التعليم واللغات > اللغويات
الأطفال الصُّم..ولغة الإشارة
في العديد من لغات الإشارة عندما يستخدم الأشخاص الصُّم لغة اليد للتعبير عن الأدوات يكون هناك احتمال لإشارتين: الأولى تمثِّل الحدث مصحوبًا بالأداة والأخرى تمثِّل شكل هذه الأداة، فهل هذه التشابهات المختلفة مهمة للأطفال الصُّم الذين يتعلمون لغة الإشارة؟
أظهرت دراسة أجراها باحثون من جامعة (رادبود) ومعهد (ماكس بلانك) لعلم اللغة النفسي أنها حقًّا مُهمة.
يحتاج الأطفال الذين يتعلمون لغة منطوقة إلى ربط تسميات وعلامات اعتباطية بالشيء الذي يشيرون إليه، فعلى سبيل المثال يجب أن يتعلموا أنَّ كلمة "قلم" تشير إلى شيء يُستخدم في الكتابة، ومع ذلك لا يوجد شيء في الكلمة نفسها يدل على هذه المعلومة. يختلف الوضع عند الأطفال الصُّم الذين يتعلمون لغة الإشارة؛ لأن بعض العلامات التي تشيرُ إلى الأشياء تُمثِّل شكل الشيء أو كيفية التعامل معه، في لغة الإشارة التركية (Türk İşaret Dili (TİD على سبيل المثال، كلمة "قلم" لها شكلان محتملان: الشكل الحركي الذي يُظهِر كيفية التعامل مع القلم، والإدراكي الذي يُظهِر شكلَ القلم الطويلَ الرفيع.
نمط الأيقونات واكتساب لغة الإشارة
الإشارتان كلتاهما تحملان سمة الأيقونات، وهذا يعني أنَّها تشبه بعض خصائص الشيء الذي تشيران إليه. يشرح (جيراردو أورتيغا) مؤلف الدراسة الأول قائلًا: على الرغم من ذلك، يختلفُ نوع الأيقونة لأن إحدى الإشارات تُشبه الفعل المطبَّق على الشيء، ويُصوِّر الإجراء الآخر شكلَ هذا الشيء. أراد الباحثون البحث فيما إذا كانت الأنواع المختلفة من الأيقونات ستملك تأثيرًا في تعلُّم لغة الإشارة.
هناك نوعان من إشارات الأيقونات للإشارة إلى القلم في لغة الإشارة التركية: الشكل الحركي وهو يمثِّل شخصًا يكتب، والشكل الإدراكي ويمثِّل شكل القلم، سافر الباحثون من أجل إجراء الدراسة إلى إسطنبول في تركيا واختاروا 48 شخصًا من الصُّم منهم 20 طفلًا و28 بالغًا، وهي واحدة من أكبر العينات التي جُمعت لدراسة اكتساب لغة الإشارة. كان على المشاركين أن يصِفوا صورًا يوجد فيها شيئان لهما فعل وعلامة إدراكية مرتبطة بهما مثل: قلم في فنجان، أظهر الأطفال تفضيلًا واضحًا للعلامات التي تقلِّد فعل الكتابة عند الإشارة إلى القلم، لكن البالغين فضَّلوا استخدام العلامة التي تشير إلى شكل القلم، والاستثناءات من ذلك هي المحادثات بين الأطفال وأولياء أمورهم لأنهم كانوا أكثر ميلًا إلى استخدام الإشارة الدالة على الفعل.
الصلة بين تعلُّمِ الإشارات والنظامِ الحركي
كيف يمكن تفسير هذه الاختلافات؟ يعتقد الباحثون أن الأطفال لديهم انحياز لتعلم علامات تمثل الأفعال الجسدية لأنه يمكن ربطها بسهولة بمعرفتِهم الحركية الخاصة، يقول (أورتيغا) إنه من الأسهل على الأطفال تكوين ارتباطات بين الإشارات والأشياء التي تشير إليها بسبب خبرتهم في التفاعل مع الأشياء. على الرغم من أن مقدمي الرعاية يعرفون الشكل الإدراكي ويستخدمونه بانتظام، هم يفضلون الإشارات عند التواصل مع أطفالهم لأنهم يتكيفون مع ما يفضل أطفالهم استخدامه. تُظهر هذه النتائج -على عكس البحوث السابقة عن اكتساب لغة الإشارة- أن تطوير مفردات اللغة المنطوقة ولغة الإشارة قد يتبع مسارات مختلفة، وتؤكد هذه الدراسة أيضًا أن سماتِ الأشياء الاعتباطيةَ قد تكون مُرتبطة بتجاربنا الجسدية أكثر مما كنا نظن سابقًا، وأننا لن نكتشف هذا التأثير بسهولةٍ عبر النظر في تطور اللغات المنطوقة فقط.
المصادر: