الاقتصاد والعلوم الإدارية > موارد بشريّة
هل يعدُّ الموظفون أهمَّ موارد الشركة؟
يعود سبب التباين بين أهمية الموظف للشركة وسهولة التخلي عنه بالأساس إلى خصوصية المحاسبة!
أجل المحاسبة؛ إذ يظهر موظفو الشركة في القوائم المالية بوصفهم تكلفةً وليس استثمارًا، فإذا كانت الشركة توظف 100 من العباقرة ستكون إجراءات المحاسبة والتعامل معهم هي الطريقة نفسها فيما لو كانت توظف 100 من الحمقى.
إنَّ تبنِّي مثل هذا النهج يقلل من أهمية المعرفة التي يتمتع بها الموظف ودوره في نجاح الشركة وتعزيز ربحيتها، ثم إنه يتجاهل الأثر المترتب على فقدان خبرة الموظف ومهارته عند مغادرته الشركة.
هل يمكن تغيير هذا النهج؟
من وجهة نظر محاسبية، عندما اعتمد هذا النهج كان هذا بناءً على افتراضين أساسيين:الافتراض الأول يقوم على أنَّ الموظف كيانٌ ذو حركة دائمة؛ فعندما يغادر الموظف الشركة مساءً ويعود في صباح اليوم التالي، كيف يمكنك إعطاء قيمة محاسبية له كأكثر أصول الشركة قيمةً في حين أنه يتجول في شوارع المدينة الغامضة في الليل!؟
تاريخيًّا؛ كان هذا هو السبب وراء دفع رواتب الموظفين أسبوعيًّا، ثم شهريًّا. كان هذا للتأكد من أنهم سيعودون إلى الشركة في صباح اليوم التالي.
أما الافتراض الثاني يقوم على أنَّ الموظف ليس ملك الشركة، وعليه لا يمكن المحاسبة عنه كأصلٍ بطريقة المحاسبة عن الآلات والمباني نفسها.
أما من وجهة نظر اقتصادية؛ يفضل العديد من الاقتصاديين استخدام مصطلح "رأس المال البشري". لكن الواقع يقول عكس ذلك؛ فهذه ليست الطريقة التي يُنظَر فيها إلى الموظفين لدى تقييم الشركات؛ إذ يفضل المستثمرون الشركات التي لديها أقل عددٍ من الموظفين.
على سبيل المثال، تبلغ القيمة السوقية لشركة غوغل 576 مليار دولار وتوظف 72,000 شخص، وتبلغ قيمة فيسبوك 390 مليار دولار وتوظف 15,700 شخص. وفي المقابل تبلغ قيمة شركة جنرال موتورز 56 مليار دولار وتوظف 215,000 شخص، وفورد التي توظف 99,000 شخص تبلغ قيمتها السوقية 49 مليار دولار فقط.
ولكن هل المقصود "برأس المال البشري" عدد الموظفين أم الخبرات والكفاءات التي يتمتعون بها؟ أشار (بيل غيتس) إلى ذلك عندما قال:
"ما الذي ستحققه شركة مايكروسوفت إذا بيعت دون موظفيها، دولار واحد!؟"ومع ذلك نجد أنه عندما تقلص شركةٌ ما حجم القوى العاملة لديها، يعدّ السوق أنها تخفض تكاليفها وبهذا ترتفع أسعار أسهم الشركة وقيمتها السوقية، مع أن الواقع يشير إلى أن الشركة تفقد الكثير من الكفاءات الإدارية والمهارات الشخصية للموظفين وعليه يجب أن تصبح أقل قيمة.
في الختام ليس الجانب المالي هو الجانب الوحيد الذي يجب مراعاته عند الحديث عن قيمة الموظفين وتقديرهم،
فهناك قيمة تنبع من الثقافة المتبادلة بين الشركة وموظفيها التي تُمثِّل قواعد مكتوبة وغير مكتوبة للعلاقة بين الشركة وموظفيها، والقائمة على الشعور بالاحترام المتبادل والترابط الفكري والعاطفي الذي يتخلل كل مستوى من مستويات الشركة.
المصدر: هنا