الرياضيات > رياضيات في دقيقة
المثلث.. أضلاع قليلة وأثر عظيم
عرّفنا المثلث مضلَّعًا مغلقًا ذا ثلاثة أضلاع وثلاث زوايا، ومجموع قياسات زواياه 180 درجة، وأنواعه عديدة تُصنَّف حسب زواياه أو أضلاعه؛ فمن حيث الأضلاع يمكن أن تختلف أطوال أضلاعه جميعًا، فيسمى مختلف الأضلاع، أو تتساوى أطوالها جميعًا فيسمى متساوي الأضلاع، أو يتساوى اثنان من أضلاعه في الطول فيسمى متساوي الساقين. أما من حيث الزوايا فمنه الحادّ والمنفرج والقائم؛ فالحادّ ما كان قياس كل من زواياه أقل من 90 درجة، والمنفرج ما كان قياس إحدى زواياه أكبر من 90 درجة، والقائم ما حوى زاوية قائمة؛ أي قياسها 90 درجة تمامًا.
ويعد المثلث القائم أحد أهم الأشكال الرياضية كونَه محورَ نظرية فيثاڠورس التي يُعبَّر عنها رياضيًّا بإحدى أجمل العلاقات الرياضية وأشهرها وأهمها، وكونَه إحدى بذور علم المثلثات.
(نظرية فيثاڠورس: مساحة المربع الكبير تساوي مجموع مساحتي المربعين الآخرين).
لكنَّ أهمية المثلث لا تقتصر على أهميته الرياضية فحسب؛ بل هو لبنة أساسية في الطريقة التي نبني بها الأشياء في كل من البيئتين المحيطتين بنا: الفيزيائية الملموسة والافتراضية الرقمية.
يتميز المثلث بقوة استثنائية؛ فلو صنعنا مجموعة من الأشكال الهندسية ثنائية الأبعاد باستخدام قضبان معدنية لوجدناه أشدها مقاومة لتغير الشكل؛ إذ إن جميع الأشكال الأخرى قابلة للتغير عند دفع زواياها؛ فمثلًا بدفع زاويتين متقابلتين في المستطيل نحو بعضهما سيتغير شكله ليصبح متوازي أضلاع. أما المثلث فلن يتغير شكله بهذه السهولة، ما يفسر سعة نطاق استخدامه في الأبراج والتسليح.
ومن أهم ميزات المثلث كونُه أبسط المضلعات، ما يجعله ذلك أداة ممتازة توظَّف فيما يدعى بالتثليث، وهو أسلوب شائع لحل بعض المسائل الهندسية الشائكة مثل تحليل السطوح المعقدة، إذ عوضًا عن دراستها نفسها، يُعبَّر عنها بنسيج من المثلثات التي كلما صغرت وازداد عددها ازداد شَبَه النسيج المثلثي بالشكل الأصلي، ثم يُدرَس هذا النسيج. ومن الجدير بالذكر أن هذا الأسلوب مستخدَم على أرض الواقع للوصول إلى أشكال فريدة نراها اليوم في العمارة الحديثة، مثل الشكل المغزلي لبناء الڠركن The Gherkin في لندن.
ويستخدم التثليث في بناء الأجسام المختلفة في العالم الافتراضي أيضًا؛ إذ ليست الأشكال الطبيعية للشخصيات المرسومة حاسوبيًّا إلا أنسجةً مثلثية دقيقة جدًّا، وذلك ليَسهُل تخزينها وإجراء العمليات المختلفة عليها رقميًّا.
أوليس المثلث بحق جسرًا يصل بين عالم التجريد الرياضي وعالمنا الفيزيائي والعالم الافتراضي؛ متممًا بذلك حلقةً من الجمال الأصلي؟!