البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي
بروتين يُسبِّب خسارة ثلث كمية الشحوم لدى الفئران
توصَّلت جامعة Georgetown إلى اكتشاف دورٍ جديدٍ لأحد البروتينات الذي عُرف عنه سابقًا أن له أهمية في آليات إحداث السرطان؛ إذ تبيَّن أنه يُؤدي دورًا في تنظيم آليات الاستقلاب في الجسم، فتفعيل هذه البروتينات -عن طريق تقانات التعبير المورثي القسري، وضمن سلالات من الفئران البدينة في المختبرات- يُؤدِّي إلى تراجع في كتلة الشحوم عند الفئران على الرغم من معاناة هذه الفئران تهيؤًا وراثيًّا يُجبرها على الأكل طوال الوقت.
ما المتلازمة الاستقلابية؟
المتلازمة الاستقلابية عبارة عن مجموعة من الحالات التي تتمثَّل في مجموعة من الأعراض المُترافقة كارتفاع الضغط الشرياني وارتفاع سكر الدم وكمية الشحوم الزائدة في الجسم خصوصًا المتجمعة حول الخصر، إضافة إلى مستويات مرتفعة وغير طبيعية من الشحوم الثلاثية والكوليسترول في الدم. وتُصيب هذه الاضطرابات الفردَ رافعةً بذلك خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية والداء السكري.
وتُعدُّ البدانة مؤهِّب المتلازمات الاستقلابية الأساسي، ثم إنها مرتبطة بنقصان كبير في مأمول الحياة للفرد.
تقترح الدراسة المنشورة في مجلة التقارير العلمية أنَّ البروتين FGFBP3 (اختصارًا BP3) قد يُقدِّم علاجًا جديدًا للاضطّرابات المرضيَّة المرتبطة بالمتلازمة الاستقلابية؛ مثل الداء السكري النمط 2 والكبد الدهني.
ويمكن القول إنه سيُركَّب بروتين BP3 كدواء قابل للاستخدام البشري بعد إجراء المراحل الأخيرة من الدراسات ما قبل السريرية؛ والتي من دورها تجربة الدواء على نطاق أوسع والتأكُّد من فعاليته دون وجود احتمالية لتسببه بأي أذى حقيقي.
يقول المشرفون على الدراسات عن الدواء إنَّ تطبيق ثمانية علاجات معتمِدة على الـ BP3 على مدى ثمانية عشر يومًا كان كافيًا لإنقاص كمية الشحوم لدى الفئران البدينة حتى الثلث، وليس ذلك فحسب؛ إذ ساهمت العلاجات في تقليل عدد من الاضطرابات المرتبطة بالبدانة عند الفئران مثل ارتفاع سكر الدم hyperglycemia (ارتفاع سكر الدم عن الحدود المرجعية الطبيعية نتيجة الإصابة بالداء السكري)، إضافة إلى التخلُّص من الشحوم المُتكدِّسة لدى الفئران نتيجة إصابتهم بالكبد الدهني.
ويجدر الإشارة إلى أنَّ الفحوص السريرية والاختبارات النسيجية الدقيقة لم تُظهر أية تأثيرات جانبية للدواء.
ما المادة BP3 وعوامل نمو الخلايا الليفية FGFs؟
مادة تنتمي إلى عائلة البروتينات الرابطة لعوامل نمو الخلايا الليفية (FGFBP) fibroblast growth factor binding protein؛ وهي مواد تُنظِّم تكاثر الخلايا وتمايزها والعديد من الوظائف الأخرى الأساسية والعمليات الحيوية مثل صيانة الأنسجة وترميم الجروح وتشكيل الأوعية الدموية، وتوجد عوامل النمو للخلايا الليفية في معظم أنسجة الجسم لدى معظم الكائنات، ثم إن بعض أنواع الـ FGF تُؤدّي دورًا مشابهًا للهرمونات في الجسم في بعض الحالات.
إنَّ BP1,2,3 عبارةٌ عن بروتينات شابيرون chaperone ترتبط ارتباطًا وثيقًا بثلاثة من بروتينات FGF وتُحسِّن أداءَ هذه البروتينات في الجسم. وقد أجرى Anton Wellstein (وهو بروفيسور في علم الأورام والحرائك الدوائية في مركز Georgetown Lombardi لأبحاث السرطان) دراسات مطوَّلة على الجين المرمّز للبروتين BP1؛ لأن تركيب هذا البروتين يزداد في عدة أنواع من السرطان، واقترح أنَّ نمو هذه الأنواع من السرطانات مُرتبط مباشرة بالتركيب الزائد لعوامل النمو FGFs، وتمكَّن Wellstein وفريقه من الباحثين مؤخرًا من دراسة BP3 للوصول إلى فهم أكبر لآلية التأثير الموجودة.
وجد الباحثون أنَّ هذه البروتينات ترتبط بـ 3 من بروتينات (FGF19,21,23)؛ وهي نفسها المسؤولة عن التحكّم بالاستقلاب، فبينما يُنظم FGF19 وFGF21 عمليات تخزين الكربوهيدرات (السكاكر) والشحوم في الجسم واستخدامها؛ يتحكَّم FGF23 باستقلاب الفوسفات، والذي يدخل في تركيب جزيئة تخزين الطاقة لدى معظم الكائنات.
يُعتقَد أن BP3 يُساهم على نحو حاسم في التحكم بالاستقلاب؛ فعندما تتوافر كمية أكبر منه؛ يزداد تأثير عوامل النمو FGF19 وFGF21 عن طريق ازدياد عمليات التراسل والإشارة؛ الأمر الذي يجعل الـ BP3 منظِّمًا قويًّا وفعًّالًا لاستقلاب الدسم والسكاكر.
ومن أجل توضيح الأمر؛ يمكننا تشبيه ما يحدث بوجود عدد أوفر من سيارات الأجرة في مدينة نيويورك حتى تقلَّ أكبر عدد من الأشخاص ممن يحتاجون إلى النقل.
مع تسريع عمليات الاستقلاب لن يُخزَّن سكر الدم؛ بل سيُوجَّه نحو طرائق الاستقلاب واستحصال الطاقة في الجسم، وكذلك الأمر فيما يخصُّ الدسم الذي يُعالَج في الكبد؛ وعلى سبيل المثال: فإن وظيفة FGF21 هي التحكُّم بتحطيم جزيئات الدسم سواءً أُخِذَ أم كان مُخزَّنًا بالأساس في أنسجة الجسم.
قد تبدو نتائج هذه الدراسة واعدةً ومثيرةً للاهتمام، ولكن؛ من المهم جدًّا إجراء أبحاث إضافية عن الموضوع قبل أن يُستخدم الـ BP3 كعلاج للمتلازمات الاستقلابية عند البشر.
الهامش:
بروتينات chaperone: هي عبارة عن بروتينات تُؤدِّي دورًا أساسيًّا في استقرار البروتينات وثباتها في أثناء عمليات التثني في الخلية.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4-هنا