منوعات علمية > العلم الزائف
ما الفرق بين العلم الزائف والعلم الحقيقي؟
كثيرةٌ تلك المعلومات التي نتلقاها في حياتنا اليومية، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر المجتمع، ولكثرتِها، لم نعد نملك قدرة التفريق بين ما هو حقيقي وما هو كاذب. سنناقش في مقالنا هذا ما قد يميز العلم الزائف من العلم المعترف به في يومنا هذا في الجامعات العريقة أو مراكز الأبحاث المختلفة، والتي يتم تطبيقه في صناعة الحاضر.
العلم الزائف، هو العلم الذي يصف تلك الحقائق المَبنية على اعتقادات أو ادعاءات وهمية غير متوافقة مع المنهجية العلمية، ولكي يُفرَّقَ بينها وبين العلم المُثبت، لا بُدَّ من معرفة معنى العلم (Science)، وهذا لا يعني معرفة الحقائق العلمية فقط (مثل حجم الأرض، أو المسافة الفاصلة بين الكواكب)، وإنَّما فهم طبيعة العلوم نفسها، وأنواعها، والتجارب المقامة عليها والنتائج المبنية عليها.
لا يساعد إعلام اليوم للأسف دحض العلم الزائف، بل يُروِّج لها كل يوم، وأبرز مثالٍ على ذلك مسألة الأبراج؛ فتأثيرها يكاد لا يخلو من الصحف والقنوات الفضائية، ولكي لا نقع في فخ هذه المعلومات لا بُدَّ من معرفة ما يميزها عن العلم الحقيقي، وكيف يُفرَّق بينهما.
الفرق بين العلوم الزائفة والعلوم الحقيقية:
1- العلوم الزائفة ثابتة لا تُعدَّل، ويُتعاملُ معها كحقائق غامضة لا دليل عليها، وتُنشر بدون تدقيق،
فالكتب المطبوعة عن العلم الزائف لا تُراجع في الطبعات الجديدة، وإنَّما يطبعُ الكلام نفسه بالأخطاء الواضحة نفسها، بعكس العلم الذي يتجدد بكل طبعة وِفقًا لآخر الأبحاث أو النتائج أو الاكتشافات في ذلك المجال.
2- العلم الزائف غالبًا ما يبدأ بنظرية قد تكون مبنية على عواطف أو أحاسيس، ثم يُبحث عن كتب وتقارير تدعم تلك الادعاءات أو التفاسير فقط، وبذلك يصبح مبنيًا على الإيمان لا على الأدلة.
فَباحثو العلم الزائف وكاتبوه يتجاهلون تلك الأدلة والأبحاث المُنافية لنظرياتهم وتفسيراتهم، لأنَّها ببساطة لا تأتي على هواهم، وبعيدةً كل البعد عن الأدلة المُثبتة، إذ يُعتمَد على أدلة غير قابلة للتكرار أو التمحيص، مثل صورة غير واضحة، أو أصوات غير معروفة المصدر، أو قصص مبنية على أشياء لا نستطيع رؤيتها مرة أخرى أو آثار مزيفة.
وأكثر من ذلك عندما تعتمد على روايات الخيال العلمي، وتُؤخذ مصدرَ إثبات، مثال على ذلك رواية شفرة دافنشي للكاتب الأميركي دان براون، إذ يستخدمها البعض مصدرًا للتعبير عن قدرات دافنشي الخارقة، وبالرغم من وضوح كونها رواية خيال علمي.
3- العلم الزائف مبني أيضًا على المصادفة، فَمثلاً لو لمست الخشب وذهب عنك ألم المعدة، هذا لا يعني أنَّ لمس الخشب هو السبب، ربما سيختفي الألم حتى لو لم تلمس أيِّ شي، فالعلم لا يَعُدُّ لمس الخشب سبب ذهاب الألم، لأنَّ هذا الشيء إذا تكرر لا يعطي النتائج نفسها.
ما يدحض هذا العلم هو تغيُّره من ثقافة لأخرى، أو من لغة لأخرى، فمثلاً؛ يعتمد علم التنجيم على أسماء الكواكب، بالرغم من اختلاف أسمائها ومعانيها من ثقافة لأخرى.
4- العلم الزائف دائماً ما يستخدم المغالطات، كالمطالبة بإثبات عدم وجود شيء، إذ إنَّهم يتحدون أصحاب التجارب والاثباتات بنقض نظرياتهم، مثل عدم وجود ذي القدم الكبيرة أو عدم وجود الجن، فمن المفترض الإتيان بالأدلة، كونهم من يدعي وجود هذه الأشياء.
أو القول أنَّ العلوم لم تصل بعد لدرجة إثبات إدعائاتهم، كما كان الناس يُكذِّبون عالم الفلك الإيطالي غاليليو سابقاً بأنَّ الأرض تدور حول الشمس، فسيأتي اليوم الذي يكتشف فيه الهالات المنبعثة من البشر وتأثيرها على المحيط.
ولهذا يتم المجادلة في نظرياتهم بأدلة ناقصة، أو فهم خاطئ لبعض الظواهر، أو انعدام البديل، ولكن نقص المعلومات لا يعني أنَّ تفسيراتهم صحيحة، فلو رأى شخص شيئًا ما يطير في السماء ولم يعرف ماهيته، فلا يعني ذلك أنَّه طبق طائر من الفضاء، وتُستخدَم هذه المعلومة كدليل لوجود الصحون الطائرة.
وبالرغم من تطور العلم في المئة السنة الأخيرة، لم تأتِ تلك الأبحاث والنتائج التي تدعم ادعاءاتهم، بل العكس.
وما يزيد الأمر صعوبة، هو جهل عامة الناس بالعلم، فالأغلبية لا تعترف بجهلها بالعلوم الرياضية أو الحديثة، وإنَّما يدَّعون فهمها واتهامها في بعض الأحيان بالخاطئة دون أدنى إطلاع عليها(كنظرية التطور)، وهذا قد يكون ناتج عن الطبقة الحاكمة من الدين والسياسة في أثناء القرون الأخيرة.
وبما أنَّ العلم الزائف لا يهتم بالبحث لإثبات ادعاءاته، فتأتي النظريات متناقضة، مثل أن يزور الفضائيون الأرض، وأنَّ الأرض كروية مجوفة، ومسطحة، هذه الأمثلة لا تجتمع في نظرية واحدة، وببساطة تناقض بعضها وإن لم يكن مصدرها واحد، ولكن هذا يُبين مدى هشاشة هذا المجتمع المدَّعي بعلمه.
فهذا كله يقودنا إلى طريق واحد لتجنب العلوم الزائفة، وهو الطريق الذي يمشي عليه علم اليوم: المراقبة، والقياس، والتجربة، ثم تأتي النظريات لتفسير الظاهرة، فهذه الطريقة المعتمدة لمعرفة الحقيقة، لا غيرها، فالعلم ليس حقيقة مُطلقة، ونظرية اليوم قد تدحض نظرية الأمس، وهذا ما يميز العلم، فالعلم تراكمي وقابل للنقاش والقياس والتجريب، وغير ذلك يُدرج تحت خانة الخرافة.
المصادر: