التفرد في الحب

لا توجد صيغة يقاس بها الحب؛ هذا هو المعروف، ولكنَّ هناك صيغةً رياضية محددة تنتج سطحًا جبريًّا على شكل قلب؛ ففي الوقت الذي يمكن فيه تمثيل العديد من الأشكال الهندسية المعروفة وَفق معادلات جبرية محددة، يبدو أن القلب هو أحد هذه الأشكال؛ إذ يمكن تمثيله بواسطة معادلة جبرية واحدة.

وفي الوقت الذي تبدو فيه معادلة الكرة بسيطة إلى حد ما: ؛ فإن معادلة القلب تبدو أكثر تعقيدًا:

يمكنك عزيزي القارئ اختبار هذه الصيغة عن طريق زيارة الأداة زوس Süss (هنا) - التي تعني «حُلوًا» بالألمانية - وهي أداة تفاعلية تسمح لك بتعديل الجبر وتخصيص القلب وَفقًا لرغباتك.

أُنشئت هذه الأداة في يوم عيد الحب بواسطة Imaginary، وهي منظمة غير ربحية في برلين تصمم برامجَ ومعارضَ رياضية مفتوحة المصدر.

في هذه الأداة يمكنك تمديد القلب وضغطه بتحريك المنزلقين أقصى اليسار، ما يؤدي إلى تغيير الوسيطين «a» و«b»؛ أمَّا المنزلق في أقصى اليمين فيستخدم للتكبير والتصغير.

تشغل Süss  فضاءً ثلاثي الأبعاد، محددًا بالإحداثيات x و y و z - وتتضمن أيضًا مفهومًا حديثًا هو: النقاط الحدية «extreme points» أو التفردات «singularities»، التي تملك دراساتٍ خاصةً في مجال الهندسة الجبرية.

يقول أندرياس دانيال مات Andreas Daniel Matt، عالم الرياضيات والمدير في Imaginary: «إذا نظرت إلى شكل القلب؛ فسترى ذروة واحدة في القاع، وذروة أخرى في القمة".

وعمومًا؛ فإن التفرد هو نقطة يسلك فيها المنحنى سلوكًا «معقدًا» مثل نقاط القمة cusp أو نقطة التقاطع الذاتي self-intersection. ويكون عندها التابع الرياضي غير معرّف - ليس له قيمة - ومن ثم يفشل التابع في إيجاد سلوك عند هذه النقطة، ويقابل التفرد عادة قفزة في عملية مستمرة.

ونقطة التفرد الثقالي «Gravitational Singularity» -في الفيزياء- هي نقطةٌ ذات بُعد واحد تُوجد في مركز الثقب الأسود «Black hole» تتميز بكثافتها وجاذبيتها اللامتناهية.

ووفقًا لتعريف الكثافة (الكتلة مقسومة على الحجم) ونتيجةً لانضغاط كتلة هائلة في حجم متناهي الصغر؛ فالنتيجة هي كثافة لا مُتناهية؛ إذ تعد لحظة الانفجار العظيم «Bing Bang» نقطة تفرد؛ إذ كان كلٌّ من الكثافة ودرجة الحرارة لا نهائيَّةً.

ووفقًا لفرضية الرقابة الكونية «Cosmic Censorship»؛ فإن نقطة التفرد للثقب الأسود تبقى مختفية خلف أفق الحدث وهي المنطقة المُحيطة به التي لا يستطيع الضوء الإفلات منها عند الدخول إليها؛ ومن ثم لا يُمكن رصد هذه النقطة، باستثناء اللحظات الأولى للانفجار الكبير فيما يُعرف بنقطة التفرد العارية «Naked Singularity».

يقول الدكتور مات: «إن التفرّد هو مكان تسوء فيه الأمور»، ويحدث ذلك أيضًا في الحب: «القمم العليا جدًّا، والقمم المنخفضة جدًّا؛ فالحب مليء بالنقاط المتطرفة».

رياضيًّا؛ تتمتع التفردات بخصائص مميزة، وهذه الخصائص هي التي تسبب المشكلات؛ فالتفرد هَشٌّ يمكنّ أن ينكسر بسبب تغييرات صغيرة جدًّا في المعادلة، ويمكن فصل الأسطح المنضمة سابقًا، وعندما تنكسر التفردات «فمن الصعب جدًّا فهمها، ودراستها وخاصة حلها» كما يقول الدكتور مات.

لرؤية التفرد بالفعل، استبدلِ المعادلة في الأداة Süss بواحدة أخرى: . (التي يجب كتابتها كما يأتي  - x ^ 2 + y ^ 2 - z ^ 2 - a + 0.5 - حتى تعمل الأداة جيدًا)، ثم غيِّرْ في شريط التمرير أقصى اليسار (الوسيط a)، ولاحظ النقطة التي ينفصل فيها المخروط المزدوج، إذ تتداخل المخاريط.

تعد Süss أداة تفاعلية، وهي إحدى عناصر معرض التفردات Gallery of Singularities، وهو عبارة عن مجموعة من الأسطح الجبرية التي أنشأها ورعاها -في عام 2006- هيرويج هاوزر Herwig Hauser، اختصاصي الهندسة في جامعة فيينا، وخبير في حل التفردات.

يمكنك زيارة المعرض (هنا)

أنموذج لبعض عناصر معرض التفردات

 المصادر:

هنا

هنا