريَّةِ على الأقلّ؛إذ يكفيكَ أنْ تمتلكَ رقمَ هاتفِ أيِّ شخصٍ و تتواصلَ معَه بسهولةٍ دونَ أن تسألَهُ عن تطبيقاتِ الدَّردشَةِ الّتي يستخدمُها، ودونَ أنْ تضطرَّ إلى تثبيتِ أيّ تطبيقٍ جديدٍ إذا كان الطَّرفَ الآخرَ لا يستخدمُ  تطبيقاتِ الدَّردشةِ الّتي تستخدمُها نفسَها.

ولكنْ من النَّاحيةِ العمليَّة؛ قدْ تحتاجُ هذه التِّقنيَّةُ - مثلُ أيَّةِ تِقنيَّة حديثةٍ - إلى سنواتٍ عديدةٍ قبلَ أنْ تُصبِحَ مدعومةً مِن الشركاتِ التقنية كافّةً، وربَّما تفرضُ بعضُ الشَّركاتِ رسومًا إضافيَّةً على العميلِ عندَ استخدامهِ لـ RCS؛ في حينِ أنَّ الشَّركاتِ المطوِّرةَ لتطبيقاتِ الدَّردشة قدْ تُحاوِلُ جاهدةً دعمَ تطبيقاتِها بمِيزَاتٍ إضافيَّةٍ لا تُوفِّرهَا RCS؛ وذلكَ كَي لاتخسرَ مكانتَها لدى جماهيرِهَا.

تِقنيَّةُ RCS في قِطَاعاتٍ مُختلفة:

أُنشِئت خطَّة جديدةٌ - في العام الماضي - أُطلِقَ عليهَا اسمُ  "برنامجِ الوصولِ المبكر Early Access Program"؛ وذلكَ لتسهيلِ بدءِ ظهورِ ماركاتٍ مختلفةٍ تَستخدِم هذه التِّقنيَّة.

وقدْ  تمكَّنت بعضُ الشَّركاتِ اليومَ - مثلُ شركاتِ السّفرِ وتجارةِ التَّجزئةِ ومطاعِمِ الوجباتِ السَّريعَةِ في الولاياتِ المُتَّحدةِ والمِكسيك - منْ إجراءِ محادثاتٍ أفضلَ معَ عُملائِها باستخدامِ الـ RCS؛ وذلكَ كجزءٍ مِنْ برنامجِ الوصولِ المُبكر Early Access Program.

وتمكَّنت العديدُ من الشّركاتِ - باستخدامِها لـ RCS - مِنْ إرسالِ المزيدِ منَ الرَّسائلِ الُمفيدةِ والتَّفاعليَّةِ إلَى عُملائِها، فمثلًا؛ يمكِنُ لمَتاجِر التَّجزئَة إرسالُ صورٍ جميلةٍ لمُنتجاتِها بدلًا مِن إرسالِ رسالةٍ نصيَّة، والسَّماحُ للعميلِ باختيارِ شيءٍ مَا وشرائه؛ وكلُّ ذلكَ دونَ مُغادرةِ تطبيقِ المُراسَلة.

المصادر:

1 - هنا

2 - هنا