الكيمياء والصيدلة > الآثار الجانبية
هل لديك حساسية للبنسلين؟ ربما عليك إعادة التفكير والتقييم
تنتمي البنسلينات إلى فئة الأدوية المضادة للبكتيريا التي تُسمَّى "صادات البيتا لاكتام"، وهي تعتمد في آلية تأثيرها على مهاجمة جدران الخلايا البكتيرية، وتشمل البنسلينات كلًّا من الأدوية الآتية: أموكسيسيلين amoxicillin، بينسلين ج penicillin G، أوكساسيلين oxacillin، نافسيلين nafcillin، ديكلوكاسيلين dicloxacillin، أمبيسيلين ampicillin، تيكارسيلين ticarcillin، بيبيراسيلين piperacillin.
فإذا كان لديك رد فعل تحسسي لنوعٍ واحدٍ من البنسلينات فقد تمتلك -وليس بالضرورة- ردَّ فعل تحسسي للأنواع الأخرى منه.
وتشمل أعراض التحسس للبنسلين الطفحَ الجلدي، والشرى، والحكة، والحمى، والتورم، وضيق التنفس، والصفير، وسيلان الأنف، وإدماع العيون، والتأَق*.
ووفقًا للسجلات الطبية؛ فإن واحدًا من كل عشرة مرضى لديه حساسية البنسلين، إلَّا أنَّ العديد منهم شُخِّصوا خطأً عندما كانوا أطفالًا، أو لم يعد لديهم حساسية لاحقًا.
وفي ذلك تقول الدكتورة إيريكا شنوي من مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن: "إن قرابة 32 مليون أمريكي لديهم حساسية البنسلين وفقًا لسجلهم، إلا أنَّ قرابة 95٪ منهم لا يعانونها حقًا". ويوافقها تقريرٌ صدر في JAMA في 15 كانون الثاني (يناير) يبين أنَّ معظم المرضى الذين أَبلغوا عن وجود حساسية للبنسلين ليس لديهم حساسية حقيقية للمضاد الحيوي، مما قد يتسبب بفقدانهم أفضل علاج لحالتهم نتيجة ذلك.
وتتابع إيريكا القول "إن وسم (متحسّسٌ للبنسلين) يؤثر في نوعية المضادات الحيوية المتاحة للمرضى، مما يؤدي إلى استخدام مضاداتٍ حيويةٍ بديلة وأقل فعالية في كثير من الأحيان، ويمكن أن يتعرض المرضى لمخاطر لا داعٍ لها، لذلك من المهم أن يعرف المرضى حالة التحسس الحقيقية لديهم".
وتتابع القول عبر بريدها الإلكتروني: "غالبًا ما يلجأ الأطباء لوصف ما نسميه (المضادات الحيوية الواسعة الطيف) عندما يعتقدون أنهم لا يستطيعون وصف عقار البنسلين أو أي عقارٍ آخر ذي صلة به، إذ يمكن لتلك الصادات أن تعالج المريض، إلا إنها تزيد من خطورة الإصابة بالعدوى، فضلًا عن إمكانية حدوث مقاومة للمضادات الحيوية".
لكن ما مصادر التشويش التي قد تخفي حقيقة هذه الحساسية؟
يجب التفريق بين الحساسية والآثار الجانبية للدواء كما في البنسلين وغيره من الأدوية، فتشمل الآثار الجانبية للبنسلين -وذلك اعتمادًا على نوعه- كلًّا من الغثيان الخفيف والإسهال والصداع والحكة المهبلية، وقد تُفسَّرُ علاماتُ العدوى المُعالَجة أو أعراضها أو أيّ أعراضٍ مستقلة أخرى خطأً على أنها تفاعلات تحسسية للدواء.
ووفقًا لمؤلفي الدراسة؛ فقد شُخِّص معظم المرضى الذين يعانون حساسيةً موثَّقة عندما كانوا أطفالًا بسبب طفح جلدي، يُرجَّح أنه عائدٌ لإصابةٍ فيروسية وليس لحساسية، أما أولئك الذين لديهم حساسية البنسلين الحقيقية فإنَّ قرابة 8 من 10 منهم لم يعد لديهم حساسية بعد فترة 10 سنوات.
هناك مصدرٌ آخرُ يشوِّش الحقيقة وهو اللغط بين مصطلحي "عدم التحمل" و"الآثار الجانبية للدواء" ضمن مصطلح "الحساسية" مع أنها لا تمثل الشيء نفسه.
يقول المؤلف كيمبرلي بلومنتال من كلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن "تشمل الحساسية الاستجابةَ المناعية التي تحدث عادةً مع كل تعرُّض للدواء، أما التأثير الجانبي أو الطفح الجلدي فيحدثان مرةً واحدة، ويشيع اعتقادٌ خاطئٌ آخر أيضًا؛ وهو أن حساسية البنسلين موروثة في العائلة، ففي حين أن هناك بالتأكيد أنواعًا من التفاعلات الدوائية التي يؤدّي العامل العائلي أو الجيني دورًا فيها، لكنَّ حساسية البنسلين ليست واحدةً منها".
إذًا، ما هو المطلوب الآن من المرضى؟
إذا كان لدى المريض أي تساؤلٍ في حساسية البنسلين لديه فعليه التحدث إلى طبيبه وطلب تقييمٍ جديد. وقد يكون اختبار الجلد مفيدًا للمرضى الذين لديهم سوابق شرى أو طفح جلدي أو تورم أو ضيق التنفس، فإذا كان اختبار وخز الجلد الأولي سلبيًّا يُجرى اختبار ثانوي داخل الأدمة يتضمن حقن البنسلين تحت الجلد وفحصه بعد 15-20 دقيقة، فإذا كان هذا الاختبار سلبيًّا أيضًا، يختبر الأطباء جرعة من البنسلين عن طريق الفم ويُراقب المريض لملاحظة ردة الفعل.
أما المرضى الذين لديهم ردات فعل "منخفضة الخطورة" مثل الصداع والغثيان والقيء والحكة أو تاريخ عائلي للحساسية؛ فلا تكون فحوصات الجلد ضرورية عندها وقد يبدأ الطبيب باختبار إعطاء المريض جرعة بنسلين فموية تحت المراقبة.
وفي الختام ننقل عن الدكتور ديفيد لانج من كليفلاند كلينيك في أوهايو قوله: "يجب أن نفعل ما بوسعنا لإزالة الوسومات الخاطئة عن حساسية البنسلين، لأنَّ ذلك سيؤدي إلى نتائج أفضل في الرعاية الصحية."
*التأق: مصطلح لوصف حالة الحساسية المفرطة التي تسبب رد فعل تحسسي شديد قد يودي بحياة المتحسس وتنشأ في أثناء دقائق من التعرض إلى مولِّد الحساسية.
مصادر المقال