الطب > مقالات طبية
ما يجبُ معرفتُه عن عمليّة تكبير الثدي
تعودُ محاولاتُ تحسينِ مظهرِ الثَّدي عن طريقِ زيادةِ حجمِه إلى أواخر ثمانينيَّاتِ القرن التاسع عشر؛ إذ تضمَّنتِ العمليةُ آنذاك إدخالَ موادَّ كالعاج والزجاج إلى الثدي لتضخيمه، ومع تطوُّر الجراحةِ؛ انتُقِلَ إلى استخدام المطاط والسيليكون، فشاعت هذه العملية نظرًا لما تُحدِثه من تأثيراتٍ نفسيةٍ كبيرة، لكنَّ ذلكَ لا يُلغِي وجودَ العديدِ من المشكلات التي قد تنتج عنها، ممَّا يُفسِّرُ أهميَّةَ الاستفسارِ الجيد وفهم تبعاتِها فهمًا كاملًا.
وتكبيرُ الثدي هي عمليةٌ تقوم على استخدامِ غرساتٍ (زرعات) أو نقل الشحم إلى الثديَين من مكانٍ آخر في الجسمِ بهدفِ تكبير حجم الثديين، ويمكنُ إجراءُ العمليةِ لاستعادةِ حجم الثديين بعد انخفاضِ الوزن أو الحمل أو لإعادة بناء الثديين بعد عملياتِ الاستئصال أو لأجل تحقيقِ شكلٍ أكثرَ تدويرًا للثديَين لتحسين عدم تناسق حجمهما الطبيعي.
تتكوَّنُ الغرسةُ من أكياسٍ ناعمةٍ مملوءةٍ بمحلولٍ ملحيّ، ويحيطُ بها غلافٌ مصنوعٌ من مادَّة السيليكون؛ أي مادةٍ تُشبهُ المَطَّاط ويبدي الجسمُ تحمُّلًا نسبيًّا جيدًّا لها.
أما نقلُ الشحوم فيعتمدُ على "شفط الدهون liposuction"؛ أي أخذها من أجزاء أخرى في الجسم وحقنها في الثديَين، وتُعَدُّ هذه العمليةُ الخيارَ الأمثل للنساءِ اللواتي يرغبنَ بتحقيقِ زيادة صغيرة نسبيًّا في حجم الثدي مع نتائجَ طبيعيةٍ للعملية.
ولا تستطيعُ عمليةُ التكبير وحدَها أن تصحح الترهُّلَ الشديدَ للثديَين، وهذه نتيجةٌ قد تكون مُتوقَّعةً من قِبَل العديدِ من المرضى؛ إذ للحصول عليها؛ لا بدَّ من أن يرافقَ عمليةَ تكبير الثدي إجراءٌ آخرُ يُدعى "رفعَ الثدي Breast lift"، فتُجرى عمليَّتَي التكبير والرفع إمّا في آن واحدٍ وإمّا كلًّا منهما على حدة.
وهنالك العديد من المخاطر التي قد تصاحبُ عملية تكبير الثدي والتي لا بدَّ للمريضة من معرفتها قبل اتّخاذ القرار بإجرائها، وتتنوع هذه المخاطر من تشكُّلِ أورام دموية أو حدوث النزوف أو الإصابة بالعداوى إلى الألم المستمر أو تشكُّلِ الندبات السيّئةِ المظهر أو تمزُّقِ الغرسة أو...، ويضافُ إلى ذلك المخاطرُ الأخرى التي قد ترافقُ عمليةَ نقل الدهون لتكبير الثدي من خراجات أو تَموُّتٍ للخلايا الدهنية أو مغادرتِها لمنطقة الثدي...، إذ قد تستدعي هذه المضاعفاتُ إجراء عمليةٍ أُخرى لمراجعة الوضع والتصحيح.
وفي كلا الحالتَين؛ فإنَّ احتماليةَ حدوث هذه المشكلات يؤكدُ أهمية مناقشة المخاطر كلِّها مع الطبيبِ المختص قبلَ إجراء العملية، إضافةً إلى ضرورة إجابةِ الطبيب عن جميع أسئلتك إجاباتٍ كاملةً.
