الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة
الإرادة الحرة والفعل الحر والمسؤولية الأخلاقية
معظمنا على يقين بامتلاكه للإرادة الحرة ولكن قدر هذه الإرادة الحرة ليس محدداً بدقة. وفقاً لديفيد هيوم فإن طبيعة الإرادة الحرة هي أكثر المسائل جدلاً في الميتافيزيقيا. فإذا كان ذلك صحيحاً، فمعرف ما هي الإرادة الحرة لن يكون بالمهمة السهلة.
فكحد أدنى، إذا كان يقال أن شيئاً ما لديه الإرادة الحرة، يعني أن لديه القدرة على اختيار مسار عمله، فيبدو من ذلك أن الحيوانات قد حققت هذا المعيار. وعادةً ما نعتقد أن حرية الإرادة هي أمر محصور بالإنسان فقط وليست للحيوان. لذلك دعونا نفهم الإرادة الحرة كقدرة الأشخاص الفريدة والتي تسمح لهم بالتحكم بأفعالهم. فمن المثير للجدل ما إذا كان هذا الفهم الأدنى لماهية الإرادة الحرة يتطلب عاملاً معين للحصول على صلاحية معينة من الإرادة. وما إذا كان مصطلح " الإرادة الحرة " هو اختصار لميزات أخرى للشخص، أو ما إذا هنالك حقاً ما يُدعى بالإرادة الحرة.
الإرادة الحرة، الأفعال الحرة والمسؤولية الأخلاقية
لماذا يجب علينا أن نهتم ما إذا كان لشيء ما إرادة حرة أم لا؟ لأنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بقضيتين فلسفيتين أخرتين: العمل الحر والمسؤولية الأخلاقية. وعلى الرغم من التقارب بين هذين المفهومين ولكنه من الضروري عدم الخلط بينهما.
فلنفترض أن امرأة ما ولتدعى أليسون، تفكر بالقيام بفعل حر، كأن تنزه كلبها أم لا. تقول لنفسها "أعرف أن الكلب بحاجة للتنزه، فهو بحاجة الي التمرين. ولكني لا أريد أن أخرجه للتنزه بسبب الطقس البارد، ولكن على الرغم من كل شيء أظن أن أفضل قرار أن آخذه في نزهة". ومن هنا نرى أن إحدى أسباب اهتمامنا بالإرادة الحرة هي ضرورة الأفعال الحرة. فأليسون بحاجة أن تقرر ما إذا كانت ستأخذ الكلب في نزهة. إذا افترضنا أن تصرفات البشر تنجم عن قدرة البشر العقلانية، عندها سنرى أن إمكانية العمل الحر تعتمد على إمكانية الإرادة الحرة. وقولنا أن شيئاً ما تصرف بحرية هو قولنا أنه بالحد الأدنى أنه كان ناجحاً في تنفيذ الاختيار الحر.
لقد قدم العديد من الفلاسفة أفكارًا حول مفهوم الحرية. فتوماس هوبز يرى أن الحرية تقتضي عدم وجود عوائق خارجية تمنع الشيء من القيام بما يريد، وبحسب أفكار ديفيد هيوم، فإن الإرادة الحرة أو الـ"حرية" ببساطة هي قوة الفعل أو عدم الفعل بناء على سابق إصرار وتصميم. إذا اخترنا البقاء مستريحين، قد نفعل ذلك. وإذا اخترنا التحرك، قد نفعل ذلك أيضاً. هذه الحرية الافتراضية قد سُمحت عالمياً بأن تنتمي لكل الذين ليسوا بسجناء أو تحت الأسر. وهذا يشير إلى أن الحرية هي القدرة على اختيار مسار عمل، والشيء حر ما لم يكن هناك قوة خارجية تمنعه من إكمال مسار العمل. وبالتالي واستناداً لهيوم وهوبز، فإن أليسون حرة لتنزه كلبها طالما لا يوجد أي شيء يمنعها من تنفيذ قرارها. كما هي حرة ألا تنزهه طالما لا يوجد شيء يجبرها على أخذه في نزهة إذا قررت عدم القيام بذلك.
ومع ذلك يمكن أن يعتقد المرء أن هذا النهج فشل بوضع اختلاف واضح بين هذين النوعين من الحرية المرتبطين نوعاً ما والمتباينين في المفهوم: حرية الإرادة مقابل حرية العمل. وهذا التمييز الواضح ناشئ من قِبَل أنه من الممكن امتلاك حرية إرادة بدون امتلاك حرية فعل. فلنفترض أن أليسون قبل اتخاذها لقرار النزهة كانت تأخذ قيلولة. وبينما هي نائمة كان هناك عاصفة ثلجية تعصف بالمنطقة. وبذلك فمن المستحيل لأليسون الخروج من المنزل لتنزيه كلبها حتى ولو أرادت ذلك. هنا لدينا حرية إرادة لأن أليسون حرة بأخذ كلبها في نزهة أو لا، ولكن لا يوجد حرية فعل لأنها غير قادرة بأخذه في نزهة.
كما أن إمكانية امتلاك حرية فعل بدون امتلاك حرية إرادة أو عدم إمكانيتها، تعتمد على منظور الشخص عما هي حرية الإرادة. وعلى الرغم من وجود تمييز بين حرية الإرادة وحرية الفعل، إلا أنه كما يبدو فإن حرية الإرادة ضرورية لتأدية أفعال حرة.
وحتى لو كان هنالك اختلاف بين حرية الإراة وحرية الفعل، فهذا لا ينفي أن تكون حرية الإرادة ضرورية لحرية الفعل، فإذا ما تم غسل دماغ أليسون خلال نومها لجعلها تنزه كلبها، فوقتها حتى لو لم يكن هنالك أي عوائق خارجية تمنعها من تنزيه كلبها فسنقول أن فعلها ذلك ليس فعلاً حراً. وذلك لأنه في حالة غسيل الدماغ فإن قرارها لم يكن نابعاً من إرادتها الحرة.
المصدر:
مصدر الصورة: