الفيزياء والفلك > علم الفلك
خنجر (توت عنخ آمون) من معدن فضائيّ!
يحتفظ جميعنا بنوع من التذكارات في ترحالنا وسفرنا من مكان إلى آخر، ولكن الحصول على حلية أو تذكار من خارج الأرض أمرٌ لا يخطر على بال الكثير. حسنًا؛ لم يكن ذلك الحال عند الفرعون توت عنخ آمون؛ فقد امتلك غرضًا مميزًا من معدن غير أرضي.
بعد اكتشاف ضريح الفرعون الشاب توت عنخ آمون في وادي الملوك في مصر عام 1925؛ أثار خنجران موجودان داخل الضريح اهتمامَ علماء الآثار، فكان أحد الخنجرين مصنوعًا من الذهب (وهو المعدن المتوافر لدى المصريين القدماء إلى جانب البرونز والنحاس في العصر البرونزي)، أما الخنجر الآخر فهو مصنوعٌ من الحديد؛ الأمر الذي أثارَ دهشة العلماء؛ إذ إن الحديد لم يكن قد اكتُشِف في تلك الفترة، فقد نقَّب المصريون عنه أول مرة في حوض النيل بعد ذلك العصر بكثير.
لهذا السبب عزم الباحثون على اختبار الخنجر والكشف عن مصدر معدنه بحرص يحول دون إلحاق أيِّ ضرر به؛ وذلك اعتمادًا على طريقة (مطياف الأشعة السينية الفلوري) التي تُثير جزيئاتِ المركبات المختلفة بقوة داخل المادّة المُستهدفة، ليعود الإشعاع المنبعث منها بأطوال موجية مختلفة تُعبِّر عن ماهيَّة المعادن والمواد المختلفة التي يتألف الخنجر منها.
فكشفت النتائج عن مفاجأة؛ إذ وجد الباحثون أن تركيبة معدن الخنجر تختلف كل الاختلاف عمَّا نألفه؛ فقد أوضح الاختبار أن الخنجر يتألف من الحديد والكوبالت والنيكل بنِسَب متفاوتة، وكانت نسبة النيكل هي الخطَّ الفاصل بين تركيبته وتركيبة المعادن الأرضية، فمن المعتاد ألا تتجاوز نسبة النيكل 3% في مركَّبٍ كهذا، ولكنها بلغت قرابة 10% من معدن الخنجر؛ ما أكَّد شكوك العلماء بأن معدن الخنجر ينتمي إلى حجر نيزكيّ كان قد سقط على الأرض قرب تلك المنطقة.
وبحث العلماء في سجلَّات تلك الحقبة عن الأحجار النيزكيّة التي عُثِر عليها في نطاق 2000 كلم من مكان وجود الضريح مدفوعين بالنتائج والنِّسَب التي بين أيديهم، وحصلوا فعلًا على مواقع 20 نيزكًا كانوا قد سقطوا قرب تلك المنطقة في تلك الحقبة. ؛ وقد حدَّدوا مكان النيزك باختبار تركيب هذه الأحجار النيزكية الذي صيغ منه خنجر الفرعون الصغير ذو التسعة عشر عامًا غرب الإسكندرية.
ما يكشف لنا مرة أخرى عن مدى تقدم حضارة الفراعنة وعن معرفتهم مصدرَ النيازك؛ فقد وصفوه في كتاباتهم بالمعدن الذي يسقط من السماء؛ ما يُؤكِّد مرة أخرى أهمية الطريقة العملية في الكشف عن تاريخ أغراض صغيرة تحمل في طيَّاتها أسرارًا عظيمة.
المصادر: