علم النفس > الصحة النفسية
العنف وتأثيره في تطور الطفل
إن العنف ضد الطفل الذي يمارسه أفراد عائلته والمدرسون أو الأقران يؤدي إلى أذيات تطال الصحة النفسية والجسدية للطفل، ولا يُعَدُّ هذا العنف حكرًا على مجموعة ثقافية أو عِرقية معينة؛ بل يمكن أن يحدث في مختلف البيئات، وهناك العديد من العوامل التي تؤهِّب التعرض للعنف منها المستوى الاقتصادي والاجتماعي إضافة للاختلافات العِرقية والدينية واللغوية للأطفال؛ ولهذا فإنَّ للعنف (أو الإساءة) أنواع ودرجات مختلفة لكنها في مجموعها تؤثر في حياة الطفل في جميع مراحلها.
وتعد الإساءة النفسية واللفظية أهم أنواع الإساءات التي قد يتعرض لها الطفل في المدرسة وأكثرها شيوعًا، وهي من الإساءات التي لا يظهر تأثيرها ظهورًا آنيًّا؛ وللأسف ليس هناك دراسات عديدة تُفصِّل في هذا النوع من الإساءة، ويعود السبب في ذلك إلى عدم وجود تعريف واضح لها إضافةً إلى صعوبة وضع معايير واضحة لدراستها.
ومن أهم العوامل التي تساعد على ظهور الإساءة النفسية التي قد يتعرض لها الطفل هي إصابته بمرض جسدي معين أو انحداره من عائلة فقيرة أو كونه يتيمًا، وتعد المدرسة هي المكان شيوعًا الذي يتعرض فيه الطفل للإساءة العاطفية واللفظية؛ إذ تتنوع درجة الإساءة من الصراخ وإطلاق أسماء مهينة إلى التهديد بالفصل من المدرسة وعزل الطفل، وتختلف مصادر الإساءة التي يوجِّهها المدرس المسؤول عن الطفل أو أقرانه من الأطفال.
وهناك نوع آخر من الإساءة لا يقل أهمية عن الإساءة اللفظية وهو الإساءة الجسدية في المدارس والتي تنتج غالبًا عن سوء استخدام السلطة الممنوحة للطاقم التدريسي لمعاقبة الطفل المسيء؛ أي يتعرض الطفل للضرب أو التهديد بالضرب من قبل المسؤول عن الطفل أو الأطفال الآخرين.
وعلى الرغم أن العقوبة الجسدية قد لا تؤدي إلى أذيات جسدية خطيرة لكنَّ تأثيراتها النفسية في الطفل قد تكون مدمرة؛ فهي تؤثر في سوء التكوين البنيوي والتطوري للدماغ.
والفرق بين الإساءة الجسدية والعقوبة الجسدية هو أن الأخيرة تهدف إلى إثارة ألم بسيط لدى الطفل بهدف تغيير سلوكه لتجنب تكرار التعرض هذا الألم، لكن هذا لا يتيح الفرصة المناسبة لتعليم الطفل السلوك الأنسب الذي ينبغي عليه اتباعه عن طريق الشرح والتفسير.
ومن الأنواع الأخرى للعنف هو "العنف الجنسي" وهو نوعان؛ أما النوع الأول فيتضمن اتصالًا مباشرًا بين الطفل والمسيء مثل اللمس أو إجبار الطفل على تأدية نشاطات تتضمن أفعالًا جنسية، أما النوع الثاني فلا يتضمن اتصالًا مباشرًا مثل إجبار الطفل على مشاهدة مواد جنسية أو عدم تأدية إجراءات تحمي الطفل من التعرض لإساءة جنسية من قبل الآخرين.
وهناك العديد من الوسائل لحماية الطفل من العنف بمختلف أشكاله إضافة لدعم الوالدين ودعم القيم الإيجابية التي تمنع الإقدام على العنف منها:
زيارة ممرضات متخصصات بصورة متكررة للطفل ووالدَيه في المنزل لتقديم الدعم والتعليم والمعلومات اللازمة.
وتعليم الوالدَين عن طريق مجموعات تعليمية زيادة الوعي في تطور الطفل، وتشجيع الاستراتيجيات الإيجابية لإدارة شؤون الطفل.
وتعد الأرقام الإحصائية المعنية بالعنف ضد الطفل خطيرة؛ فبحسب منظمة ChildHelp هناك تقرير عن تعرض طفل للعنف كل عشر ثوان في الولايات المتحدة، التي تعد صاحبة أسوأ معدلات عنف بين الدول الصناعية، وهناك قرابة ٣.٦ مليون إحالة لأطفال تعرضوا للإساءة إلى وكالات حماية الطفل.
وبحسب تقارير منظمة الصحة العالمية؛ فإن ربع البالغين كانوا قد تعرضوا للعنف الجسدي في الطفولة؛ إذ إن امرأة من كل خمس نساء ورجل من كل ١٣رجلًا يذكرون تعرضهم لأحد أشكال العنف الجنسي في مرحلة الطفولة.
المصادر: