الطبيعة والعلوم البيئية > ألـبومـات
أعظم كوارث التاريخ.. عندما تغضب الطبيعة
ليستِ الحروب والأوبئة وحدها من يحصد أرواح البشر دون حساب؛ بل إنَّ هناك من يفوقها جبروتاً وقوةً وحصاداً لكلِّ ما يدبُّ على وجه البسيطة. إنها الكوارث الطبيعية التي لم يعترضها أي شيء منذ الأزل، فقضت على حضارات عريقة لا تزال محفوظةً في ذاكرة التاريخ البشري على مرِّ العصور. تعرَّفوا معنا في هذه الجولة المصورة أكثر الكوارث الطبيعية عنفاً ودموية ودماراً.
زلزال حلب 1138 م
في 11 تشرين الأول عام 1138م؛ بدأتِ الأرض تحت مدينة حلب بالاهتزاز مُنبِّئةً بما قد يصفه المؤرِّخون كأحد أعنف كوراث الطبيعة؛ إذ مُحِيَت جميع معالم المدينة العريقة ببيوتها وقلعتها نتيجة الزلزال الهائل الذي أصابها، والذي خلَّف -وفقاً لتقديرات مُؤرِّخي القرن الخامسَ عشر- ما لا يقلُّ عن 230 ألف ضحية. ولا تزال هناك شكوك فيما يخصُّ هذه التقديرات حسب ما ورد في حوليَّات الفيزياء التي تقول بأنَّ من الممكن أنْ يكون المؤرخ قد أخطأ بين زلزال حلب وزلزال آخر وقع في جورجيا.
زلزال هاييتي 2010 م
إذا كان هناك خطأ في تقدير حجم الدمار الذي خلَّفه زلزال حلب؛ فإنَّ زلزال هاييتي -7 درجات على مقياس ريختر- الذي حدث في 12 كانون الثاني عام 2010م سيُصنَّف في خانة الكوارث الطبيعية الأكثر دموية في التاريخ. ولا يزال تقدير عدد ضحايا الزلزال موضع شكّ؛ إذ قدَّرت حكومة هاييتي عددَ الضحايا بعد سنة من وقوع الكارثة بـ 230 ألف ضحية، وارتفع هذا الرقم إلى 316 ألف ضحية في كانون الثاني عام 2011م حسب تقدير السلطات المعنية.
ولكن بيَّنت دورية الطب والنزاعات والحياة -في عددها المنشور عام 2010- أنه يُقدَّر العدد بـ 160 ألف وفاة، في حين ادَّعى تقرير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID أنَّ العدد يتفاوتُ بين 45 ألف إلى 85 ألف ضحية.
إنَّ التفاوت في تقدير عدد الضحايا في التقديرات آنفة الذكر يُظهر صعوبةَ التقدير الدقيق لحجم مثل هذه الكوارث، ناهيك عن الخلافات السياسية التي قد تُؤدِّي دوراً فيها، وعن مصلحة الحكومة الهايتية في رفع عدد الضحايا بهدف الحصول على حجم أكبر من المساعدات الدولية.
زلزال المحيط الهندي وتسونامي 2004 م
تُوزَّعُ الضحايا في الزلزال الذي حدث تحت البحر قبالة الساحل الغربي لجزيرة سومطرة على 14 بلداً، وتفاوت عدد ضحايا الزلزال الهائل (9.3 درجة على مقياس ريختر) حسب التقديرات بين 230 ألفاً و280 ألف ضحية، وبلغت شدَّة الزلزال في إندونيسيا شدَّة سبَّبتِ الضرر الأكبر؛ إذ ارتفع الموج إلى ما يُقارب 30 متراً، وسُجِّل فيه أكبر عدد من حالات الوفاة والفقدان (162,473 ضحية، إضافة إلى 93,943 مفقوداً وفقاً للتقديرات الحكومية الرسمية)، تلتها سيريلانكا بما مجموعه 36,594 ضحية ومفقوداً.
زلزال هاييوان في الصين 1920 م
في 16 كانون الأول عام 1920م؛ ضرب زلزال قويٌّ (7.8 على مقياس ريختر) مقاطعةَ هاييوان وسط الصين، وقد لقيَ ما يُقارب 273400 شخص حتفَهم في هذا الزلزال، ودُفن معظمهم في شقوق الانهيارات الأرضية التي سبَّبها الزلزال، وذلك وفقاً لدراسة صدرت عام 2010 في الذكرى التسعين للكارثة. وقالت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكي USGS أنَّ أثر الزلزال قد امتدَّ من البحر الأصفر حتى مقاطعة شنغهاي على هضبة التبت، وكذلك أظهرت السجلات الوطنية لدراسات الغلاف الجوي والمحيطات NOAA بأن الزلزال قد دمَّر أربع مدن وتسبَّب في دفن عديد من البلدات والقرى تحت سطح الأرض.
زلزال تانغشان عام 1976 م
في الساعة 3:42 من صباح يوم 28 تموز عام 1976 م؛ تعرَّضت مدينة تانغشان الصينية الصناعية ذات المليون نسمة إلى زلزال عنيف بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر، وقد تحدَّثت التقديرات عن 255000 ضحية و700000 جريح، وذلك وفقاً لـ (An Anatomy of Disaster (Pergamon Press, 1988. وقد دُمِّرت العديد من المنازل، وحصل 150 ألفاً من السكان على منازل جديدة في السنوات الستِّ التي عقبت الزلزال.
زلزال أنطاكية 526 م
لم يكن سهلاً تقدير عدد ضحايا زلزال أنطاكية الكارثي عام 526م، ولكن قدَّر المُؤرِّخ John Malalas المعاصر للمرحلة أنه ما لا يقل عن 250000 من الناس قد لقوا حتفَهم في أثناء الكارثة في أيار من تلك السنة، ولكن وفقاً لإحدى الأوراق المنشورة في دورية تاريخ العصور الوسطى؛ فإن حجم الكارثة قد يفوق هذا العدد نظراً إلى تزامن الزلزال مع أشدِّ أوقات السنة ازدحاماً بالسيِّاح الذين أتوا من أجل الاحتفال بيوم الصعود.
إعصار الهند 1839 م، وإعصار هايفونغ 1881 م
ضرب إعصار كورنيجا مدينةَ كورنيجا الهندية الساحلية في 25 تشرين الثاني مُسبِّباً أمواجاً بارتفاع 12 متراً، ووفقاً لمركز بحوث الأعاصير التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي NOAA؛ فقد دُمِّر ما يُقارب 20 ألفاً من السفن والقوارب، وحُصدت أرواح ما لا يقل عن 300 ألف شخص. وقد حاز إعصار هايفونغ مع إعصار كورينجا المرتبةَ نفسها في عدد الضحايا؛ ذلك الإعصار الذي حدث في مدينة هايفونغ الفيتنامية في 8 تشرين الأول عام 1881 م.
إعصار بهولا 1970 م
أُزهقت عشرات الآلاف من الأرواح في إعصار بهولا في 12 تشرين الثاني عام 1970؛ وقد حدثت الكارثة (ذات ارتفاع الموج 20 متراً) في شرق باكستان -بنغلاديش اليوم- مُتَّجهةً نحو الأراضي المنخفضة المُتاخمة لخليج البنغال، مُتسبِّبةً بفيضان واسع النطاق. وقد بيَّن تقرير المركز الوطني للأعاصير الصادر عام 1971 وإدارة الأرصاد الجوية الباكستانية صعوبةَ تقدير عدد الوفيات، ولا سيَّما مع وفود العمالة الموسمية التي كانت في المنطقة آنذاك لحصاد الأرُز، ولكن أقرَّت معظم التقديرات بأنَّ 300 ألف إلى 500 ألف شخص قد فقدوا حياتهم في أثناء الإعصار.
زلزال شانشي 1556 م
في 23 حزيران عام 1556م؛ تعرَّضت مقاطعة شانشي في الصين إلى أكثر الزلازل دمويةً ودماراً في التاريخ، ويُسمَّى الزلزال (زلزال جيا جنغ العظيم) أيضاً نسبةً إلى الإمبراطور الصيني الذي زامن حدوث الكارثة عهده. وقد دمَّر الزلزال مساحةً تُقدَّر بـ 1000 كيلو متر مربع من البلاد وفقاً لمتاحف العلوم في الصين، ودُفِن زهاء 830 ألفاً من الناس تحت أنقاض بيوتهم، عدا عن الحرائق التي اشتعلت عقب الزلزال. وقد قُدِّرت درجة الزلزال وفقاً لدراسات الجيوفيزيائيين في العصر الحديث بـ 8 درجات على مقياس ريختر.
فيضان النهر الأصفر 1887 م
كان النهر الأصفر Huang He يجري مُتدفِّقاً في منطقة تعلو معظم الأراضي المأهولة حوله في أواخر الثمانينيات من القرن التاسع عشر، وأُقيمت عليه مجموعة من السدود لتمنع فيضان مياهه في الأراضي الزراعية وسط الصين. ولكن مع مرور الزمن؛ ازداد منسوب الطَّمْي والرسوبيات في هذه السدود؛ ما أدَّى إلى ارتفاع مناسيب المياه في النهر، ومع العاصفة المطرية الشديدة في أيلول عام 1887 انهارَت هذه السدود مُُتسبِّبةً بغمر 12,949 كيلو متر مربع وفقاً لموسوعة الكوارث؛ كوارث بيئية ومآس إنسانية Greenwood Publishing Group, 2008. وقد أسفر هذا الفيضان عن مقتل أكثر من 900 ألف شخص.
فيضانات الصين الوسطى 1931 م
تُوصف فيضانات الصين الوسطى التي حدثت في شهرَي تموز وآب عام 1931م بأنها أعظم كوارث التاريخ على الإطلاق؛ إذ فاض فيها نهر اليانغتسي the Yangtze River على ضِفافه بسبب ذوبان ثلوج الربيع مُتزامناً مع هطول مطري كثيف (ارتفع منسوب معظم الأنهار مُتضمنة النهر الأصفر)؛ وذلك وفقاً لـ "The Nature of Disaster in China: The 1931 Yangzi River Flood" (Cambridge University Press, 2018)، فإنَّ الفيضان قد غمر مساحةً تُقدَّر بـ 180 ألف كيلو متر مربع مُحوِّلاً نهر اليانغتسي إلى بحيرة كبيرة. لقد تفاوتت تقديرات حجم الكارثة؛ ولكن تحدَّثت الإحصاءات الحكومية بأنَّ عدد الضحايا اقترب من المليونين، في حين تحدَّثت تقديرات أخرى عن رقم أكبر يُقارب الـ 3.7 مليون ضحية.
المصدر: