المعلوماتية > الذكاء الصنعي
الذكاء الصنعي.. فنان تعبيري
يعود الأمر بمجمله إلى خوارزميةٍ دُربت على 15000 لوحة بورتريه؛ ففهمت قواعد رسم البرورتريه ونفَّذتها ورسمت لوحةَ بورتريه بالحبر. أما التوقيع فكان معادلةً رياضية!
توقيع الخوارزمية على لوحة البورتريه التي رسمتها
ما هو الذكاء الصنعي التعبيري Expressive AI؟
يعرَّفُ الذكاء الصنعي التعبيري بأنه: مجالٌ فرعيٌ من الذكاء الصنعي. يستعين هذا المجال بالممارسات البحثية لكلٍّ من الفن والذكاء الصنعي، ويوصف بأنه ممارسةٌ هجينةٌ بين الفن والعلم.
ما هي الخوارزمية التي مكَّنتنا من هذا الإنجاز؟
تُسمى هذه الخوارزمية: الشبكة التنافسية الإبداعية (Creative Adversarial Network) أو اختصارًا CAN، وتعمل على توليد الفن عن طريق التعلم من مجموعةٍ من الأنماط، وتصبح مبدعةً بابتعادها عن الأساليب المتعلَّمة.
وقد بُنيت اعتمادًا على الشبكة التنافسية التوليديَّة (Generative Adversarial Network) أو اختصارًا GAN، والتي أثبتت قدرتها على تعُّلم توليد صورٍ جديدة تحاكي توزيعًا معينًا.
الشبكة GAN في أصلها هي شبكةٌ عصبونيةٌ صنعية لها أثر كبير في مجال الذكاء الصنعي، وتتكون هذه الشبكة من شبكتين عصبونيتين؛ إحداهما توليدية Generative، والثانية تمييزية Discriminative، وتعملان معًا لتحقيق محاكاةٍ عالية المستوى للمهام المتصوَّرة.
تبني الشبكة التوليدية Generative مخرجاتها من المدخلات (الصور في مثالنا)، وترسلهم إلى الشبكة التمييزية Discriminative التي تميز بدورها -كما توحي تسميتها- بين النتائج الأصلية والصناعية المقدَّمة من الشبكة التوليدية.
يصف الخبراء عملهما أن الشبكة التوليدية تحاول خداع الشبكة التمييزية التي يجب أن تُدرَّبَ على التعرف إلى مجموعة معينة من الأنماط والنماذج.
ما الصعوبات التي واجهتها الخوارزمية؟
اقتُرحت خوارزمياتٌ وطرقٌ مختلفة لاستكشاف الفضاء الإبداعي. اعتمَد عدد منها على الخوارزميات التطورية (أحد مكونات الحوسبة التطورية التي تعتمد على فكرة الاصطفاء الطبيعي المستوحاة من نظرية التطور؛ إذ تُستبعَد العناصر الأقلُّ ملائمةً وتبقى العناصر الأكثر ملاءمة). تكرر الخوارزمية التطورية نفسها عن طريق توليد أجيالٍ من المرشحين وتُقيّم مدى ملاءمتهم للحلِّ النهائي عن طريق تابع ملائمة Fitness Function، وتعدِّلُ على هذه العناصر لتحسين الملائمة الكلية للمجموع في التكرار التالي؛ ما يعني الاقتراب من النتيجة النهائية تكرارًا بعد تكرار، وتنفَّذُ هذه الإجرائية ضمن إطار الخوارزميات الجينية.
التحدي الذي واجهته الخوارزمية التي نتحدث عنها هنا هو إيجادُ تابعِ ملائمةٍ مناسب ويتمتع بالحس الجمالي في الوقت نفسه. اعتمدت أنظمةٌ سابقةٌ على الإنسان في تأدية دور المراقب، وتكون تغذيته الراجعة أساسيةً في توجيه الإجرائية.
