علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث
أثرُ مستحضراتِ التَّجميلِ في الجاذبيّة، هل الـ "مكياج" الخفيفُ أفضل؟
يُفضِّلُ هذا العالم ذوي المظهرِ الجيّد، وهي حقيقةٌ لا مفرّ منها؛ إذ يُعامَلُ الأشخاصُ أصحابُ المظهرِ الجيّد -باختلاف أعمارهم وخلفياتهم- على نحوٍ أفضل؛ تهتمُّ الأم بطفلها الأجمل أكثر، ويفضّل المعلّمون الطلاب الجميلين ويغدقُون عليهم أحكامهم بأنَّهم أذكى، وللبالغين الجذّابين نصيبٌ أعلى في أعمالِهم ويحظون بفرصٍ أكبر في النّجاح بعلاقاتهم، ولا يرجِّحُ القضاةُ أن يكون الوسيمون من النَّاسِ مذنبين أيضًا، ويقترحون عقوباتٍ أخفّ عند ثبوت العكس.
تؤدي العديدُ من العوامل دورًا في منحكَ الجاذبيَّةَ التي أنت عليها؛ كاللّباس والكلام، فضلًا عن المكانة الاجتماعية والحالة المادية، ولكنّ الوجهَ أوَّلُ ما نُلاحظه عندما نرى شخصًا؛ فدماغنا -إلى جانبِ الوظائفِ الكثيرة التي يؤدّيها- حسّاسٌ للجمال؛ إذ يميّزُ الوجوه الجميلة.
وقد جعلتْ نساءٌ كثيراتٌ من مستحضراتِ التّجميلِ جزءًا من الحياةِ اليوميّة كنوعٍ من التَّعبير عن الهويّة، ولترك انطباعٍ معيّن، وذلك بعد أن أصبحت مستحضراتُ التّجميل أحدَ الوسائلِ المتوفرة بين أيدينا، والّتي تساعد في التّحكّم بالمظهر إلى حدٍّ ما.
وتتلاعبُ مستحضراتُ التّجميلِ بمعالمِ الوجه؛ فتجعله أكثر تناسقًا وتناظرًا، وتجمّلُ الفم والعينين وتُحسِّن من لون البشرة وملمسها، وقد أُثبِتَ هذا التأثيرُ بتقريرٍ أظهرَ أن النّساء والرّجال كلاهما قد حكموا على وجوه أنثويَّةٍ من العرق القوقازي مُزيَّنةٍ بالكامل بمستحضرات التجميل على أنَّها أكثر جاذبيّة من الوجوهِ نفسها مُزيَّنةً جزئيًّا؛ كأن تُزَيَّن الشفاهُ فقط، أو الوجوه الخاليةِ تمامًا من أيّ مستحضر تجميل.
و لكن؛ ما ال "مكياج" الّذي يُبدي الوجه بمظهره الأفضل؟
تضعُ النّساء الـ "مكياج" الخفيف أو الكثيف بحسب المناسبة؛ فالخفيف يلائمُ الأيَّام الاعتيادية، في حين أنَّ الكثيف يناسبُ المناسباتِ أكثر، ونشيرُ هنا إلى أنَّنا نستخدمُ مصطلَحي خفيف وكثيف نسبيًّا؛ إذ إنَّ الفرق بينهما بدرجةِ التلاعبِ بمعالمِ الوجه.
ويركّزُ الـ "مكياج" الخفيف على مِيزات الوجهِ، ويميل لإعطاء انطباعٍ عن أنوثةٍ ورِقِّةٍ طبيعيَّتَين، فمِنَ المعروفِ أنَّ أحمرَ الشّفاه الخفيف وإشراقةُ البشرة يُعزّزان الأنوثة والمظهر الصّحي، في حين أنَّ الـ "مكياج" الكثيف يُركِّزُ على تباين ملامحِ الوجه، ويُعطي انطباعًا عن هدوءٍ وسحرٍ واتّزان، ولأنّ الـ "مكياج" الكثيف ينطوي على الكثيرِ من التَّلاعب مقارنةً بالخفيف منه؛ فيغدو الانطباع الّذي يتركه مبنيًّا على شكلِ ونمط الـ "مكياج" بحدّ ذاته، وتبعًا لذلك؛ تُرى الوجوه بالـ "ماكياج" الكثيف أقلّ قربًا ممّا هي عليه في الواقع.
وتَبيّن أنَّ وجوه الإناث اللّواتي تضعنَ الـ "مكياج" الخفيف تُعامَل بسلاسةٍ أكبر من أولئك اللواتي يُكثرنَ منه، وهو ما قد يكون أحد أسباب تفضيل الـ "مكياج" الخفيف في الحياة اليومية، وفي تجربةٍ أُجريتْ لإظهارِ الاختلافات في الحُكم على نيل الإعجاب واكتساب الثّقة بين أفرادٍ يضعون الـ "مكياج" الخفيف وآخرين يضعون الكثيف؛ كان للخفيف نصيبٌ أكبر من استحقاق الثّقةِ والإعجاب، واعتُقِد أنّ من يضعنَ "مكياجًا" خفيفًا يوحينَ بأنّهنّ متعاوناتٌ اجتماعيًّا.ووُجد حديثًا أنّ الوجوه بمكياج طبيعي تُذُكِّرت على نحوٍ أصحّ.
ويُرى الـ "مكياج" الخفيف على أنّه أكثرُ جاذبيّةً، ويعطي انطباعاً عن أنوثةٍ وجمالٍ أكبر ممّا هو عليه الأمر عند استخدام الـ "مكياج" الكثيف، ومن الممكن أن يكون السّببُ خلف هذا الانطباع أنّ الـ "مكياج"َ الخفيف يُركّز على الأنوثةِ الخاصّةِ بكلّ امرأةٍ على حدة، ويظهرُها بإيجابيّةٍ أكبر.
إلّا أنَّ الـ "مكياج" الكثيف -على سبيل المثال- قد يُحبَّذُ في حفلةٍ مسائية؛ يبدو أنَّ الحُكمَ على الجمال يختلفُ باختلاف الظروف.
ولكن تكمنُ محدوديَّة الدّراسات الّتي ذُكِرت في أنَّ آراءَ جميع من حكموا على القضية متأثّرةٌ جزئياً بشكلٍ أو بآخر بالعادات الاجتماعيَّة والخبرات الثَّقافية لكلّ مجتمع، وأنَّ التّجربة أُجريتْ على النساء فقط.
ولا تزالُ صناعةُ الجمال في يومنا هذا من أكثر الأعمالِ ازدهارًا، وقد أصبحت مستحضرات التجميل (المكياج) جزءًا لا يتجزَّأ من الصّورة النَّمطية للأنوثة التي تتجلَّى بالظّهور بمظهرٍ مثاليٍّ كلَّ يومٍ وكلَّ ساعة، وإنّ تسابقَ النّساءِ للوصول إلى الكمال يدعونا إلى التّساؤل: هل وضعَتْ مُستحضراتُ التَّجميل معاييرَ جمالٍ تصعُب محاكاتها في الواقع؟ تسكنُ علامات الاستفهام هذه رفوفَ السّيّدات، بين مستحضراتِ اللَّيل والصَّباح.
المصادر :
هنا [1]
هنا [2]
هنا [3]
هنا [4]
هنا [5]