الهندسة والآليات > المركبات والآليات
مهندسون يجمعون بين منطاد وطائرة ليصنعوا "منطائرة"
ما الذي يحدث عند جمع منطاد مع طائرة وإعطائه بعضًا من مميِّزات الطائرة المروحية؟ سينتج منطاد هجين أخفُّ وزنًا من الهواء؛ وذلك وفقًا لشركةٍ -مقرُّها سياتل- تبحث عن مستثمرين.
فيمكن للمستثمر أن يشتري بمبلغ 4 ملايين دولار مزيدًا عليه العلاوات (مدفوعة على مدى 4 سنوات) طائرةً من طراز J بطول 51 مترًا قادرة على حمل 10 أشخاص (8 ركاب وطيارين)، أو قرابة 900 كغ عن طريق الهواء؛ وذلك بفضل جسمها الشبيه بالمنطاد المليء بالهيليوم، والمحركات الهجينة العاملة بالغاز والكهرباء، وأجنحة الدوران مع مراوحها.
يقول جيمس إيغان (المحامي الذي يتَّخذ من مدينة سياتل مقرًّا له ويشغل منصب المدير التنفيذي لشركة إيغان إيرشيبس Egan Airships المختصَّة بصناعة المناطيد الهجينة): "إنَّ الفكرة خطرت له أوَّل مرَّة في طفولته، عندما كان يلعب ببالونات الهيليوم والطائرات الورقية؛ إذ لاحظ أنَّ سرعة الطائرات الورقية تنخفض عند رَبْط بالونات الهيليوم بأجنحة الطائرات وذيولها"، ويضيف إيغان: " لقد بتُّ مقتنعًا بوجود نوع آخر من الطائرات، إذا كان بالإمكان وضع أجنحة للمناطيد."
وركَّز إيغان على التقنيات الناشئة؛ مثل طائرة بوينغ 787 دريملاينر التي تستخدم قطعًا مصنوعة من ألياف الكربون خفيفة الوزن لجعل الطائرات أخفَّ وزنًا وأكثر كفاءة في استهلاك الوقود.
وقد تواصل التوءمان جيمس وجويل إيغان مع المهندس دانيال رايمر أخيرًا الذي وافق على جعل مفهومهما عن طائرة نصف مليئة بالهيليوم تصميمًا قابلًا للطيران.
ويوضِّح إيغان: " يُعدُّ الهيليوم الموجود في بالون المنطاد بمثابة صمَّام الأمان للتصميم؛ إذ يقلِّل من معدَّل الهبوط الاضطراري بالباراشوت. وتُعدُّ خاصية الأمان المذكورة فريدة من نوعها لعدم وجودها في الأنواع الأخرى من الطائرات؛ إذ تضعك بأمان على الأرض في حال فشل المحرِّكات لأيِّ سبب كان."
ويُعدُّ تصميم إيغان للمنطاد الهجين أسرع وأكثر أمانًا من المنطاد العاديِّ الذي يضطر للتخلِّي عن الهواء في حالة الهبوط الاضطراريِّ، ثمَّ إنَّه يختلف عن منطاد هندنبرغ Hindenburg صاحب الكارثة الشهيرة عام 1937 التي أسفرت عن مقتل 36 راكبًا من أصل 96 كانوا على متنه؛ إذ استُخدِم فيه غاز الهيدروجين، وقد انفجر المنطاد نتيجة تسرُّب الهيدروجين واختلاطه بالأوكسجين، مكوِّنَين خليطًا قابلًا للاشتعال. في حين يستعمل تصميم إيغان غاز الهيليوم غير القابل للاشتعال.
كيف يعمل المنطاد؟
عندما يكون المنطاد من طراز J ممتلئًا (قرابة 900 كغ)، فإنَّه يكون قادرًا على السفر بسرعة 138 كم\ساعة مدَّة 3 ساعات أو مسافة 418 كم.
أمَّا عندما يكون فارغًا؛ فإنَّه يعمل على سبيل المثال لوحةَ إعلانات طائرة؛ فبإمكانه الطيران بسرعة هائلة مسافة 2100 كم تقريبًا، وهي مسافة مساوية لرحلة من لوس أنجلوس إلى دالاس، فالمنطاد طراز J سيقلع دائمًا كالهيلكوبتر في جميع الأحوال، سواء كان ممتلئًا أم لا.
