الطب > مقالات طبية
استئصال الرحم، وعلاقته بوظائف المخ
تُعدُّ عملية استئصال الرحم عملية جراحية منتشرة روتينة، وتخضع لها ثلث النساء في الولايات المتحدة، بعد سن الستين، لكن في دراسةٍ حديثة، أُجريت في جامعة أريزونا الحكومية، وجدوا أن استئصال الرحم قبل الضهي (الأياس)، قد ينعكس سلبًا على العمليات الإدراكية كالذاكرة، والتفكير؛إذ يُحتفَظ بالمبيضين بنسبة 50% من هذه العمليات، ولكن لم تُجرَ من قبل تقييمات سريرية لعمليات الضهي الجراحي Surgical menopause، كعمليات استئصال الرحم، مع الحفاظ على المبيضين، أو بدون الحفاظ عليهما، وتأثيرها على الغدد الصماء والقدرات الإدراكية.
أجرى فريق بحثي دراسةً في قسم علم النفس في جامعة أريزونا؛ لتقييم آثار إزالة الرحم جراحيًّا على وظائف الدماغ؛ إذ استخدموا الجرذان الإناث لاختبار دور الرحم، والمبايض، بأسلوب منهجي، وتأثيرهما على التعلم والذاكرة.
قُسمَت الجرذان إلى أربع مجموعات على أساس نوع التدخل الجراحي، وكانت المجموعات الثلاث التجريبية وفق الآتي:
إزالة الرحم فقط، وإزالة المبايض فقط، وإزالة كُلٍّ من الرحم والمبايض معًا.
وأما المجموعة الرابعة فخضعت لعملية جراحية زائفة، لم يُستَئصَل فيها الأعضاء التناسلية.
وبعد ستة أسابيع من الجراحة،علَّم الباحثون المجموعات الأربع من الجرذان كيفية التنقل في متاهة، وبمجرد تعلمها، اختبر الباحثون كفاءة ذاكرة الجرذان، وقاموا بدراسة وضع الأعضاء التناسلية والهرمونات لديهم أيضًا.
وضع الباحثون الفئران في متاهة مائية، تحوي مركزًا دائريًّا، يتفرع منه ثمانية أذرع، مع وجود منصات مغمورة في نهاية بعض الأذرع، وكان على الجرذان أن تسبح؛ لتبحث، وتحدد مواقع هذه المنصات، وفي حال عثر الجرذ على منصة يزيلها الباحث، ومن ثم يعيد الباحث الجرذ إلى المتاهة، بعد أن أخرجه عقب عثوره على المنصة الأولى؛ ليذهب ويحدد مواقع المنصات المتبقية؛ إذ كان على الجرذ تذكر الأذرع التي لا تحوي منصات في نهايتها، وما استكشفه سابقًا في جولته الأولى.
أظهرت التجربة تشابه بالنتائج بين الجرذان التي خضعت لإزالة المبيضين فقط ،أو إزالة المبيضين مع الرحم، والجرذان التي خضعت لعملية جراحية زائفة، في حين كان للإزالة الجراحية للرحم فقط تأثيرًا سلبيًّا وملفتًا للانتباه على الذاكرة، و على كَمِّ المعلومات المُعالجة في وقتٍ واحد.
وبالنسبة لمعايرة الهرمونات في الدم؛ فقد قاس فريق البحث هرمون البروجسترون، والهرمون المنبه للجريب FSH، والهرمون اللوتيني LH، وكانت مستويات الهرمونات في المجموعة التي اُستئصِلَ الرحم منها فقط مختلفة عن مجموعة الجراحة الزائفة، على الرغم من امتلاك جرذان هاتين المجموعتين لمبايضها، وذكرت الدكتورة (Koebele ) من المعهد الوطني للشيخوخة:
"على الرغم من أن المبايض كانت متماثلة بنيويًّا في جميع المجموعات، ولكن نتائج المجموعة التي اُستئصِل الرحم لوحده كانت مختلفة، وبما أن الهرمونات تؤثر على كل من الدماغ ونظم الجسم الأخرى، فمن الممكن أن يؤثر هذا التغيير على مسار الشيخوخة المعرفية، وقد يخلق مخاطرًا صحيةً مختلفة".
ومن المعروف أن للمبايض والرحم اتصالات متكاملة فيما بينهما؛ ليقوما بالوظيفة الإنجابية، ولكن هناك روابط مباشرة بين الرحم والدماغ بواسطة الجهاز العصبي الذاتي (Autonomic Nervous System)، الذي ينظم الوظائف غير المرتبطة بالوعي كالتنفس، والهضم؛ وتُرجح نتائج هذه الدراسة إلى أن الرحم، والمبيض جزءٌ من نظام يتواصل مع الدماغ؛ من أجل وظائف كالإدراك، مما يوضح أهمية هذه الدراسة، ودورها في تعزيز واكتشاف النتائج الصحية المثلى للنساء.
تأمل (بيمونت نيلسون)، والكاتبة الرئيسة لهذه الدراسة، أن تُسلَّط هذه النتائج أضواءً كثيرةً على تأثير عمليات الضهي الجراحي على الدماغ، وأدائه لدى النساء، لتأثيره المهمِّ على منحى حياتهنّ؛ إذ تعمل حاليًّا في مختبرها (مختبر علم الأعصاب السلوكي المختص بدراسة الذاكرة،والشيخوخة، التابع لجامعة أريزونا الحكومية) على دراسة؛ ما إذا كان التراجع في الذاكرة بعد استئصال الرحم هو أمر مؤقت أم أمرعام.
في الختام نذكِّر أن البحث قد حصل على دعم تمويلي من المعهد الوطني للشيخوخة، ووزارة الخدمات الصحية في أريزونا، والمعاهد الوطنية للصحة، وجامعة أريزونا الحكومية.
المصادر: