الموسيقا > موسيقا
سلسلة الموسيقا و الأديان (الكنيسة)
البدايات:
في البدايات في مطلع القرن الرابع تقريباً استُخدِمت الموسيقا في طقوس الصلاة، لكنَّها ارتكزت أدائياً على الصَّوت البشري والكلمة؛ لأنَّ الموسيقا عُدَّتْ آنذاك بأنَّها تخدم الكلمات ومعاني تلك الكلمات وليس العكس، واستُعمِلَ القليلُ من الآلات، ومنها آلة القيثارة (الهارب). كان يؤتَى بالآلات غالباً من مصر القديمة، وتأثرت الأناشيد الدينيَّة المسيحيَّة التي كانت تُغنَّى في مختلف المناسبات على مدار العام بالشِّعر الغنائي القادم من "المزامير" أو "العهد القديم"، وعموماً انقسمتِ "الأغاني المقدَّسة" لاحقاً لفئات ثلاث: المزامير، والترانيم، والأغاني الروحية، وإحدى أولى التَّرانيم كانت "يسوع، ابن الله" و "المجد للآب".
تُغنى موسيقا الكنيسة على نحوٍ فردي أو جماعي (خورس)، وينسب بعض المؤرخين أصولَ الألحان المُغنَّاة في الترانيم إلى بلاد بين النهرين. في القرن السادس تطورت الألحان وانشقت عندما وضع البابا غريدوريوس نظامَ ترنيم الكنيسة اللاتينية المعروف بالتَّرنيم الأمبروسي أو الغريغوري وأخذَ هذا النظامَ عن الشرق مستعملاً أُسُسَ الموسيقا الكنسية الشرقية المبنيَّة على ثمانية ألحان، وقد استمرَّ الاعتماد على هذه الألحان الثمانية وترتيبها ضمن كتابٍ من قبل يوحنا الدِّمشقي في القرن الثامن وذلك بمساعدة القديس قزما الدِّمشقي والقديس اندراوس أسقف كريت الدِّمشقي الأصل.
العصور الوسطى (الموسيقا القروسطية) :
بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، دخلت أوروبا فيما يُسمَّى "عصر الظلمات"، واختفت الحياة الحضريَّة واتَّسمت تلك الفترة باستمرار الحروب، وهيمَنَت الكنيسة على نحوٍ مطلقٍ على كافة نواحي الحياة وشدَّدت قبضتها على الفنون. في تلك الفترة قام الأب غريغوري الأول بتجميع وتدوين المخطوطات التي عُرفت لاحقاً بالإنشاد الغريغوري، وكانت تلك الموسيقا المعتمدة للكنيسة، ولم يكن هناك الكثير غيرها حقا، وبعد فترة على ذلك أُنشِئَ نمطٌ موسيقيٌ جديد في جامعة نوتردام في باريس سُمِّيَ بالأورغانوم.
في تلك الحقبة أيضاً شهدت أوروبا ظهورَ اسم أوَّل مؤلفٍ موسيقيٍ مخضرم "غيوم دو ماشو".
عصر النهضة:
تراجع استخدام الألحان الثمانية مع ظهور عصر النَّهضة في القرنين الرابع والخامس عشر والذي بدأ بالاعتماد على العلامات الموسيقية الحديثة، فبدأت الموسيقا الكنسية تأخذُ مجالاً أحدثَ متمثلًا بمدارس رومانية للموسيقا الكنسية ومؤلفات عدة معتمدةً على علامات وألحان حديثة نسبةً للعصور السابقة...بدأ بعدها ظهورُ ترانيم القدَّاس التي أخذت صدى واسعاً في كامل أوروبا من قبل الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية على حدٍ سواء ، وتتنوع ترانيم القدَّاس بطرقٍ مختلفة منها كبلا، أي ترانيم ترافق صوت شخص وحيد، أو يمكن أن تكونَ مصحوبةً بأوركسترا كاملة. عمومًا يتكون القدَّاس بشكلٍ ثابت من خمسة أقسام:
كرياليسون: هو مصطلحٌ بمعنى "الرَّحمة يا رب"
المجدُ لله في العلى: وهي صلاة تُدعى "المَجْدَلَة الكُبْرَى". إنَّها ترنيمةُ مديح تُرنم أو تُقال أثناء القدَّاس الإلهي (حسب الطقس اللاتيني).