ويقول رايمر (كبير المصممين لــ "المنطائرة"، ورئيس شركة الأبحاث النظرية): "يُحرِّك الطيَّار عند الإقلاع الأجنحة وقمرة المحرِّك إلى الوضع العموديَّ، ويضيف قوةً حتى يبدأ المنطاد بالإقلاع عموديًّا، ومن ثمَّ يعيد الأجنحة وقمرة المحرِّك ببطء إلى الوضع الأفقيِّ، في حين تستمرُّ المركبة بالتحليق إلى الأعلى.
ويُقلِّل الطيَّار الطاقةَ في حالة الهبوط؛ ممَّا يسمح للمنطاد بالهبوط تدريجيًّا وتقليل السرعة، فبمجرد اقتراب المركبة من موقع هبوطها -سواء كان شاطئًا أم منصة أم مياهًا- يُقلِّل الطيَّار الطاقة ويسمح للطائرة بالاستقرار على الأرض."
وتتميَّز "المنطائرة" طراز J بمزايا تتفوَّق على الهيليكوبتر والمنطاد؛ إذ إنَّها أهدأ، وصيانتها أسهل من الهيليكوبتر نسبيًّا، إضافة إلى أنَّها تُسافر بسرعة عكس المنطاد.
ويُوضِّح رايمر: "صُمِّمَ الطراز J ليتعامل مع الرياح العادية معاملةً أفضل من المنطاد العاديِّ؛ لأنَّ نصف الوزن يحمله بالون الهيليوم. ومع ذلك؛ فإنَّه لن يُقاوم الرياح العاتية والعواصف القوية والظروف الجليدية."
وفي الوقت الذي تحتاج فيه الطائرة طراز J إلى موافقة إدارة الطيران الفيدرالية للشروع بالعمل؛ أطلقت الشركة في معرض (InterDrone exposition) عام 2017 "منطائرة" دون طيَّار بطول 8.5 م قادرة على الطيران بسرعة 48 كم\ساعة، مدَّة ساعة واحدة فحسب؛ إذ يمكن استخدامها للدِّعاية، إضافةً إلى مسوحات الأراضي والزراعة والبحث والإنقاذ والمراقبة.
ويتوقَّع إيغان أن تكون طائرة طراز J مفيدة للقوَّات المسلِّحة الأمريكية لنقل الأشخاص والمعدَّات، وأيضًا الشركات والأشخاص الذين يريدون وسيلة سهلة للتنقُّل من نقطة أ إلى نقطة ب.
يقول إيغان: "تخيَّل النزول من طائرة في مطار نيويورك، والذهاب -ربما- إلى جزء آخر من المطار، والصعود على متن إحدى طائراتنا التي ستنقلك إلى الجزر والأماكن شبه الإقليمية الأخرى التي قد تستغرق ساعات بالسيارة أو العبَّارة أو القطار."
صناعة الطيران
تُعدُّ "المنطائرات" جزءًا من الاتجاه المتنامي في مجال صناعة الطيران؛ إذ تصنع شركات عدَّة طائرات صغيرة يمكنها نَقْل عدد قليل من الناس.
وهنالك طائرات أخرى أيضًا -شبيهة بالمناطيد- تابعة لشركات أخرى؛ مثل المنطاد الهجين من طراز (LMH-1) التابع لشركة لوكهيد مارتن (Lockheed Martin) الذي يبلغ طوله 85 م، ومنطاد شركة إيرلاندر (Airlander) التي تتَّخذ من المملكة المتحدة مقرًّا لها (على الرغم من تحطُّم طائرة Airlander 10 عام 2017).
أمَّا فيما يخصُّ منطاد طراز J؛ فيبدو أنَّه وسيلة جيدة لنقل الأشخاص والبضائع؛ وذلك حسب قول كريستي مورغانسن الرئيسة المؤقَّتة لقسم الملاحة الجويِّة، والملاحة الفضائية في جامعة واشنطن؛ التي لا تتبع شركة إيغان إيرشيبس.
وتُضيف مورغانسن: "إنَّ هنالك تاريخ طويل في استخدام المناطيد لنقل الناس والبضائع، ومع استمرار ظهور عدد كبير من الشركات؛ مثل شركة إيغان؛ فستواجه هيئة مراقبة الملاحة الجوية صعوبات كبيرة في التعامل معها جميعًا."
وتتساءل مورغانسن عن كيفية إيواء المركبات والمكان اللازم لركنها وصيانتها. في حين كان جواب رايمر هو أنَّ موقفًا في الهواء الطلق أو حظيرة طائرات سيكونان الخيار الأنسب، ويؤكِّد إيغان: "سيكون هذا الشكل الجديد من الطائرات بمثابة نقطة تحوُّل في مجال صناعة الطيران."
المصادر :
1- هنا
2- هنا