التعليم واللغات > اللغويات
موجات دماغية تتزامن مع سرعة الكلام
هل سبق لك أن وجدت نفسك تنهي جملة شخص آخر على الرغم من أنك لا تعرفه جيدًا؟ لحسن الحظ فإن القدرة على التنبؤ بما سيقوله الآخرون ليست حكرًا على العلاقات طويلة الأمد. يعالج دماغنا جميع أنواع المعلومات لتوقُّع ما سيحدث، وتؤدي السرعة التي يتحدث بها المتكلم أو معدل الكلام دورًا مهمًّا. تغوص هذه الدراسة التي نُشرت في مجلة Current Biology عميقًا لمعرفة ما يحدث على المستوى العصبي، وتقول الباحثة (آن كوسيم): "أظهرت النتائج حركة عصبية تتنبَّأ بتوقيت عناصر الكلام المستقبلية بالاستناد إلى معدل الكلام السابق، وهذا يؤثر في عملية سماع الكلمات."
إيقاع الكلام والإدراك
وتضيف الباحثة: "طلبنا من مشاركين هولنديين الاستماع لجمل هولندية يتغير معدَّل الكلام فيها فجأة؛ إذ كانت مدةُ بداية الجملة إمَّا مقصَّرة وإما مطوَّلة، مما أدى إلى معدَّل كلام سريع أو بطيء، في حين كان معدَّل الكلام في الكلمات الثلاث الأخيرة طبيعيًّا." احتوت الكلمة الأخيرة من الجملة حرفًا صوتيًّا غير واضح، مثل الحرف الصوتي "أ" الذي قد يسمعه المشاركون إما "a" قصيرة وإما "aa" طويلة، وبذلك تبين أنَّ سرعة بداية الجملة يمكن أن تؤثر في الطريقة التي يسمع المشاركون بها هذا الحرف الصوتي غير الواضح، وهذا يؤدي إلى إدراك الكلمات بمعان مختلفة كليًّا. فعلى سبيل المثال، تدرَك الكلمة الغامضة في اللغة الهولندية غالبًا على أنها تحتوي حرفًا صوتيًّا طويلًا aa عنما تُنطق الجملة بسرعة في البداية (مثل كلمة taak وتعني "مهمة" بالصوت الطويل)، وتدرَك الكلمة على أنها تحتوي حرفًا صوتيًّا قصيرًا عندما يكون معدَّل الكلام في بداية الجملة بطيئًا (مثل كلمة tak "فرع" بالصوت القصير)، وذكر المشاركون كيف سمعوا الكلمة الأخيرة من الجملة، ثمَّ سجل الفريق نشاط دماغ المشاركين بواسطة تصوير الدماغ المغناطيسي (MEG) في أثناء استماعهم للجمل وتمكُّنوا من التحقق مما إذا كان النشاط العصبي متزامنًا مع معدل الكلام الأولي، وما إذا كان ذلك قد أثَّر في فهم المشاركين للكلمة الأخيرة من الجملة.
مثل ركوب الدراجة تمامًا
أظهرت الدراسة أن دماغنا يحتفظ بإيقاع الكلام السابق بعد تغيير معدل الكلام؛ فإذا تزامن مع معدل الكلام البطيء السابق، فإننا نسمع الكلمة الغامضة الأخيرة من الجملة غالبًا بحرف صوتي قصير "a"، وإذا تزامن مع معدل الكلام السريع السابق، فإننا غالبًا نسمع الكلمة الغامضة بحرف صوتي طويل "aa"، وتضيف الباحثة: "توصلت النتائج إلى أن تتبع حركة الكلام عصبيًّا هو آلية تنبؤية تؤثر مباشرة في الإدراك".
وتضيف الباحثة: "تخيل أن الدماغ مثل الدراجة الهوائية، تلفُّ العجلةُ بالسرعة التي تحددها الدواسة ولكنها تستمر بالدوران بعد برهة من استخدام الدواسة وذلك بالاعتماد على سرعة الدواسة السابقة. إنَّ هذا التزامن المستمر بين الموجات الدماغية ومعدل الكلام يساعدنا على التنبؤ بطول المقاطع الصوتية الآتية، مما يؤثر في معالجة الكلمات وسماعها."
بحوث أساسية مع إمكانيات مستقبلية
ويعتقد الفريق أن هذه النتائج قد تساعد الباحثين على تحسين إدراك الكلام في ظروف السمع المشوشة ولدى ضعاف السمع في المستقبل، وتُجري حاليًا دراسةُ متابعة اختباراتٍ لمعرفة ما إذا كان إدراك الكلمة قابلًا للتعديل مباشرة عن طريق تعديل نشاطِ الدماغ المذبذبِ بواسطة التحفيز بالتيار المتناوب عبر الجمجمة TACS.
المصادر:
الدراسات المرجعية:
هنا30922-9?_returnURL=https%3A%2F%2Flinkinghub.elsevier.com%2Fretrieve%2Fpii%2FS0960982218309229%3Fshowall%3Dtrue