الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية
الصِّيام المتقطِّع Intermittent Fasting.. الفوائد والمشكلات المحتملة
بعد أن تحدثنا في مقالنا السابق هنا عن الصِّيام المتقطِّع Intermittent Fasting وأنواعه؛ سنتناول في هذا المقال فوائده ومشكلاته المحتملة، والمحاذير المترافقة باتِّباع هذا النوع من الحميات.
الفوائد الصحيَّة المحتملة للصيامِ المتقطِّع:
أُجرِي عديدٌ من الدِّراسات عن تأثيرِ الصِّيام المتقطِّع في الحيوانات والبشر، وفي هذا المقال سنتحدث عن الفوائد المقترَحَة من قِبل أنصارِ الصيام المتقطِّع، ونقدِّم في النهاية مراجعةً منهجيةً لأربعين دراسة عن تأثير الصيام المتقطِّع توضِّح مدى دقَّة هذه الادِّعاءات:
- فقدانُ الوزن: أظهرت نتائجُ دراستين أنَّ الصيام المتقطِّع يمكن أن يُساعدَ على إنقاص الوزنِ وشحومِ البطن دون الحاجة إلى تحديد السعرات الحراريَّة (1,2).
- مقاومةُ الأنسولين: يمكن للصيامِ المتقطِّع أن يقلِّل من مقاومة الأنسولين ويحسِّن من حساسيَّة الخلايا للأنسولين بدرجةٍ كبيرة، ويخفض نسبة السُّكر في الدَّم بنسبة 3-6٪، ومستويات الأنسولين الصيامي بنسبة 20-31٪ وذلك حسب إحدى الدراسات، هذا ويمكن أن يحمي من مرض السكري من النوع الثاني (2).
- الالتهابات: أظهرت بعض الدِّراسات حدوث انخفاضٍ في العلامات (المؤشِّرات) الالتهابيَّة والتي تُعدُّ المحرِّك الرئيسيَّ للعديد من الأمراض المزمنة (2).
- صحَّة القلب: قد يقلِّل الصيام المتقطِّع من مستويات الكوليسترول السيَّئ منخفض الكثافة، والدهون الثلاثيَّة، وسكَّر الدَّم ومقاومة الأنسولين، وهذه كلها عوامل خطرٍ للإصابة بأمراضِ القلب (3).
- صحَّة الدِّماغ: يزيدُ الصيام المتقطِّع من هرمون الدماغ الـBDNF، ويمكن أن يساعدَ في نموِّ الخلايا العصبيَّة الجديدة، وقد يحمي من مرض ألزهايمر أيضًا (3).
- مكافحة الشَّيخوخة: أثبتت الدِّراسات أنَّ الصيام المتقطِّع يمكن أن يُطيل عُمْرَ الفئران، إذ تَبيَّن أنَّ الفئران التي صامت صيامًا متقطعًا عاشت فترةً أطول بنسبة 36-83% (3).
- هرمون النُّمو البشري (HGH): بيَّنت بعض الدِّراسات أنَّ الصيام المتقطِّع قد زاد من مستوياتِ هرمون النُّمو (2).
- الإصلاح الخلوي: بيَّنت دراستان أنَّ الصيام المتقطِّع يحفِّز عمليَّات الإصلاح الخلوي، ويشمل هذا البلعمة الذاتيَّة autophagy، التي تعتمد على قيام الخلايا بتفكيكِ وإزالة البروتينات القديمةِ وغير الفعَّالة التي تتراكم داخلها (2).
- التعبير الجينيُّ: أشارت بعض الدِّراسات إلى أنَّ الصيام المتقطِّع قد سبب تغيُّراتٍ في وظيفة الجينات المتعلِّقة بطول العمر والحماية من المرض (2).
وبعد ذكر هذه الفوائد؛ لا بُدَّ من التذكير أنَّ البحث لا يزال في مراحله المبكِّرة، وأنَّ العديد من الدِّراسات المذكورة هي دراساتٌ صغيرةٌ أو قصيرة المدَّةِ أو أُجريت على الحيوانات فقط.
ومن النَّاحية الفيزيولوجيَّة، فقد ثبت أنَّ تحديد السعرات الحراريَّة عند الحيوانات يزيدُ العمر ويحسِّنُ تحمُّل الجسم للضُّغوط الاستقلابيَّة المختلفة في الجسم، ومع أنَّ الدليل على فائدة تحديد السعرات الحراريَّة على الحيوانات قوي، لكنَّه ضعيفٌ في الدِّراسات البشريَّة، ويَعتقِدُ أنصارُ هذا النِّظام الغذائيِّ أنَّ الصيام المتقطِّع يسبِّب استجابةً مناعيَّةً تعمل على إصلاحِ الخلايا وتُنتِج تغيُّراتٍ أيضيَّةٍ إيجابيَّةٍ تشمل انخفاض الشُّحوم الثلاثيَّة، والكوليسترول الضار، وضغط الدَّم، والوزن، وكتلة الدهون، وغلوكوز الدَّم، ولكن من الأمور غير المفهومة في هذا النِّظام الغذائيِّ؛ هو أنَّ المتِّبع له سوف يتناول كميةً كبيرةً من الطَّعام في أيام عدم الصيام للتَّعويض عن السعرات الحراريَّة المفقودة أثناء الصيام، ومع ذلك لم تُظهر الدِّراسات أنَّ هذه الفوائد صحيحة أو مميزة لهذا الصيام عند مقارنتها مع طرق إنقاص الوزن الأخرى (3).
