الفلسفة وعلم الاجتماع > أعلام ومفكرون

كيف أثّرتِ الهلوسة الناجِمة عن المخدرات في سارتر؟

كيف أثّرت الهلوسة الناجِمة عن المخدرات في سارتر؟

في بعض الأحيان عندما يواجُه النّاس أفكارًا جديدةً وغريبةً، يقابلونَ الآخرين بالقول "لا بُدَّ أنّك تتعاطى المخدرات" وهي تهمةٌ كثيرًا ما يلقيها على الفلاسفة أولئكِ الذينَ يفضّلونَ تجاهلَ أفكارِهم باعتبارها هلوساتٍ أكثر من أخذها على محمل الجد هم الفلاسفة.

لكن لنكن منصفين، كان بعض الفلاسفة يتعاطون المخدرات!

ومنهم جان بول سارتر، الذي وفقًا للكاتبة الفرنسية لِآني كوهين سولال -التي كتبتْ سيرةً ذاتيّةً عن سارتر- كان استهلاكُه اليوميّ من الموادِّ المخدِّرةِ: علبتَي سجائر، وعدة غَلايين، وأكثر من ربعِ عبوةِ كحولٍ، ومئتَيْ مليغرام من المنشطات الأمفيتامينيّة، وخمسة عشر غرامًا من الأسبرين، وحمولة قاربٍ من الباربيتورات، بالإضافةِ لبعض القهوةِ والشاي، وعدد قليل من وجبات الطعام "الثقيلة".

أمّا من هو سارتر؟ فهذا المقال يجيب هنا

ويجبُ ألا تؤثّر هذه التفاصيلُ على نحوٍ غيرِ ملائمٍ في قراءَتِنا لأعمالِ سارتر فهي لم تُذكرْ في أعمالِه مباشرةً، بغضِّ النظرِ عن الإعياء البدنيّ الناجمِ عن الإسراف في الشربِ والمخدرات، لم يبدُ أنّها تُعيقُ إنتاجيّته أو نشاطَه الفكريّ، لكنّ تجربته الوحيدة مع ميسكالين كادتْ أن تضعه على حافة الهاوية، فجعلته يهلوس بصريًا لعدة سنوات.

وفي أثناء عمله على كتاب عن الخيال، سعى سارتر لاختبارِ تجربةِ الهلوسةِ، فحصلَ على هذه الفرصةِ لأوّلِ مرّةٍ في عام 1935 عندمَا دعاه صديق قديم يدعى الطبيب دانيال لاغاشي إلى تجربةٍ في مشفى سانت آن في باريس، حيث حُقِنَ بِالميسكالين وروقِبَ وهو تحتَ السيطرة.

لكن تأثيرات هذه التجربة كانت سيئة حقًا إذ أخبرَ شريكته سيمون دو بوفوار هنا  أنّه يخشى عدمَ قدرتِه في الأيام القادمة على معرفة ما إذا كانت هذه هلاوس أم لا، ومع ذلك لم تكن تلك أسوأ النتائج!

أخبر سارتر أستاذ العلوم السياسية جون جراسي في مقابلة عام 1971 أن السرطانات بدأت تتبعه وتلازمه طوال الوقت، ووصف هذه التجربة بأنّها "انهيار عصبي".

حتى إنّه قرّر البحثَ عن المساعدةِ بعد عام من المعاناة، فعالجه جاك لاكان ومن خلال التحليل النفسي وجد لاكان أنّ الهلوسةَ بالسرطانات كانت بسبب خوف سارتر من الوحدة وبسبب خوفه من الكائنات البحرية وخصوصًا السرطانات وذلك عائدٌ لطفولته، وأشارَ إلى سرطانِ البحر في أعماله مثل "الجدار" و"الوجودية مذهب إنساني" و"سجناء التونا"، وقد تركت هلوسةُ السرطانات أثرًا عميقًا في نفسه وفي أعماله حتى بعد شفائه.

المصادر:

هنا