المعلوماتية > الحوسبة الكمومية
هل نثق بالحواسيب الكمومية عبر الإنترنت؟
إليكم هذا السيناريو: لديكَ بيانات حسَّاسة ومشكلة لا يمكن حلها سوى باستخدام حاسوب كمومي، وليس لديكَ حاسوب كمومي خاص بك. يمكنكَ توفير الكثير من الوقت باستخدام جهاز حاسوب كمومي، ولكنكَ لا تريد التخلي عن أسرارك، ما الذي تستطيع فعله؟!
يقترح باحثون في سنغافورة وأستراليا طريقةً لاستخدام الحاسوب الكمومي على نحوٍ آمن؛ حتى عبر الإنترنت. وقد كتبوا في مجلة Physical Review X في 11 يوليو: يمكن أن تخفي هذه التقنية بياناتك وبرنامجك من حاسوبك نفسه، ويشير عملهم إلى أنَّ تحقيق هذه التكنولوجيا ممكن بالفعل.
السيناريو ليس بعيد المنال؛ إذ تَعِد أجهزة الحاسوب الكمومية بطرائقَ جديدةٍ لحل المشكلات التي تواجهنا في كلٍّ من مجالات التشفير والنمذجة وتعلم الآلة والصناعة؛ إذ تتضمن هذه المجالات بيانات سرية.
تستثمر شركات التقنية العملاقة بالفعل في بناء مثل هذه الحواسيب، وجعلها متاحة للمستخدمين، فعلى سبيل المثال؛ أعلنت شركة IBM في 17 أيار (مايو) من العام الماضي أنها بصدد إنشاء حاسوب كمومي مع 16 qubit (بت كمومي) متاحة للعامة مجانًا على السحابة، بالإضافة إلى معالج 17 qubit تجريبي للأغراض التجارية.
وقد لا تكفي الـ 17 qubits للتفوق على أجهزة الحاسوب العملاقة الحالية، ولكن مع تقدم التقنية وازدياد البتات الكمومية في هذه الحواسيب؛ فمن المتوقع أن تتجاوز قدراتها قدرات أيّة آلة لدينا اليوم؛ ممَّا سيزيد من الطلب عليها.
ويقول جوزيف فيتزسيمونز (Joseph Fitzsimons)؛ الباحث الرئيس في مركز التقنيات الكمومية في جامعة سنغافورة الوطنية، وأستاذ مشارك في جامعة سنغافورة للتقنية والتصميم (SUTD)، والذي قاد العمل: "إننا ننظر إلى الإمكانيات المتاحة في حال كنتَ تتفاعل مع حاسوب كمومي عبر الإنترنت من الحاسوب المحمول، وقد وجدنا أنه من الممكن إخفاء بعض الحسابات المثيرة للاهتمام".
وتعمل أجهزة الحواسيب الكمومية عن طريق معالجة بتات من المعلومات المخزنة في حالات كمومية، على العكس من البتات الثنائية الموجودة في حواسيبنا العادية (أي الكلاسيكية)، وكل منها إمَّا 0 وإمَّا 1؛ في حين يمكن أن تكون البتات الكمومية في حالة تسمى (SuperPosition) وهي قدرة البت الكمومي على أخذ القيمتَين 0 و 1 في الوقت نفسه، ويُعتقد أنه عامل حاسم في قوة الحواسيب الكمومية؛ إذ تؤلف التراكبات الكمومية والتشابك معًا قوة حوسبة معززة على نحوٍ كبير؛ فإذا كان لدينا سجل من 2 بت في الحاسوب العادي؛ فإنه سيتمكن من تخزين واحد فقط من أربعة تكوينات ثنائية (00 ، 01 ، 10 ، 11) في أي وقت؛ في حين يمكن لسجل 2 بت في الحاسوب الكمومي تخزين الأرقام الأربعة في وقت واحد؛ ذلك لأن كل qubit يمثل قيمتَين، وإذا أُضِيف المزيد من وحدات qubit؛ ستُوسَّع السعة المتزايدة على نحوٍ كبير.
يجلب المخطط الذي صممه فيتزسيمونز وزملاؤه السرية إلى الحوسبة الكمومية باستخدام القياسات.
تحدث عمليَّة إعداد الحاسوب الكمومي عن طريق وضع جميع الـ qubits في حالة Entanglement، ثم يُجرى الحساب عن طريق قياس الـ qubits واحدة تلو الأخرى، وتمثل هذه الخطوات تعليمات بتشفير كلٍ من بيانات الإدخال والبرنامج.
وقد أظهر الباحثون في السابق أن المستخدمين الذين يستطيعون عمل البتات الكمومية أو قياسها لنقل التعليمات إلى الحاسوب الكمومي يمكن أن يخفوا عملياتهم الحسابية، ويمدُّ هذا البحث الجديد هذه القوة إلى المستخدمين الذين لا يستطيعون سوى إرسال البتات الكلاسيكية في الوقت الحالي.
وهذا أمر مثير للدهشة؛ لأنَّ بعض نظريات علوم الحاسوب تشير إلى أنَّ الحوسبة الكمومية المشفرة مستحيلة عندما يكون الاتصال تقليديا.
وتأتي فكرة التشفير هنا من كون الحاسوب الكمومي لا يستطيع أن يحدد مسؤولية أي جزء من السلسة عن عملية معينة؛ أي لا يستطيع معرفة أي من البتات الكمومية التي استُخدِمت في عمليات الدخل والخرج.
ويقول توماسو ديمياري (Tommaso Demarie)؛ عضو في فريق CQT و SUTD: "إنه أمر مثير للغاية؛ يمكنك استخدام هذه الميزة الفريدة في أنموذج الحوسبة الكمومية القائم على القياس -الطريقة التي تتدفق بها المعلومات عبر حالة البت الكمومي- بوصفها أداة تشفير لإخفاء المعلومات من الخادم".
وعلى الرغم من أن مالك الحاسوب الكمومي يمكن أن يحاول إجراء هندسة عكسية لتسلسل القياسات المطبَّقة؛ لكن يؤدي الغموض المتعلق بدور كل خطوة إلى العديد من التفسيرات المحتملة؛ فالأمر أشبه بالبحث عن إبرة في كومة قش.
ويزداد عدد التفسيرات الممكنة مع ازدياد عدد الـ qubits، فيقول فيتزسيمونز: "إن مجموعة الحسابات الممكنة كبيرة جدَّا -وهذا أحد الأشياء التي نثبتها في الورقة- وبذلك؛ فإن فرصة تخمين الحساب الحقيقي ضئيلة للغاية".
وقد أصبحت أجهزة الحاسوب الكمومية مشهورة في التسعينيات مع اكتشاف أنها تستطيع كسر بعض طرائق التشفير التقليدية، ولكن ربما ستصبح الحوسبة الكمومية معروفة لجعل مستقبل الحوسبة السحابية آمنًا بدلاً من ذلك.
المصدر: