الطب > معلومة سريعة
حكاية لقاح وفتوى.
عام 2017؛ بدأت منظمة الصحة العالمية في تنفيذ خطتها المستقبلية التي تهدف إلى القضاء على الحصبة والحميراء في أنحاء العالم مع حلول عام 2020، وفي أثناء إطلاق حملاتها لتلقيح الأطفال المتراوحة أعمارهم بين 9 و 15 سنة؛ كانت إندونيسيا حجر عثرة في طريق تنفيذ أهداف هذه الحملة.
فعلى الرَّغم من النجاح الذي أحرزته الحملة في جزيرة جافا الإندونيسية عن طريق خفض معدلات الإصابة بالحصبة و الحميراء بنسبة 90% مع تحقيق نسبة تغطية باللقاح تصل إلى 95%؛ لكنَّ احتواء اللقاح على الجيلاتين الخنزيري ضمن مكونات أخرى كان كفيلًا بإثارة سخط الأهالي في مقاطعة سومطرة الشمالية ودفعهم للإعراض عن تقديم اللقاح لأطفالهم؛ لأنَّه (غير حلال) حسب اعتقادهم؛ الأمر الذي انعكس سلبًا على معدلات الشفاء وأنذر بخطورة انتشار هجمات حصبوية في إندونيسيا الذي من شأنه أن يسبب مزيدًا من حالات الإجهاض والعيوب الخلقية الناجمة عن العدوى بالحصبة في فترة الحمل، ولذلك كان لا بُدَّ من تدخُّل وزارة الصحة الإندونيسية لإنقاذ حملة اللقاح عن طريق التباحث مع مجلس علماء الدين الإسلامي الإندونيسي (MUI) لإطلاق فتوى يُسمَح بموجبها بأخذ اللقاح على أنَّه (حلال)، ولكن لم تجرِ الرياح كما تشتهي سفن الوزارة؛ إذ أعلن المجلس أنَّ هذا اللقاح (حرام) وذلك اعتمادًا على مكوناته، ولكنَّ تقديمه مسموح به للأطفال ما دام أنه يُسهِم في الحفاظ على الصحة العامة، وقد كان لبعض رجال الدين المحليين والآباء المترددين وربما بعض الساسة المحليين دورًا كبيرًا في هذا الفشل الذي أسهم غالبًا في خفض معدلات تغطية الأطفال باللقاح في أرجاء إندونيسيا إلى قرابة 64% من الحالات وسطيًّا؛ في حين أنَّها بلغت 8% فقط في مقاطعة آتشيه الإندونيسية .
ولمداراة ذلك؛ وُجِّهت العديد من الدعوات إلى محاولة تصنيع لقاح (حلال) عن طريق استخدام الجيلاتين البقري عوضًا عن الخنزيري؛ لكنَّ ذلك يتطلب تجارب سريرية قد تحتاج قرابة الـ6 إلى الـ10 سنوات لإثبات فعاليتها، وهي ليست مدة قصيرة؛ فإلى ذلك الحين سنكون أمام كثيرٍ من حالات المرض من صمم وعمى وصرع وأضرار دماغية وقلبية وغيرها و كذا خطر الموت.
وقد أكَّدت المنظمة أنَّها تعمل مع سلطات إدارية و تنفيذية معنية لإنتاج لقاح خاضع لمعايير عالية من السلامة والفعالية دون تقدير لأيَّة معايير أخرى.