وينتابُ العديدَ من النساء قلقٌ شديدٌ من فكرةِ إدخال مادةٍ غريبةٍ إلى أجسادهن، وفي الواقع؛ قد زعمت بعض النساء بأنَّ هلام السيليكون الموجود داخل كيس الغرسة (والذي استُبدِلَ بهِ* لاحقاً المحلولُ الملحي) من الممكن أن يتسببَ بإحداث مشكلاتٍ أكثرَ خطورة كأمراض النسيج الضام أو غيرها من أمراض المناعة الذاتية؛ كالتهابِ المفاصل الرثوي والذئبة، إضافةً إلى مشكلاتٍ جديةٍ أُخرى كأمراض جديدةٍ مرتبطةٍ بمادة السيليكون، وفي هذا الصدد؛ قرَّرَ معهدُ الطب (IOM) -وهو جزء من الأكاديمية الوطنية للعلوم- إنجازَ مزيدٍ من البحوث عن سلامةِ غرسات السيليكون.
وباختصار؛ أظهرت نتائج بعض الدراسات أنَّ الغرسات لا تؤثّر سلبًا في الجهاز المناعي في الجسم، ولذا فهي لا تُسبِّبُ أمراضَ المناعةِ الذاتية، ثمّ إنَّ الغرساتِ قد أظهرت ثباتًا جيدًّا في الاستجابة لأيّة جرعات إشعاعية قد تحتاجها المريضة، لكنَّ الدراسةَ وجدت بعضَ الأدلَّة على دور الإشعاع في إحداث انكماش في منطقة الزرع، وفي خفضِ مستوى النتائج من الناحية التجميلية، مع وجودِ ضرورةٍ لإنجازِ مزيدٍ من الأبحاث عن الموضوع.
ويضاف إلى ذلك زعمُ بعض الدراسات عدمَ وجود أي دليل على ارتفاع مستويات السيليكون في حليب الثدي، ومن ثمَّ عدمُ وجود أيّ تأثير لمادة الغرسة في الرضيع، لكنَّ بعضَ الأمهات اللواتي خَضعن لعملية تكبير الثدي بالغرسات قد يَجدْنَ صعوبةً في إنتاجِ كمية كافية من الحليب، ثمَّ إنَّ الدراسةَ تلك لم تعثر على أيّةِ معلومةٍ مُثبَتة مُقلِقة عن زيادة احتمال حدوث الأمراض أو العيوبِ الخلقية لدى أجنَّة النساء اللواتي خضعنَ لعمليةِ الزرع، ولكنَّ هذا الموضوع كما غيرُه من السُّمِّيات والأخطار المرتبطة بكلٍّ من هذا الإجراء وتلك المواد يبقى خاضعًا للبحث والدراسة.
ومن ناحية أُخرى؛ أبدت التقاريرُ وجودَ احتمالٍ لا بأسَ به للحاجةِ إلى استبدال الغرسات مرة واحدة على الأقل مع إمكانيةِ حدوثِ العديد من المضاعفات عند استبدالها أو إزالتها أو مراجعة وضعها.
وتجدرُ الإشارةُ الى أنَّ ما ذكرناه آنِفًا هو بعضُ نتائجِ الأبحاث وليست كلَّها، فلا يمكنُ عَدُّ هذه المادة أو تلك آمنةً بهذه البساطة، بل نُشجِّعُ المريضة على العودة إلى مناقشة طبيبها الذي يملك كلًّا من المعلوماتِ والقرارِ بهذا الشأن.
وهنالك العديدُ من النساء اللواتي عانَين مشكلاتِ ما بعد الجراحة، ولكن على الرغم من ذلك؛ عبَّرْنَ عن رضاهنّ بالنتائج، ويُفسَّرُ ذلك غالبًا بأنَّ الانعكاسات الإيجابية النفسية لهذه العملية قد تَرجَحُ بِكفَّتِها على تلك المشكلات. ومن هنا تبرزُ أهميةُ معرفة المرأة بكلٍّ من مخاطرِ الإجراء وأضرارِ المواد المُستعمَلةِ فيه وجوانبهِ الإيجابية كي تتمكَّنَ من اتّخاذ قرارها في ضوء المعلومات الصحيحة.
*أي وضعوا المحلول الملحي بديلًا من هلام السيليكون في مرحلة لاحقة.
المصدر: