الفيزياء والفلك > فيزياء
فيزياء الشعر المجعد : أول نموذج رياضي للشعر المجعد فما هي تطبيقاته الهندسية
عادة ما يكون كلٌّ من الأبطال والأشرار في أفلام الأنيميشن متعاكسين في تصرفاتهم، فنجد أن تصاميم الشَّعرلديهم مختلفة، فإما أن يكون ثابتًا أو متحركًا متأرجحًا جيئةَ وذهابًا.
ونادرًا ما نشاهد شخصية كرتونية بشعر مجعد ومتحرك في آن واحد، وذلك بسبب عدم توفر أنموذج رياضي على الحاسوب يصف هذه الظاهرة.
وعلى الرغم من ذلك فإن هذا التغيير سيكون حاضرًا في صالات عرض أفلام الرسوم المتحركة قريبًا، ففي ورقة علمية نُشرت في 13 شباط قدم فيه باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة بيير وماري كوري في باريس أول أُنموذج ثلاثي الأبعاد لخصلة من الشعر المجعد.
وعلى الرغم من فائدة هذا الموضوع في صناعة أفلام الرسوم المتحركة فإنه يمكن الاستفادة منه كثيرًا في توقع انحناءات كل من أنابيب الفولاذ الطويلة والكابلات؛ نتيجة للفها ضمن ملفات أو بكرات ضخمة لتسهيل نقلها؛ إذ تتصرف هذه المواد بعشوائية كما في خراطيم المياه في الحديقة فلا يمكن التنبؤ بحركتها فعليًا.
ضمن المصطلحات الهندسية تعدُّ هذه الحالات جميعًا –بما في ذلك الشعرة المجعدة- مثالًا لما يسمى القضبان المرنة الأسطوانية.
يقول البروفيسور بيدرو ريس وهو من المشاركين في البحث: إن عملنا لا يتعامل مع اصطدام الشعرات الموجودة على الرأس جميعها، والذي يعتبرعاملاً هاماً لمصممي الرسوم المتحركة للتحكم بتسريحة شعر شخصياتهم الكرتونية، ولكن عملنا يحدد كل درجات التجعيد لخصلةٍ من الشعر، ويصف رياضيًا كيف تتغير خواص التجعد في طول جزء من الشعرة الواحدة.
لم يكن الدكتور رايس يفكر مباشرةً بتوصيف حركة الشعر المجعد عندما بدأ بحثه، فقد كان يدرس الانحناءات الطبيعية للقضبان المرنة، وعبر دراسته لأجزاء صغيرة مرنة من الأنابيب الدقيقة المعلقة في مخبره؛ وجد أنها ليست مختلفة كثيرًا عن خصل الشعر المجعد، مما جعله يتصل مع باودولي والذي كان قد وضع سابقًا نظرية لشرح شكل الشعر البشري في الحالة ثنائية الأبعاد (حالة مستوي).
وبتطبيق التجارب المخبرية، والمحاكاة الحاسوبية، والمعالجة النظرية (والتي تُعدّ الثلاثي الناجح في العلم)، حددت المعالم الرئيسة لتوصيف الشعر المجعد ضمن مقياسين رئيسين يصفان الانحناء (نسبة الانحناء والطول)، والوزن (نسبة الوزن والصلابة). ومن معرفة كل من الانحناء والطول والوزن والصلابة يستطيع هذا الأُنموذج التنبؤ وتوصيف شكل الشعرة أو الأنبوب الفولاذي أو كبل الإنترنت وذلك عند تعليقها وتركها تحت تأثير وزنها.
لو تصورنا كيف تنحني شعرة معلقة شاقوليًا لتصبح كالخطَّاف بشكل حلزوني مستوي ثم تميل تحت تأثير ثقلها فتصبح بكاملها أو بجزء منها ذات شكل لولبي، فسنعرف أن دراسة التأثيرات المتبادلة بين الانحناء والوزن ليست بسيطة دومًا.
لدراسة الانحناء فقد صنع ميلر نماذج مرنة من قضبان رفيعة، وذلك بالاعتماد قوالب أسطوانية صغيرة كعبوات الصلصة الحارة أو كبيرة كأعمدة يبلغ قطرها متراً واحداً، فحقنَ مادة مطاطية داخل أنابيب محيطة بهذه النماذج.
وعند جفاف المادة المطاطية وإزالة الأنابيب التي صبت فيها أصبح لدى ميلر وريس قضبان رقيقة ومرنة من البولي فينيل يعتمد شكل انحنائها الطبيعي على مقدار انحناء القالب الذي كانت ملتفة حوله.
صاغ الباحثون معادلاتهم بعيدًا عن التأثر بمجال الأبعاد المستخدم، وتبقى صالحة من أجل دراسة شعرة واحدة، أو مع القياسات الكبيرة، مثل حال أنابيب النفط الفولاذية الممتدة كيلومترات عديدة، والتي تبلغ حدًا عاليًا من المرونة.
يقول ميلر "في مجال الأبعاد الكبير نجد الأنابيب مرنة جدًا، لدرجة أن التعامل معها في هذه الحالة يشبه تعاملي أنا وأنت مع خيوط المعكرونة".
استنتج عالم الرياضيات أولر للمرة الأولى عام 1744 المعادلات التي تصف جسمًا أسطوانيًا مرنًا كخصلة الشعر مثلًا؛ إذ يقول أودلي: لا تعطي المعادلات الرياضية حلًا محددًاعلى الرغم من كونها معروفة وموجودة منذ زمن بعيد، فربط هذه المعادلات مع الأشكال الموجودة في الواقع يُعدُّ تحدياً كبيراً.
يقول رايس: "بالنسبة لي تكمن أهمية هذا العمل في تمكننا من أخد الانحناءات الطبيعية بالحسبان، والتي يمكن أن تؤثر كثيرًا على السلوك الميكانيكي للمواد؛ إذ أن أي تقوس غير مرغوب به يمكن أن يجعله غير مستقرًا، وهو ما يحتاجه المهندسون لتكوين فكرة واضحة وتنبؤ مستقبلي".
وعلى الصعيد الشخصي يوضح رايس مازحًا : "حقيقة كوني أصلع الرأس بجانب عملي سنوات عديدة على هذه المسألة الفيزيائية قد أصبح نكتة رائجة في مختبرنا".
المصدر: هنا
حقوق الصورة: Disney- PIXAR