الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة
هياكلُ القشريّات .. من البحارِ إلى أكياسِ التسوّق
يوجدُ البلاستيك في كلِّ مكانٍ حولنا وفي جميع نواحي البيئةِ وخاصّةً البيئة البحريّة حيثُ تتراكمُ كمّيّاتٌ كبيرةٌ منَ النّفاياتِ البلاستيكيّةِ، وقد تضاعفَ إنتاجُه في السنوات الخمس عشرة الأخيرة فبلغ 245 مليون طنّ عامَ 2008، وما يزيدُ الأمرَ سوءاً هو ضآلةُ المعرفة بالمخاطرِ البشريّة والبيئيّة ومخاطر المُنتجاتِ الكيميائيّةِ المُرتبطةِ باستخدامِ الموادِّ البلاستيكيّةِ المُتنوّعةِ، إذ تُشتَقُّ معظمُ الموادّ الكيميائيّةِ المُستَخدَمةِ لإنتاجِ البوليميراتِ* البلاستيكيّةِ الخطرةِ منَ النَّفطِ الخام غيرِ القابلِ للتّجديدِ؛ ويُمكنُ أن تتحرّرَ بعض تلك المواد عندَ تصنيع المُنتجاتِ البلاستيكيّةِ واستخدامِها والتّخلُّصِ منها.
وفيما يأتي أهمّ الأخطارِ الصّحيّةِ للبلاستيك:
1- يُشوِّهُ نموَّ الأعضاءِ التّناسليّةِ.
2- يزيدُ من خطرِ الإصابةِ بالرّبوِ في مرحلةِ الطُّفولة.
3- يُخفّض الرغبة الجنسيّة لدى النساء.
4- يُدمّرُ التّوازنَ الهرمونيَّ ويُحدِثُ خللاً في الغددِ الصّمّاء.
5- يؤثُّر على الممرّاتِ والمسطّحات المائيّة.
6- تُشكّلُ مادّةُ الأكريلاميد الموجودةُ في البلاستيك والشّائعةُ الارتباطِ بالسّرطانِ خطراً كبيراً على مُنتجاتِ غذاءِ الأطفالِ.
7- غير قابلٍ للتّحلُّلِ الحيويِّ عندَ تعرُّضِهِ للأوكسجين.
وللتوعيّة بخطورةِ هذه الموادِ والحدِّ من انتشارِها؛ صُنِّفَت خمسةٌ وخمسونَ بوليميراً بلاستيكيّاً ضمن تنظيمات الاتّحادِ الأوربيِّ بالاعتماد على نظامِ الأممِ المُتّحدةِ العالميِّ CLP/GHS آخذين بعينِ النظر درجةَ خطورةِ الجزيئات الداخلة في تركيبها، فكانت أكثرُ الجزيئاتِ خطورةً هي تلك المكوَّنة من جزيئاتٍ كيميائيّةٍ مُسرطِنة ومُسبِّبة للطّفرات.
وفي سياقِ الحدِّ من تراكمِ البلاستيك؛ بدأ مهندسونَ حيويّونَ في جامعةِ نوتنغهام البريطانيّةِ مع أكاديمييّنَ في جامعةِ النّيلِ المصريّةِ العملَ على التخلُّصِ من مُشكلةِ أكياسِ البلاستيك المصنوعةِ من المُشتقّاتِ النّفطيّةِ عن طريقِ تحويلِ هياكلِ القريدس shrimp (الجمْبري) القشريّةِ إلى أكياسِ تسوُّقٍ قابلةٍ للتحلُّل وصديقةٍ للبيئة، وإلى مادّةٍ جديدةٍ مُستخدَمةٍ لتغليفِ الموادّ الغذائيّةِ تزيدُ من مُدّةِ حِفظِها وصلاحيّتها.
وسيدرسُ هذا البحثُ إنتاجَ بوليميرِ الكيتوسان Chitosan وهو مركّبٌ مُبتَكَرٌ مُتناهٍ في الصِّغَر قابلٌ للتحلُّلِ العضويّ، وبأسعارٍ معقولةٍ ومُناسبةٍ؛ لاستخدامه في صناعة أكياسِ التّسوُّقِ وأغلفةِ حِفظِ الموادِ الغذائيّةِ.
يُستخرجُ الكيتوسان (وهو بوليميرٌ عضويٌّ صُنعيّ ومُستمَدٌّ من مُركّبِ الكيتينِ chitin العُضويِّ) من هياكلِ القشريّات، باستخدامِ مركّباتٍ حمضيّةٍ أوّلاً - لإزالةِ كربوناتِ الكالسيوم؛ المكوِّنِ الأساسيِّ لهياكلِ القشريّاتِ - ثمّ باستخدامِ مركباتٍ قلويّةٍ (لإنتاجِ سلاسلَ جزيئيّةٍ طويلةٍ تُكوِّنُ البوليميرَ الحيويّ)، ثمَّ تُحَلُّ رقائق الكيتوسان المُجفّفِ وتُنتجُ أغشيةٌ بوليمريّةٌ رقيقة.
اختيرَ الكيتوسان لِكونه بوليميراً قابلاً للتّحلُّلِ الحيويِّ ولكونه مستخدماً سابقاً في تعبئةِ المُستحضراتِ الصّيدلانيّةِ وتغليفِها بسببِ خصائصِهِ المُضادّةِ للميكروباتِ والبكتيريا وملاءمتِهِ للأنسجةِ الحيّةِ.
فهل سيكونُ الكيتوسانُ بديلاً عمليّاً ناجحاً عن البلاستيك في تصنيعِ الأكياسِ المحمولةِ وخفضِ انبعاثاتِ الكربونِ؛ والأهمُّ: تقليلُ نفاياتِ الأغلفةِ المُتراكِمةِ في الشّوارعِ؟ وهل يُمكنُ أن يُحسِّنَ فترةَ حفظِ الغذاءِ بكفاءةٍ عاليةٍ بأقلّ استهلاكٍ مُمكنٍ للطّاقةِ وأقلّ هدرٍ للأغذيةِ؟
*البوليمير: مادّةٌ كيميائيّةٌ ذاتُ هيكلٍ جزيئيٍّ مُكوّنٍ من عددٍ كبيرٍ منَ الوحداتِ المُتماثلةِ المُترابطةِ بعضِها مع بعض.
المصادر: