لماذا نسبة وجود الإناث في القطاع المالي أقل من الذكور؟

عند الحديث عن المساواة بين الجنسين نلاحظ أنَّ المجال المالي ما زال متأخرًا قياسًا بالمجالات الأخرى مثل الطب والحقوق والتعليم، وتُبين الدراسات أنَّ إجمالي عدد موظفي المجالات المالية في تزايد، لكنَّ تمثيل الإناث في القطاع لا يشهد الزيادة نفسها على الرغم من أنّّ عدد الحاصلين على شهادة علمية في المجال المالي من الإناث يساوي تقريبًا عدد الذكور، وأنّّ 30% من رأس المال المُستثمر في العالم مَملوك من الإناث.

ووفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي للفجوة بين الجنسين لعام 2017: "لا تزال المواهب النسائية واحدة من أكثر موارد الأعمال غير المستغلة في بعض الصناعات، ويتضح هذا بوجهٍ خاص في القطاع المالي". وتحتل سورية وفقًا للتقرير المَرتبةَ الأخيرة من حيث مشاركة الإناث في المجال الاقتصادي والفرص المتاحة لهنَّ، ومع أنَّ تمثيل الإناث يتطور في القطاع المالي فإنهنَّ لا يزلن دون المستويات التي تحقق التوازن".

حققت بعض البنوك وشركات الـتأمين والمؤسسات المالية المختصة تقدمًا في إدراج النساء في المجال المالي، لكنَّ هذه النسبة لا تزال منخفضة وفقًا للبيانات الحصرية لفاينانشال تايمز، ومن الأصح القول أنّّ هناك خللًا في التوزيع الوظيفي بين النساء والذكور في المجال المالي، فوفقًا للدراسات؛ يظهرُ أنَّ عدد القوى العاملة من الإناث تساوي القوى العاملة من الذكور في المستويات الدنيا، في حين تُرقّى واحدة من أربعٍ من مجموع قوى الإناث العاملة إلى مستويات وظيفية أعلى.

يبين الشكل تمثيل الإناث في المناصب العليا في العالم وبعض المناطق المختارة وسورية.

 ويبين الشكل تمثيل الإناث في المناصب الوظيفية

ومن العوامل التي تؤدي دورًا في ذلك عدم الرضا الوظيفي، فأكثر من نصف النساء لا تمتلك في المجال رضًا وظيفيًا، وبحسب تعبيرهنَّ فإنَّهنَّ يحصلن على معايير مختلفة في العمل عن تلك التي يتلقاها زملاؤهن الذكور.

ويبدو ذلك واضحًا في دراسة تناولت اختلاف معايير تقييم الأداء بين الذكور والإناث، وبحسب الدراسة فإنّ الإناث أكثر عرضة ب 1.4 مرة لتلقي تقييم نقدي غير موضوعي، وتُقيَّم الإناث على أنَّهن يمتلكن ثقة أقل بالنفس من تلك التي يمتلكها الرجال تحديدًا في المناصب التي تتعلق بالتعامل مع العملاء، وتظهر مشكلة المعايير المزدوجة عند تقييم عمل النساء، فعلى سبيل المثال؛ عندما يواجه أحد الموظفين الذكور صعوباتٍ؛ يتجه التقييم نحو افتراض أسباب تعود إلى مهارته الشخصية، أمّا عندما تواجه إحدى الموظفات المشكلة نفسها؛ فغالبًا ما يتجه التقييم نحو افتراض أسبابٍ تعود إلى طبيعة الإناث. وبينت دراسة في جامعة ستانفورد تلقي النساء تقييمًا أكثر غموضًا من الرجال، ومن المرجح أن يُعزى أداء المرأة إلى خصائص مثل الحظ أو قدرتها على قضاء ساعات طويلة في المكتب؛ أي يُنظر إليها على أنَّها أكثر التزامًا، بدلًا من قدراتها ومهاراتها.

ومن أكثر العوامل التي تؤدي دورًا في انخفاض تمثيل الإناث في القطاع المالي هو فجوة الدخل بين الذكور والإناث؛ أي إنَّ الإناث تتلقى دخلًا أقل من الذكور التي تَشغَلُ ذات المناصب الوظيفية، وبحسب دراسة أُجريت على المستشاريين الماليين؛ فإنَّ الفجوة في الأجور تبلغ 44.4% بين المستشارين الماليين الإناث والذكور، إذ تكسب النساء في الميدان قرابة 56 سنتًا مقابل كل دولار يحصل عليه رجل في المنصب نفسه.

يُبين الشكل فجوة الدخل بين الإناث والذكور في بعض دول العالم في عام 2016.

ووجدت دراسة أخرى أُجريت في مركز البحوث المالية في جامعة كولونيا أنَّ مديرات الصناديق الاستثمارية يُبْدِين تحفظًا أكبرَ وميلًا أقلَّ للمخاطرة بمحافظهنَّ الاستثمارية من زملائهن الذكور. وفضلًا عن ذلك؛ تميل إستراتيجيات الإناث في إدارة الصناديق إلى أن تكون أكثر استقرارًا.ً

وكشفت دراسة أخرى أنَّ 58% من الرجال صنفوا فهمهم المالي على أنَّه جيد أو جيد جدًا، لكنَّ 47% من النساء فقط قلن الشيء نفسه؛ أي إنَّ الإناث يَملن إلى تخفيض تقييمهنّ الذاتي لأنفسهنّ مما يؤدي دورًا سلبيًا في تمثيلهن في المجال المالي. وإضافة إلى ذلك؛ أظهرت عينة كبيرة -قرابة نصف مليون محفظة خاصة- أنَّه في عام 2007 وفي أثناء الأزمة عام 2008؛ حققت النساء ما بين 4 إلى 6 بالمئة أفضلَ من الرجال في المتوسط.

وتوصلت إحدى الدراسات التي تناولت الفروق بين الذكور والإناث في الصناديق الاستثمارية إلى أنَّ إدارة مشتركة بين الذكور والإناث قد تكون الأفضل، وذلك نتيجة ميل الإناث إلى تخفيض المخاطر في حين يميل الذكور إلى اتخاذ مخاطر مرتفعة عند تكوين الأسهم المشاركة في الصندوق.

وأخيرًا؛ تؤدي العديد من العوامل دورًا في هذه الظاهرة، لكنَّ العديد من المؤسسات المالية بدأت تؤمن بضرورة التنويع وإجراء دراسات تبين الفروق بين الجنسين في المجال المالي ومحاولة الاستفادة من مزايا كل منهما، فإنَّ فهم الاختلافات بين الجنسين أمرٌ أساسي لفهم الاستثمار العالمي وإدارته.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا

6- هنا

7- هنا

8- هنا

9- هنا

الدراسات المرجعية:

1- The Global Gender Gap Report 2017

2- Fund-Management Gender Composition: The Impact on Risk and Performance of Mutual Funds and Hedge Funds