ما حدث هذه المرة مختلفٌ فنحن نتحدث عن نظامٍ إبداعيٍّ حاسوبيٍّ بالكامل لتوليد الفن دون الاستعانة بالبشر! لكن مع استخدام النتاج الإبداعي البشري لتعليم هذا النظام بالطبع. وقد أُجريت تعديلاتٌ على هدف الخوارزمية GAN لتلائم توليد فنٍّ إبداعي.
أمثلة عن لوحاتٍ وُلِّدت باستخدام الخوارزمية CAN. نلاحظ تباين اللوحات بين المطلق البسيط والتراكيب المعقدة.
إنَّ أهمَّ خصائص رفع الإثارة لعلم الجمال -إلى جانب الخصائص النفسية والبيولوجية- هي:
- الحداثة Novelty
- الدهشة Surprisingness
- التعقيد Complexity
- الغموض Ambiguity
- الحيرة Puzzekingness
يمتلك هذا الأنموذج ذاكرةً تُشفِّرُ ما يعرض عليها من أعمالٍ فنية، تُحدَّث هذه الذاكرة باستمرارٍ بإضافة الأنماط الفنية المولدة. وتُستخدم هذه الذاكرة المشفرة بطريقةٍ غير مباشرة بينما يولد فنٌ جديد مع زيادة محدودة في إمكانات الإثارة، ويركز الأنموذج على عاملي الغموض والانحراف عن الأنماط المدرَّبِ عليها لرفع إمكانية إثارة الفن المولد للناظر له.
كيف تعمل الخوارزمية؟
ذكرنا سابقاً أن الشبكة المستخدمة CAN استندت في تصميمها على شبكةٍ سابقة GAN، وذكرنا أن الشبكة CAN مكونة من شبكتين: "توليدية Generative وتمييزية Discriminative".
صُممت الشبكة التمييزية على نحوٍ يمكّنها من الوصول إلى مجموعةٍ كبيرةٍ من اللوحات مع تصنيفاتها (عصر نهضة، انطباعية، تعبيرية ...إلخ). تستخدم الشبكة التمييزية هذه الأنماط كي تتعلم التمييز بين أنماط الفن ومدارسه المختلفة، وللحكم لاحقًا على ما تولده الشبكة التوليدية من لوحات إن كانت ستعدّها فنًّا حقيقيًا أم مقلَّدًا؟
على النقيض من ذلك؛ لا تملك الشبكة التوليدية أي وصولٍ لأي نمطٍ فني؛ فهي تولد الفن بانطلاقها من دخلٍ عشوائي، ولكن -على خلاف الشبكة GAN- تستقبل الشبكة التوليدية إشارتين من الشبكة التمييزية تمثلان التغذية الراجعة منها. تمثل الإشارة الأولى قرار الشبكة التمييزية إن كان العمل المولد يصنَّف كفنٍّ أم لا، وإن كان ضمن التوزيع المطلوب. في حال لم يكن الفنُّ فنًا أو لم يكن ضمن التوزيع المطلوب؛ تغير الشبكة التوليدية من أوزانها.
أما الإشارة الثانية فتمثل تصنيف الشبكة التمييزية للعمل المولد ضمن أحد أنماط الفن التي تعرفت إليها سابقًا عندما زُودَت بمجموعةٍ كبيرة من اللوحات وتصنيفاتها.
ما هي الآلية التي يعدّ وفقها العمل الفني المولَّد هو المخرج النهائي؟
إن ولدت الشبكة التوليدية عملًا تجاوز اختبار الشبكة التمييزية الأول وعدّ فنًا وتجاوز الاختبار الثاني وأمكن تصنيفه ضمن أحد أنماط الفن المعروفة وضمن التوزيع المحدد؛ تكون الشبكة التوليدية قد نجحت في خداع التمييزية التي أقرَّت بدورها أن العمل المولد هو عملٌ فنيٌّ يتَّسم بالخصائص المذكورة سابقًا.
مخطط صندوقي لنظام الخوارزمية CAN
يمكنكم الاطلاع على شيفرة الخوارزمية من هنا
المصادر:
/abs/1706.07068?fbclid=IwAR0cjy4xc0C-AP_-ZKfj-GIPlvswyJWzAJs80vdBIpeHmW4QT9ysqtzmyD4'>هنا