وقد أُجريت مراجعةٌ منهجيَّةٌ لأربعين دراسةٍ عن تأثير الصيام المتقطِّع فوجدت الآتي (3):
- تراوحت معدَّلات عدم الالتزام بهذا الصيام ضمن الدِّراسات المختلفة بين 0-65٪، ولدى مقارنة معدَّلات عدم الالتزام بين مجموعات الصيام المتقطِّع ومجموعات تحديد السعرات الحراريَّة المستمرَّة، لم يُعثَر على اختلافاتٍ كبيرة، وعمومًا لم تجد المراجعة أنَّ الصيام المتقطِّع كان طريقةً سهلةَ الاتِّباع مقارنةً بطرقِ فقدانِ الوزن الأخرى (3).
- عند فحص 12 تجربةٍ سريريَّةٍ والتي قارنت مجموعة الصيام المتقطِّع مع مجموعة تحديد السعرات الحراريَّة المستمرَّة، لم يكن هناك اختلافٌ كبيرٌ في كميَّات فقدان الوزن أو تغيُّراتٌ في تكوين الجسم (3).
- ﻟم تُظهر ﻋﺷرةَ دراساتٍ ﺣﻘَّﻘت في ﺗﻐﯾُّرات الشَّهيَّة زﯾﺎدةً إﺟﻣﺎﻟﯾَّﺔً ﻓﻲ الشَّهيَّة ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﺻﯾﺎم اﻟﻣﺗﻘطِّع ﻋﻟﯽ اﻟرُّﻏم ﻣن ﻓﻘدان اﻟوزن اﻟﮐﺑﯾر واﻟﻧَّﻘص ﻓﻲ ﻣﺳﺗوﯾﺎت ھرمون اﻟﻟﺑﺗﯾن leptin (ھرﻣون يقمع الشَّهيَّة) (3).
- لا توجد فروقٌ ذات دلالةٍ إحصائيَّةٍ في فقدان الوزن، واستعادة الوزن، أو تكوين الجسم (على سبيل المثال: كتلة الدهون، وكتلة الوزن الصافي) (3).
- لا توجد فروقٌ ذات دلالةٍ إحصائيَّةٍ في ضغط الدم، ومعدَّل ضربات القلب، والغلوكوز الصيامي، والأنسولين الصيامي، إذ أنَّه أثناء 12 شهرًا وعلى الرغم من عدم وجود فروقٍ في الكوليسترول الكليِّ والدُّهون الثلاثيَّة، أظهرت مجموعة الصيام المتناوب (أحد أنواع الصيام المتقطِّع) زيادةً مهمَّةً في مستويات الكوليسترول السيَّئ ولكنَّ القائمين على الدِّراسة لم يحددوا السَّبب المحتمل (3).
- كان عدم الالتزام أعلى في مجموعة الصيام المتناوب (38%) مما كان عليه في مجموعة التَّحديد اليوميِّ للسعرات الحراريَّة (29%)، ومن المثير للاهتمام أنَّ الأشخاص في مجموعة الصيام تناولوا بالفعل كميةً أقل من الطعام مما هو موصوفٌ في أيام غير الصيام على الرُّغم من أنَّهم تناولوا طعامًا أكثر مما كان مقررًا لهم في أيام الصيام (3).
السَّلبيات والمحاذير (2):
يُعدُّ هذا النَّوع من الأنماط الغذائيَّة صعبًا على الشخص الذي يأكل كل بضع ساعات، وإنَّه غير مناسبٍ لأولئك الذين يعانون من حالاتٍ صحيَّةٍ تتطلَّب تناوُلَ الطعام في فتراتٍ منتظمةٍ بسبب التغيُّرات الأيضيَّة التي تسبِّبها الأدوية مثل مرضى السكري، وإنَّ الفترات الطَّويلة من الحرمان من الغذاء أو شبه التَّجويع تجعل معظم الأشخاص يتناولون الطَّعام أثناء فترات الأكل.
وعمومًا يجب على الأفراد الذين يعانون من الحالات التاليَّة عدم اتِّباع الصيام المتقطِّع (2,3):
- داء السكري
- اضطرابات الأكل التي تنطوي على تحديدٍ ذاتيٍّ غير صحيٍّ (فقدان الشَّهيَّة أو الشَّره العصبي).
- استخدام الأدوية التي تتطلَّب تناوُلَ الطَّعام.
- مرحلة النُّمو النَّشطة، كما هو الحال في المراهقين.
- الحمل والرِّضاعة الطَّبيعيَّة.
- مشكلات انتظام السُّكر في الدَّم.
- انخفاضٌ في ضغط الدَّم.
- تناوُلُ الأدوية.
- نقص الوزن.
- حالات انقطاع الطَّمث لدى النساء.
المصادر:
2. Intermittent Fasting 101 — The Ultimate Beginner's Guide [Internet]. Healthline. 2020 [cited 17 September 2020]. Available from: هنا
3. Diet Review: Intermittent Fasting for Weight Loss [Internet]. The Nutrition Source. [cited 17 September 2020]. Available from: هنا