الفيزياء والفلك > علم الفلك
براكين جليدية! ظاهرة جيولوجية تثير الاهتمام
اقتَرحَتْ دراسة جديدة لفريق بحثيٍّ من جامعة أريزونا ظاهرةً جيولوجية مُثيرة للاهتمام؛ هي انتشارٌ كبير لبراكين جليد عملاقة على سطح الكوكب القزم سيريس. وقد نَشر الفريق البحثيّ نتائج الدراسة في مجلة Nature Astronomy.
عالم الجليد الأقرب
يقع كوكبُ القزم سيريس في حزام الكويكبات الواقع بين المشتري والمريخ، ويُعدُّ الكوكب القزمَ الوحيد ضمن المدى القريب؛ إذْ توجد باقي الكويكبات في حزام كايبر الموجود عند حدود نظامنا الشمسيّ. وعلى الرغم من صغر حجمه؛ فهو من أكبر الكويكبات الموجودة هناك. ويعتقد العلماء بوجود مياه على سطحه، ولكنَّها بهيئة جليدية، فضلًا عن وجود محيطات عميقًا في السطح.
وقد اكتُشِفَ الكوكب القزم في القرن الثامن عشر؛ إذْ تنبَّأ الفلكيُّون بوجوده كما تنبَّؤوا بغيره من الكواكب رياضيًّا، وعن طريق رصد المنطقة المتوقَّعة. وأعلن عنه في الأول من كانون الثاني عام 1801 عالمُ الفلك الصقليّ جوزيبي بيازي Giuseppe Piazzi؛ الذي عدَّه آنذاك كوكبًا، وسُمِّيَ سيريس نسبةً إلى الآلهة الرومانية.
براكين جليدية!
في حين تنفث البراكين هنا على الأرض الحممَ والصخور المُنصهرة؛ يختلف الحالُ -بل ينقلب- على سطح سيريس؛ إذْ تنبعثُ منها أعمدةُ ماء وجليد، فضلًا عن جزيئاتٍ مُتجمِّدة أخرى؛ وتُعرف هذه البراكين بالبراكين الجليدية (cryovolcanoes)؛ ويُرجَّح أنَّ السبب في تكوينه هو أنَّ درجة الحرارة داخل الكوكب القزم مُنخفضة، ولا تُذيب الصخور.
وقد رصدتْ دراساتٌ سابقة هذا النوعَ من البراكين في العوالم الخارجية ضمن النظام الشمسيِّ؛ ومنها قمر زحل إنسيلادوس، وأوروبا، وتريتون. ولا يزال الغموض يلفُّ هذا النوع من نشاط البراكين إذا ما قُورن بالنشاط البركانيّ الاعتياديّ خاصةً. فهذه البراكين الجليدية رُصِدتْ أوَّل مرة عام 1989 عندما أَرسلَتْ المركبة فوياجر صورًا مُقرّبة للقمر تريتون تُظهر فوَّهات بركانية جليدية.
النشاط البركاني الضخم
دارتْ المركبة الفضائية داون التابعة لناسا عام 2015 حول الكوكب القزم سيريس لترصُد هناك بركانًا جليديًّا على شكل قُبَّة بارتفاع 4 كم، وبقطر يبلغ قُرابة 940 كم، وسُمِّيت أهونا منس (Ahuna Mons).
إنَّ منطقةَ Ahuna Mons هي البركان الجليديّ الوحيد الذي رصده العلماء على سيريس، ويُعدُّ هذا أمرًا غريبًا بعض الشيء. ويُقدِّر العلماء كميَّةَ المادة الجليدية التي نُفثتْ على سطح سيريس أنَّها أقلُّ بمئة إلى مئة ألف مرَّة من كميَّة الصخور المُنصهرة التي نُفثتْ على الأرض أو القمر أو الزهرة أو المريخ؛ فالبراكين الجليدية تولِّدُ على سيريس قُرابة 9،940 متر مكعب في المعدل، في حين تُولِّد البراكين العادية على الأرض قُرابة 765 مليون متر مكعب.
ومن المؤمَّل أنْ تحملَ الأبحاثُ المستقبلية مزيدًا من الأجوبة عن هذا النشاط البركانيِّ في بعض العوالم الجليدية البعيدة، وتأثيرها على جيولوجيا السطح.