التعليم واللغات > اللغويات
التحديات التي يواجهها الأطفال ثنائيو اللغة
تقترح إحدى الدراسات حلًّا عمليًّا بخصوص التحديات التي يواجهها الأطفال ثنائيو اللغة، وقد حقق الباحثون إنجازًا كبيرًا في تقييم تطور اللغة لدى العائلات ثنائية اللغة وتحديد الأطفال الذين يحتاجون إلى دعم إضافي لتحسين قدراتهم ومهاراتهم اللغوية، وفي خلال دراسة مدتها ثلاث سنوات شملت تسع جامعات في المملكة المتحدة، قابل الباحثون 400 أسرة لديها أطفال في سنِّ السنتين يتعلمون اللغة الإنكليزية بالإضافة إلى واحدة من ثلاث عشرة لغة شائعة.
تمكن الباحثون أول مرة من إثبات أن الأطفال الذين يتعلمون الإنكليزية ولغةً قريبة منها صوتيًّا أو قواعديًّا (كالهولندية أو الألمانية) يعرفون كلمات أكثر من اللغة الثانية مقارنة بمن يتعلمون لغات بعيدة كالمندرين الصينية أو اليونانية.
استخدم فريق الباحثين النتائج التي توصل إليها من أجل إيجاد أول أداة تقييم واختبارها لمساعدة الاختصاصيين في مجال الصحة على تقييم تطور المهارات اللغوية عند الأطفال ثنائيي اللغة بدقة. أُجري البحث بالتعاون مع جامعات (أوكسفورد) و(ليفربول) و(كينت) و(بيرمنغهام) و(بانغور)، وأكاديميين من جامعات (كوفينتري) و(إيست أنجليا) و(إيسكس)، بقيادة جامعة (بليموث)، ونُشر البحث في منشورات جمعية الأبحاث الخاصة في مجال تنمية الطفل Monographs of the Society for Research in Child Development.
أشار تقرير البحث إلى أن نحو 20% من الأطفال في المملكة المتحدة -ممن هم في سن الدراسة- ثنائيو اللغة، ويمكن أن تؤثر هذه النتائج تأثيرات كبرى في الشباب على الصعيدين الشخصي والمهني فضلًا عن تداعياتها على نظامي التعليم والصحة الوطنيين.
تقول مديرة المشروع د. (كارولين فلوتسيا)، الأستاذ المساعد في علم النفس في جامعة (بليموث): "اللغة هي أساس نموِ الطفل المتجانسِ، ومعرفة الطفل لأكثر من لغة أصبحت الآن معيارًا في جميع أنحاء العالم، ولدى غالبية الأطفال ثنائيي اللغة تطورٌ متأخر في كل لغة بالمقارنة مع الأطفال أحاديي اللغة، مما قد يؤثر فيهم وفي أقرانهم عندما يلتحقون بالمدرسة، ولذلك نقترح أول حل عملي لحل المشكلات التي تواجه الأطفال ثنائيي اللغة، فكلما أبكرنا في تحديد هذه المشكلات وعلاجها زادت احتمالية الوصول إلى نتائج إيجابية للأطفال ومستقبلهم".
في الوقت الراهن يُطلب من الأطفال في سنِّ السنتين أن يخضعوا لتقييم صحي بغية مراقبة مدى تطورهم، ويأمل الباحثون باعتماد "التقييم الخاص بالأطفال الصغار البريطانيين ثنائيي اللغة" UKBTAT مكونًا أساسيًّا في التقييم الصحي، ويمكن أن يستخدمه على نطاق واسع مختصو الصحة، من ضمنهم معالجو النطق واللغة، والمختصون الاجتماعيون، ومختصو علم النفس في المجال التربوي، وأطباء الصحة العامة.
يتضمن تقييم UKBTAT قائمة من الكلمات الإنكليزية المستخدمة في الحياة اليومية يحددها الوالدان إذا كان طفلهم يعرفها أو يستطيع قولها، ويتضمن أيضًا قائمة شبيهة من تلك الكلمات في اللغة الإضافية. ويتضمن التقييم كذلك ما يسمى "استبانة التعرُّض للغة" (Language Exposure Questionnaire (LEQ التي يملؤها طبيب الصحة العامة بمساعدة الأهل، وتقيِّم هذه الاستبانة نسبةَ الوقت الذي يقضيه الطفل في البيئة الناطقة باللغة الإنكليزية مقارنة مع اللغة الأخرى. يعالج الأنموذجُ الإحصائي الخاص بالتقييم هذه الإجابات لإعطاء نتيجة تُظهر مستوى الطفل فيما يتعلق بمتوسط الكفاءة اللغوية على نطاق المملكة المتحدة، وهذا سيسمح للأطباء بتحديد الأطفال الصغار ثنائيي اللغة الذين قد يحتاجون إلى دعم إضافي فيما يتعلق بتطور لغتهم، وهو أمر لم يكن ممكنًا حتى الآن.
ويقول البروفيسور (كيم بلانكيت)، الأستاذ في قسم العلوم المعرفية في جامعة (أكسفورد) والأستاذ المساعد في المشروع: "إن الاستفادة من معرفة الأهل لنمو طفلهم أصبح شيئًا لا غنى عنه في أدوات التقييم الخاصة بعلم نفس النمو في السنوات الأخيرة. يوسِّع هذا البحث المنهجيةَ لتشمل التطور اللغوي لدى ثنائيي اللغة، ويمنح مقدمي الرعاية والأهل أدوات تقييم سهلة الاستخدام وقادرة على تحديد احتمالية حدوث تأخر لغوي عند الأطفال ثنائيي اللغة في سنِّ السنتين، وقد منح هذا المشروع الباحثين في مجال التطور اللغوي لدى ثنائيي اللغة أفكارًا جديدة بخصوص تطوُّر عقل ثنائيي اللغة".
وتقول البروفيسورة (كارولين رولاند)، مديرة قسم تطور اللغة في معهد (ماكس بلانك) لعلم اللغة النفسي والمشارِكة في المشروع: "أتى هذا العمل في الوقت الأنسب، فقد نشرت وزارة التعليم للتو الخطة الوطنية لتحسين انتقال الشباب بين الطبقات الاجتماعية، وهدف هذه الخطة هو إغلاق الفجوة اللغوية التي تتسع بين الأطفال الذين يعيشون في ظروف اجتماعية صعبة على اختلاف درجاتها، إذ تُوفِّر هذه الدراسة الجديدة والأدوات المرتبطة بها لمقدمي الرعاية والأهل والباحثين موردًا ثمينًا في نطاق العمل الضروري من أجل تحسين فرص الحياة للأطفال في المملكة المتحدة".
المصدر: