الخلايا الجذعية علاج للصرع

بعد محاولات حثيثة من قِبل الباحثين والعلماء من أجل تصنيع دواء فعّال لمعالجة الصرع علاجًا جذريًّا دون حاجة المريض إلى تَكرار أخذ الدواء (يمكنك العودة إلى مقالات سابقة تتحدث عن الصرع بتفصيلٍ أكثر والعلاجات المتوفرة):

1- هنا

2- هنا

لجأ الباحثون إلى طريقة جديدة في العلاج عن طريق استهداف نوعٍ محددٍ من الخلايا الجذعيَّة البشرية المتعددة القدرات المحرِّضة induced pluripotent stem cells.

ويُعدُّ هذا العلاج علاجًا خلويًّا خاصًا بكل مريض على حدة لمعالجة حالات صرع الفص الصُّدغي، إلا أنّه لم تُختَبرْ فعاليَّة العلاج وتأثيره في الوظائف الإدراكية والذاكرة واضطرابات المِزاج والتخفيف من النوبات الصرعية العفوية المتكررة لدى الأشخاص المصابين بصرع الفص الصدغي المشاركين في تجربة العلاج.

ما الوسائل المستخدمة لمتابعة نتائج العلاج؟

عن طريق استخدام التسجيل لفعاليات الدماغ ونشاطه بتخطيط كهربائية القشرة المخيّة video- electroencephalographic recordings  ومجموعة من الاختبارات السلوكية لفئران التجربة، توصّل الباحثون إلى أنّ زرع السلائف التي تحدَّثنا عنها في بداية المقال ضمن تركيب الحصين الموجود في الدماغ بعد إصابة المريض بالحالة الصرعية  – وهو التركيب المسؤول عن الذاكرة القصيرة الأمد في الدماغ- أفاد في كبت حدوث النوبات العفوية المتكررة، وخففَ اضطرابات الإدراك التي تُرافق كثيرًا من الأمراض الصرعية، وأسهم كذلك في تخفيف اضطرابات الذاكرة والمزاج في المراحل المزمنة من صرع الفص الصدغي.

ما يثير الاهتمام حيال هذا العلاج هو أنَّ الخلايا المشتقَّة من الزرعة تمكّنت من الاستمرار، ولم تتراجع وهاجرت إلى مناطق مختلفة من نسيج الحصين الذي زُرعت ضمنه، وكذلك فإنها تمايزت إلى نوع خاص من التشابكات والدارات العصبية المثبِّطة التي تتسببت بدورها في تثبيط الشحنات الكهربائية المسببة للحالة الصرعية؛ بل أكثر من ذلك فإن الزرعات تواسطت العديد من الفعاليَّات الحامية للدماغ والعوامل المضادة للنوبات الصرعية antiepileptogenic في نسيج الحصين المضيف، وقد شهدت الحوادث البيولوجية التي تُحدث خسارةً في التشابكات العصبية تراجعًا واضحًا إضافة إلى تنامي عصبونات جديدة ونمو ضالٍّ لنسيج أشبه بالطحلب ضمن التلفيف المسنن Dentate Gyrus.

إن محاور الخلايا العصبية المشتقة من الزرعة graft شكَّلت مشابك مع الاستطالات العصبية لخلايا النسيج المضيف الاستثارية في التلفيف المسنن والحصين محقّفةً ترابطًا قويًّا بين الزرعة والمضيف عن طريق هذه المشابك الجديدة.

ما نتائج إصابة الحصين في الدماغ؟

إنَّ إصابة الحصين الناجمة عن حدوث الحالة الصرعيّة، يمكن أن تؤدِّي عادةً إلى إصابة المريض بصرع مزمن، ويظهر ذلك بحدوث حالات صرعيّة عفويّة متكررة تُحوِّل حياة المريض إلى معاناة حقيقية مترافقةً مع اضطرابات في المزاج والذاكرة، وعلى الرغم من أنَّ العلاج بالأدوية المضادة للصرع له دور قوي وفعَّال في معالجة الحالة الصرعية عند غالبية المرضى؛ لكن هذه الأدوية في النهاية تفشل في اجتثاث العامل المسبب للصرع أو وقف تطور الحالة إلى صرع الفص الصدغي عدا أن تناول أدوية الصرع على المدى الطّويل يؤدِّي إلى عديد من الآثار الجانبية مثل الدوخة والغثيان والصداع والرنح وغباشة الرؤية والرجفان.

ما محاسن هذا العلاج؟

لقد تلقَّى العلاج بالخلايا الجذعية اهتمامًا كبيرًا ومحاسن عديدة لأنه:

أولًا- كما هو معروف فإنّ تراجع التشابكات العصبية الخاصة بالناقل العصبي GABA له دور مرضي مهم في صرع الفص الصدغي، ولذلك فإن تحسين السيالات العصبية التثبيطية في بؤرة الاختلاج عن طريق زراعة خلايا متواسطة بالناقل العصبي GABA ذي الدور التثبيطي سوف يكبت النوبات العفويّة المتكررة.

ثانيًا- إن جميع الزرعات بعد الزرع ضمن النسيج المضيف، تتمايز إلى نوع أو صنف من التشابكات العصبيّة المتواسطة بالناقل العصبي GABA التي نجدها غالبًا في نسيج الحصين السليم.

ثالثًا- وُجد أن خلايا الزرعات تهاجر جيدًا ضمن نسج المضيف وتتشابك جيدًا مع دارات الحصين لتُحسِّن بذلك من النقل العصبي التثبيطي في الحصين وتكبح النوبات العفوية المتكررة.

ما النتائج الحاليَّة للعلاج بالزرعات؟

إن زرع الخلايا الجذعيّة الجنينية في الحصين بعد الإصابة بالحالة الصرعية Status Epilepticus أظهر فعاليَّةً في التقليل من عدد الاختلاجات في أثناء الطور المزمن للصرع، وكذلك فإنَّ مدى قدرة العلاج بالخلايا الجذعية على تثبيط النوبات الصرعيّة كان أعلى بوضوح عند استخدام الخلايا الجذعية المذكورة، وعلى صعيد آخر، فإنَّه لم يُجزَم بحجم فعاليَّة قدرة العلاج بزرعات الخلايا الجذعية المذكورة على تأمين راحة المريض تمامًا من الاختلاجات المتكررة العفويَّة على المدى الطويل، بالنظر إلى أن فترة المراقبة لنماذج التجربة باستخدام تسجيلاتٍ كهربائية للقشرة الدماغيّة دامت 5 إلى 10 أيام؛ إذ أوضحت هذه التسجيلات التأثيرات المثبطة للاختلاجات عند نماذج تجربةٍ كانت تعاني من اختلاجات متكررة عفوية تحصل على شكل مجموعات مفصولة بفترات متباينة الطول خالية من أي نشاط كهربائي شاذٍ ضمن التسجيلات السابقة، والأهم من ذلك فيما يخص التجارب السريرية؛ فإن الخلايا الجذعية المتعددة القدرات تُعدُّ نموذجًا ممتازًا قادر على التغلُّب على المشكلات المتعلقة بالأخلاقيات الطبية من ناحية وتُسهِّل تطبيق العلاج الذاتي لصرع الفص الصدغي.

المراجع:

هنا

هوامش:

الحصين: هو جزء من الدماغ في قاعدة القسم الأوسط منه، وهو جزء من الجهاز الحوفي ومسؤول عن التعلم والمكان الذي تتحوَّل فيه الذاكرة القصيرة الأمد إلى ذاكرة طويلة الأمد.

الرنح: انعدام التنسيق الإرادي لحركة العضلات.