الهندسة والآليات > هندسة البترول والغاز
المكامن النفطية
يُعرف المكمن النفطيّ أو الغازيّ بأنَّه تركيبٌ جيولوجيّ يتكوَّن من صخور ذات مساميَّةٍ ونفاذية، حاويةٍ على النفط والغاز، وبعبارة أخرى؛ فإنَّ المَكمن هو المصيدة الحاوية على النفط أو الغاز أو كليهما معًا.
ومن الشروط الأساسية لتكوين المكمن النفطيّ: الصخور الأمّ، وتغيير التركيب الجزيئيّ للمواد العضوية في باطن الأرض بسبب الحرارة والضغط والزمن، وهجرة النفط إلى صخور المكمن (وجود السوائل)، وامتلاكِ الصخور خصائصَ معيّنة، ووجود حواجز منيعة لمنْع الهيدروكاربونات من الهجرة لخارج المكمن.
يُقصد بالصخور الأم؛ الصخور التي تكوَّنت بعد ترسُّب الطبقات الصخرية ذاتِ الأنواع المختلفة لاسيما الكربونية. وبسبب تطوُّر ظروفِ نمو الأحياء المائية الحيوانية والنباتية وازديادها وتنوّعها؛ فقد أدَّى ذلك مع مرور الزمن وفي ظلِّ استمرار عمليات الترسيب إلى طمْر بلايين من الأطنان من بقايا المواد العضوية ودفنها؛ التي تحوَّلت إلى المواد الهيدروكربونية في مواقعها الأصلية. وعُرِفَت تلك الأنواع بالصخور الأمّ. وينشأ النفط في هذه الصخور؛ نتيجةَ تغيُّر التركيب الجزيئيّ للمواد العضوية الصخرية؛ بسبب الحرارة والضغط الكبيرين في باطن الأرض، ويتحوَّل إلى قطرات من البترول المختلط بالماء. وتنتشر هذه القطرات بين الصخور عن طريق مساماتها إلى المناطق المجاورة. فإذا لم تعتَرِض طريقَها طبقةٌ غير مسامية أو غير نفَّاذة، فإنَّها تصل إلى سطح الأرض في نهاية المسار؛ لتظهرَ على شكل رشوحاتٍ نفطية أو بِرَك من الإسفلت. أمَّا إذا صادفت هذه القطرات أيَّ نوع من الصخور يمنع استمرار هجرتها -سواءً كانت بالاتجاه العمودي أو الأفقي- فإنَّ قطرات البترول سوف تتجمَّع، وتتراكم. وهذا ما يُسمَّى بهجرة النفط. وعلى الرغم من أنَّ ميكانيكية هجرة النفط مُعقَّدة قليلًا؛ كونها بعكس اتجاه الجاذبية. لكنَّ من أهمّ أسبابها اختلافُ الضغط بين الطبقات المجاورة بسبب الحركات الأرضية، والضغط الذي يُولِّده الغاز الطبيعي الموجود أو الخاصية الشعرية للصخور.
وبالنظر إلى وجود فرْق في الكثافة بين الماء وهذه المركبات الهيدروكربونية، فإنَّها سوف تتجمَّع في أعلى التركيب الجيولوجيّ (المصيدة) مزيحةً الماء بذلك إلى الأسفل. وفي حالة وجود المركبات الغازية مع النفط، فإنَّها تتجمَّع في الجزء العلويّ من المكمن فوق النفط مكوِّنة قُبَّةً غازية.
إنَّ القسم الذي يحتلُّه الغاز الحرّ في المكمن يُدعى بمنطقة الغاز، وتحته منطقة تجمُّع النفط. أمَّا تحت منطقة النفط فتبقى مساماتُ الطبقة الخازنة مملؤةً بالماء، وتُعرَف المنطقة الفاصلة بين الغاز ومنطقة النفط بسطح تماس الغاز والنفط (GOC)، والمنطقة الفاصلة بين النفط والماء تُعرف بسطح تماس النفط مع الماء (WOC).
وقد تُصنَّف المكامن حسب التركيب الجيولوجيّ أو حسب الفائدة الربحية، وتُصنَّف حسب موائع المكمن أيضًا، وسوف نتحدَّث الآن عن تصنيف المكامن النفطية حسب محتواها من الموائع..
تُصنَّف المكامن النفطية عدَّة تصنيفات؛ بالاعتماد على تركيب الخليط الهيدروكربونيّ داخل المكمن، ودرجة الحرارة والضغط الابتدائية للمكمن، وضغط ودرجة حرارة السطح.
وبذلك ينتج لدينا بصورة رئيسة نوعَين من المكامن :
المكامن النفطية: وعندها تكون درجة حرارة المكمن أقلَّ من درجة الحرارة الحَرِجة لمائعِ المكمن؛ وفي هذه الحالة يمكن أن يُصنَّف المكمن مكمنًا نفطيًّا.
المكامن الغازية: وعندها تكون درجة حرارة المكمن أعلى من درجة الحرارة الحَرِجة لمائعِ المكمن؛ وفي هذه الحالة يُصنَّف المكمن مكمنًا غازيًّا.
تُعرف درجة الحرارة الحَرِجة بأنها الحرارة التي لا يُمكن التمييز عندها بين خواصّ الموائع فيما إذا كانت سوائل أو غازات.
كما تُصنَّف المكامن النفطية إلى ثلاثة أنواع؛ بالاعتماد على ضغط المكمن وحرارته الابتدائية :
المكامن النفطية تحت المُشبعة: عندما يكون ضغط المكمن الابتدائيّ أكبر من ضغط الفقاعة لسائل المكمن.
المكامن النفطية المُشبعة: عندما يكون ضغط المكمن الابتدائيّ مساوٍ لِضغط الفقاعة.
المكمن النفطي ذو القُبَّة الغازية: عندما يكون ضغط المكمن الابتدائيّ أقلَّ من ضغط الفقاعة، وفي هذه الحالة يُصنَّف المكمن النفطيّ إمّا مكمنًا ذا قُبَّة غازية أو مكمنًا ذا طورَين من الموائع.
يُعرف ضغط الفقاعة بأنَّه أعلى درجةً من الضغط الذي تَتحرَّر عندهُ أول فقاعة غازية من النفط الموجود.
أمَّا المكامن الغازية؛ فإنَّها تُصنَّف إلى الأنواع الآتية:
مكامن الغاز المتكثِّف (Retrograde Gas Condensate Reservoir): وتكون درجة حرارة المكمن تقع بين درجة الحرارة الحرجة ودرجة الحرارة التعايشية لمائع المكمن. ويُعدُّ نوعًا فريدًا من المكامن لتراكم الهيدروكربونات؛ والسبب في ذلك السلوكُ الثرموديناميكيّ لموائع المكمن؛ إذ يُسيطر على عوامل تطوير المكمن واستنزافه؛ والسبب هو أنَّه حين ينخفض ضغط المكمن على خليط الهيدروكربونات فعندئذ؛ بدلاً من تكثُّف هذه الهيدروكربونات فإنَّها سوف تتبخر.
مكامن الغاز الرطب (Wet Gas Reservoir): عندما تكون درجة حرارة المكمن أعلى من درجة الحرارة التعايشية لخليط الهيدروكاربونات في المكمن. ويسمى رطبًا؛ لأنَّ درجة حرارة الهيدروكربون أعلى من درجة الحرارة التعايشية؛ وبذلك فإنَّ الغاز يبقى على شكل بخار رطب. وعند إنتاج الغاز ووصوله إلى السطح سوف يَقِلُّ الضغط والحرارة؛ وبذلك يتحوَّل إلى سلوك ثنائيّ الطور. وسوف يتكثّف الطور السائل عن الغاز ويُفصَل عنهُ في الفواصل السطحية.
مكامن الغاز الجاف (Dry Gas Reservoir): في هذا النوع من المكامن، يكون خليط الهيدروكربونات الموجود في المكمن بطورهِ الغازيّ، ويستمرّ على هذا الطور إلى حين وصولهِ إلى السطح وإنتاجه. وإنَّ السائل الوحيد المُصاحب لغاز هذا النوع من المكامن هو الماء.
ملاحظة: يُقصَد بالمكامن الغازية هنا؛ تلك المكامن ذات الغاز الطبيعيّ؛ أي المكامن التي تُنتج غازًا فقط، لأنَّه يوجد بعض المكامن النفطية تنتج غازًا، ويُسمَّى عندئذٍ بالغاز المُصاحب أو المرافق (Associated Gas). ويقع تصنيف المكمن في هذه الحالة ضمن المكامن النفطية.
تُعدُّ هندسة المكامن من أهم الأمور في هندسة البترول؛ لأنها تسهم في تحديد موقع الحفر ومعدَّلات الإنتاج بصورةٍ مباشرة. والعِلم الرئيس في هندسة المكامن هو الإدارة المكمنية التي تتطلَّب دراساتٍ مُعقَّدة من أجل وضْع إستراتيجيات طويلة الأمد للإنتاج، يُسيطَر بها على موائع المكمن. وقد يتطلَّب في بعض الأحيان إيقافَ الإنتاج في بعض الآبار مدةً معينة، أو حفْر آبار أخرى؛ من أجل إدامة إنتاج المكمن. ولا تزال البحوث العلمية والتقنيات مستمرَّة من أجل التوصُّل إلى أفضل الطرق لدراسة المكمن بصورة دقيقة، ورسم الموديل الجيولوجيّ والهيدروكربونيّ للمكمن عن طريق بعض البرمجيات المتطوّرة التي تستغلُّها الشركات لتسهيل عملها.
المصادر :
1- Applied Petroleum Reservoir Engineering, second edition, by B. C. Craft and M. F. Hawkins
2- دليل المبتدئين في الإنتاج، إعداد المهندس عقيل خير الله نهار الشويلي
3- University of Missan, Petroleum Engineering College,
4- Reservoir Engineering Handbook, fourth edition, by Tarek Ahmed
5- هنا