أنا أؤمن بالله الواحد: أو قانون الإيمان النيقاوي
نشيد التقديس: ترتيلة قُدُّوس، وهو ترنيمة طقسية. نجد الشَّطرَين الأولَين منها داخل نشيد الملائكة والفتيان اللاتيني. تُدعى هذه الترنيمة بالطقس البيزنطي"."
حمل الله، ويشير إلى يسوع.
الكنيسة الكاثوليكيَّة: حافظت الكنيسة الكاثوليكيَّة على مبادئ الموسيقا والترانيم الكنسيَّة ولم تبتعد عنها إلا قليلاً عندما اصطبغت بقليلٍ من الرومانسيَّة في العصر الرومانسي للموسيقا، وألَّفَ العديد من الموسيقيين أمثال موزارت وجيوفاني غابرييل للموسيقا الكنسيَّة الكاثوليكيَّة.
الكنيسة البروتستانتيَّة: أعطت البروتستانتيَّة دفعةً كبرى باتجاه حرية الموسيقا من الانتفاع من الموسيقا الدنيويَّة ومن الهارموني والتقنيات الأخرى. إذِ اهتمت أساساً بالكورال، وهناك العديد من المؤلفين الموسيقيين للكنيسة البروتستانتيَّة كأمثال يوهان باتشيلبل (مؤلف مقطوعة كانون الشهيرة)، وفيليكس مندلسون بارتولدي، لكنَّ البصمة الكبرى هي ليوهان سبستيان باخ الذي ألَّفَ العديدَ من المقطوعات سواء كانت برليودات أم كانتات ذات موضوعات قدسية.
مؤلفون بارزون:
قائمة كبيرة من الملحِّنين والموسيقيين الذين أنتجوا أعمالاً فنيةً سُمِّيَت "بالموسيقا المقدَّسة" بما في ذلك ملحنون أمثال بيير دي لا رو، وبيدرو دي اسكوبار، وأنطوان دي فيفين، وموراليس ، وموزارت، وبرليوز، وبرامز، وبروكنر، ودفورجاك ، وفريدريك دليوس، وفيردي، وهربرت هاولز، وسترافينسكي، وبريتن، هينز وأندرو لويد ويبر.
حديثاً:
حتى ستِّينيات القرن الماضي كانتِ الموسيقا المرتبطة بالكنيسة محصورةً بالتَّراتيل والتَّرانيم وصوت الأورغن، لكنَّ هذه الصورة تغيَّرت وبدأت تظهر الأغاني الحديثة المرتكزة على الإيقاع والغيتارات، وتحديداً في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية، إذ بدأت هذه الموسيقا بالخروج من الكنيسة كمكانٍ للأداء، بل توسَّعت للمسارح والراديو وشاشات التلفزيون، واندمجت مع أنماطٍ موسيقيةٍ أخرى كالبوب، والروك، والراب، وموسيقا الكانتري، و الميتال. فعلى سبيل المثال بدأ ظهور نوع جديد في التيار الإنجيلي مثل الروك المسيحي، وهو نوعٌ من موسيقا الروك، ويُغنَّى في الفرق التي أعضاؤها مسيحيون والذين غالباً ما تركِّزُ كلماتُهم على الإيمان المسيحي.
تعدُ موسيقى الغوسبل أيضاً من أهم أشكالِ التعبير الموسيقيّ المرتبط بالكنيسة في هذا العصر، نتجت هذه الموسيقى بعد سنين من العبودية التي عانى منها الأفارقة الأمريكيين في القارة، و ظهرت في ثلاثينيات القرن المنصرم، و مواضيع ترانيم هذه الموسيقى مستمدة غالباً من العهد الجديد.
المصادر: